• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : [القافِلُون]! [٥] والأَخِيرة .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

[القافِلُون]! [٥] والأَخِيرة

   و [القافِلون] موجودُونَ في كلِّ مكانٍ، في الحَوزةِ والجامعةِ وفَوقَ المِنبر وفي السِّياسةِ والثَّقافةِ والفكر وفي كلِّ مكانٍ.
   وعلى اختلافِ خلفيَّاتهِم الدينيَّة والمذهبيَّة والإِثنيَّة والفكريَّة والسياسيَّة والحزبيَّة والفلسفيَّة.
   ولذلك شهِدت الأَزمة الأَخيرة في البِلادِ عمليَّة إِنتحار جماعيَّة، قِيميَّة وأَخلاقيَّة على حدٍّ سَواء.
   هُمُ [العِصي] التي توضَع في عجلةِ الإِبداعِ والتَّحديثِ العقلي على وجهِ الخصُوصِ.
   [القافلُون] مُتشرنِقونَ بالخطُوطِ الحمراء التي ينسجونها في مُخيَّلتهِم والتي تستند إِلى مُقدَّسات مُزيَّفة يتمترسُون خلفها كذريعةٍ لرفضِ الإِختلاف والرَّأي الآخر.  
   فإِذا كتبتَ فكرةً إِتَّهمكَ [القافلونَ] أَمَّا إِذا كرَّرها [عجلٌ سمينٌ] تحوَّلت إِلى آيةٍ يتعبَّدونَ بها وإِلى إِستراتيجيَّة [تاريخيَّة] يستقتلُونَ دفاعاً عنها.
   فبالنِّسبةِ لهُم لا تُعدُّ الفِكرة ذا أَهميَّة إِذا لم ينطِق بها [القائد الضَّرورة].
   كلُّ همِّهم هو حماية السُّدود الوهميَّة التي بنَوها حَول عقولهِم من الإِنهيار وحِماية الأَقفال التي أَغلقُوا بها عقولهُم من أَن يفتحها المتنوِّرون الذين قرَّروا إِضاءة الطَّريق المُظلم وفتح السُّدود ليجري الماءَ الزَّلال في عرُوقِ القلوبِ لتُورقَ علماً ومعرفةً.
   و [القافلُون] هُم أَنفسهم الذين سيُخاطبُون الإِمام المُنتظر (عج) عند ظهُورهِ بقولهِم [لا حاجةَ لنا بكَ يابن بنتِ رسولِ الله (ص)] لأَنَّهُ سيأتي بدينٍ جديدٍ، كما في الرِّوايات، لشدَّة إِختلافهِ مع ما درجُوا عليهِ.
   و [القافلُون] كالببغاوات يكرِّرونَ الكلام ولا يجتهدُونَ أَو يُبدعُون! ويسيرُون في الطَّريق المرسُوم كالحَيواناتِ التي حدَّدُوا لها مسارها باللِّجام.
   وما أَكثر البِغال الرَّافسة بلسانٍ في هذا الزَّمان! على حدِّ وصف صديقٍ صدُوقٍ.
   يرفضُون حتَّى الإِصغاء فضلاً عن الحِوار والمُناقشة، لأَنَّ الإِصغاء قد يُغيِّر قناعاتهُم وهو أَمرٌ مُستحيلٌ عندهُم لأَنَّ تغيير القناعات ينتهي بتغييرِ المنهج والرَّمزيَّة والمرجعيَّة السياسيَّة والفكريَّة في أَغلبِ الأَحيانِ، ولذلكَ لم تُصغِ قُريش لرسولِ الله (ص).
   لنقرأَ قولَ الله تعالى {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}.
   حروبهُم كلَّها بالنِّيابة، وهم يخلقُون الفَوضى والبلبلة حتَّى لا يقرأَ أَحدٌ، ويُشغلُون الرَّأي العام بتفاهاتهِم، ويقودُونهُ للفَوضى.
   لنقرأَ قولهُ تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.
   و [القافل] مُبرمج وهو ضدَّ ما يُعرف بالعَصف الذِّهني الذي هو ضروريٌّ جدّاً لإِثارة العقل والنِّقاش العلمي والحِوار المنطقي الهادِف إِلى التَّنوير والتَّجديد الفكري، والذي يعتمد على المُبادرات الشُّجاعة لإِقتحام اللَّامُفكَّر فيهِ أَو الدَّوائر الضيِّقة والخطُوط الحَمراء الوهميَّة.
   وهو يرفض الفِكرة ويُحارب الرَّأي ويتهجَّم على التَّعبير، فمشكلتهُ ليست مع الفِكرة فقط وإِنَّما حتَّى مع التَّعبير ولذلك فهو يرفُض حريَّة التَّعبير بقدرِ رفضهِ للفكرةِ الجديدةِ والرَّأي الآخر.
   هو يقرأُ غلطاً فيستنتجُ غلطاً فيحكمُ غلطاً، وهؤُلاء هم [دواعش] الفكر المتنوِّر والرَّأي الحُر.
   نصيحتي أَن لا تكتُبَ للجدليِّين لأَنَّهم يستنزفُوك ولا يدعُوك تفكِّر بشكلٍ سليمٍ وبالتَّالي ستُقزِّم نفسكَ وتحتفظ بمستوىً واحدٍ من الفكر والثَّقافة والمَعرفة.
   يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ دَيْدَناً لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ}.
   [القافل] يرفض أَن نُجري المُناقشة على الأَقل، ولذلكَ فالجِدال مع [القافل] بمثابة حربَ استنزافٍ لا ينبغي أَن يتورَّط بها عاقل.
   هو يرفضُ أَن يتدخَّل أَحدٌ في سياسات [الزَّعيم] لأَنَّهُ يتصوَّر أَنَّهُ يعرف ما يفعلهُ فلا حاجةَ لمَشورةٍ أَو رأيٍ.
   وعلى مرِّ التَّاريخ فإِنَّ [القافلين] هُم حطب نيران الحرُوب المُستعِرة ضدَّ المُتنوِّرين والمُجدِّدين.
   ولولا إِصرارُ المُتنوِّرين على مُواصلة المِشوار مهما كانَ الثَّمن لتوقَّفَ الفكر واغتيلَ الإِبداع عندَ ساعةِ الماضي.
   ولذلك فإِذا تصفَّحنا أَوراق التَّاريخ فسنجد أَنَّهُ وفي كلِّ مرَّةٍ ينتصرُ التَّجديد على التوقُّف والتَّنوير على الظُّلاميَّة والمتنوِّرُون على القافلينَ.
   ٢٣ شباط ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=142014
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 02 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18