• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  اسباب تأخر قيام الدولة العالمية. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

 اسباب تأخر قيام الدولة العالمية.

 💦 ما اكثر هؤلاء الفاشلين في زمننا الحاضر الذين يقودون دول وحكومات ويتحكمون بمصائر شعوبها فأوصلوا أممهم إلى الحضيض وبدلا من النعيم أسسوا لهم دولة الجحيم الكبرى. أليس ما نراه اليوم من مآسٍ تمر بها البشرية دليل على ظهور دولة الفاشلين المحبطين وأن جيش الفشل بدأ يتعاظم ويكبر تمهيدا لظهور فاشلهم الأكبر (الدجال) الذي يجمع كل عقول الفاشلين ليؤسس لهم دولة الاحباط والفشل الأكبر التي بدأت ملامحها تلوح في الافق القريب والتي هي من اهم علامات ظهور دول العدل الإلهي.

💦 مائة وأربعة وعشرون ألف نبيا ورسولا بعثهم الله لمساعدة البشر وانتشالهم مما وصلوا إليه. ومن بين هذا العدد الهائل كانت هناك خمس محاولات حاول فيها الله تعالى عبر (أولي العزم من الرسل) أن ينقذ البشرية من مصير أسود كانت تسعى إليه بأرجلها، وفي كل محاولة كان النبي هو الضحية مع اعتراف هذه الامم بصدق ونزاهة وعدالة هؤلاء الأنبياء حيث نرى ذلك واضحا في كثير من السور ومنها سورة هود الاية (62) : ( قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّا اتنهانا أن نعبدَ ما يعبدُ آبائنا).
💦 فقد كان صالح شريفا مرجوا في قومه ما دام لم يمس مصالحهم الشخصية.

وفي سورة الأنبياء : (وزكريا ويحيى: إنهم كانوا يُسارعون في الخيرات). فلم ينفعهم اسراعهم في الخيرات فكذّبوهم وقتلوا يحيى قتلة شنيعة حيث اهدوا رأسه إلى بغيّ من بغايا اليهود.

💦 وفي سورة هود: (قالوا يا شعيب إنك لأنت الحليم الرشيد). فلم ينفع شعيب اكتمال عقله واتصافه بالرشد والحلم فأهانوه وحاربوه .

💦 وهكذا إلى أن وصل الدور إلى نبينا (ص) حيث قال تعالى عنه (وما بعثناك إلا رحمة للعالمين) وقال عنه : (وانك لعلى خلق عظيم). وكان يُعرف أيضا بالصادق الأمين ولكنه بمجرد ان بعثه الله وتضررت مصالح طبقة معينة من الناس اصبح هذا النبي : ساحر وكذاب وشاعرومجنون.

💦 ناهيك عن عدد هائل من النظريات المدنية والفلسفية والاجتماعية نهض بها مجموعة من الفلاسفة والمفكرين والحكماء والعلماء والمصلحين حيث حاولوا النهوض بالبشرية من واقعها المؤلم إلا أنهم ايضا تعرضوا إلى مطاردات السلطات الحاكمة أو ممن تضررت مصالحهم . طابورٌ من الحكّام الطواغيت افضلهم حالا غبي فاشل محبط كله امراض نفسية وعقد مزمنة لا يحبون شعوبهم يكرهون الناس فلا يرون إلا أنفسهم واهلهم وحاشيتهم وبطانتهم ومن يُصفق لهم وأسيادهم.

💦 هؤلاء الحكّام الأغبياء زعموا أن على أيديهم سوف يتحقق السلام وتنعم البشرية بالراحة فصادروا مخطط (اليوم الموعود) ولكنهم بغبائهم انحدروا بالبشرية إلى اسوأ الدركات وتسببوا في مآس مروّعة وكوارث عمّت البشر والطبيعة على حد سواء. فانظر على سبيل المثال إلى الماركسية والرأسمالية اللتان زعمتا انهما سوف يُحققا أحلام البشر بيوم سعيد مشاعية كبرى يتساوى فيها الجميع. ولكن على أيديهما ضاع اكثر من مائة وستين مليون إنسان ما بين قتيل وكسيح ومعاق وجيوش من الأرامل والايتام والخراب الذي عم الإنسان والعمران وسجل لطخة سوداء في عقول البشرية التي اثبتت عجزها وضعفها وجهلها وتدخلها في أمور لا تملك مقومات نجاحها.

💦 وهكذا ونتيجة لسوء سرائر البشر وبسببهم تم تأجيل اليوم الذي تتحقق فيه العدالة المطلقة للبشرية التي يعقبها العصر السعيد الخالي من الالام حيث تنعم البشرية بالراحة . ولكن جيل بعد جيل ينتشر الشر ويستفحل الداء ، وكل ذلك بسبب البشر أنفسهم واستمرت البشرية على هذا المنوال فقرر الله تعالى أن يمنح البشرية فرصة أخيرة على يد آخر رسول يبعثه إليهم يعضده إثنا عشر نقيبا إماما (طهّرهم من الرجس) وتكفل الله تعالى بحفظ كتابه وجعلها مهلة أخيرة للبشرية أن تُصلح أعمالها لعلها تصل إلى ذلك اليوم وهو واقع لا محالة باتفاق جميع الديانات فلم تكن قضية لامام المهدي (عج) قضية الرسالة الاسلامية فقط ، بل أن هذه القضية جرى التمهيد لها عبر سلسلة طويلة من الرسالات، فكل رسالة وحسب القياسات الإلهية كانت مؤهلة أن تؤدي دورها في الوصول بالانسان إلى الغاية والهدف الذي خُلق من أجله، وجعل كل ما في الكون مسخرا من أجل هذا الهدف.

💦 ومع أن الله حذّر الإنسان من مخلوق آخر اضمر له الشر حسدا من عنده (الشيطان) إلا أن الإنسان وضع يده بيد هذا المخلوق الذي تحدى الله في اثبات بأن هذا الانسان غير قابل للتكليف وحمل الامانة : (فبعزتك لأغوينهم اجمعين).وهكذا اصبح الانسان حليف الشياطين لا بل شيطانا بذاته (شياطين الإنس والجن) . فقدّم الله تعالى في الشيطنة الإنسان على الجن.

💦 وقد رافق عملية الخلق حدث أخر وهو التحدي من قبل قوى كبرى في الكون خلقها الله لإدارة الاعمال الشاقة الخارقة ولكن هذه القوى تمردت واعتقدت انها على شيء وانها تُشارك الله في علم الغيب كما نقرأ ذلك في قوله تعالى : (تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين). (1)

💦 التحدي هنا ليس فقط من الجن (الشياطين) بل من الملائكة أيضا الذين تنبئوا عن مستقبل الإنسان وإنه سوف يكون مستقبل مليئ بالدماء كما نقرأ ذلك في قوله تعالى: (وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء). (2) فأراد الله تعالى أن يُثبت لهم بأنهم على خطأ وأن الغيب له وحده لا يأذن به إلا لمن يشاء هو فيُطلعه على بعض غيبه. (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول). (3)

💦 وحتى لو اطلع الله رسله على الغيب فإنه يتخذ تدابير احترازية شديدة جدا من أجل أن لا تسترق الشياطين السمع فيقول تعالى : (فإنهُ يسلُك من بينِ يديه ومن خلفه رصدا).(4)

💦 التحدي هو أن الله وضع في الانسان قابلية ان يصل إلى السعادة المنشودة ويبني عالم خال من الآلام ثم جعله مختارا مبدعا فاعلا أذنَ له ان يتصرف في كل ما يقع تحت يديه من أجل تحقيق هذا الهدف حيث يشترك في تحقيقه مع الجن إن هم لم يحسدوه ويُحاربوه ويُحاولون الوقيعة بينه وبين ربه لأن البشر والجن هم المعنيين بهذا التحدي (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون).(5)

💦 هذا الهدف السامي الذي رسمه الله للبشر لايتحقق إلا على ايدي البشر ومن قيادات منهم خلقها في عالم الملكوت (الجنّة) ورسم ادوارهم مع اعطائهم مساحة من حرية الاختيار. ولذلك فإن الانسان كان منذ بدايته مؤهلا ان يعيش في ذلك العالم ولكنه ونظرا لقلة خبرته وبساطته في دوره الاول استطاع المخلوق الثاني (الشيطان) أن يوقعه ويُخرجهُ من عالمه السعيد ، فكان على الانسان ان يخلق عالمه بنفسه وأن يصل للسعادة إن هو أحسن استخدام مواهبه. فقد خلق الله الانسان ووضع فيه العقل وجعل فيه قابلية الخطأ والصواب من أجل الارتقاء عن طريق الاستفادة من اخطاءه، لكي يصل إلى السعادة فإذا عجز عن ذلك أمدّه الله بمن يساعده وينهض به نحو الوصول للهدف اولئك هم الرسل.رجال خلصوا وتكاملوا وطهروا هم بشر أيضا ولكن وصلت عقولهم إلى مرحلة الرشد.

💦 فالأنبياء على فقرهم المادي إلا أنهم اثرياء يملكون النضج الفكري (الرشد) الذي هو اثمن كل شيء في الدنيا ، وخذ مثلا فرعون على الرغم من سلطته وجبروته وثروته الهائلة إلا أنه ليس برجل رشيد كما نقرأ في سورة هود: (فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد).

💦 فالرشد هو غاية الانبياء ووسيلتهم للنهوض بالبشرية من واقعها المؤلم للوصول بهم إلى الرشد والنضج . وللأسف فإن الكثير من الامم عندما تصل اوج مراحل نضجها وهي على وشك بلوغ مرحلة الرشد تنهار بسرعة والسبب هو أنانية الانسان وعناده واستكباره وغروره ومن هنا لابد من وجود قيادة حكيمة واعية رشيدة تجمع عقول الناس على أمر واحد وهدف واحد ورب واحد فعندها تتوحد كل عقول الناس . فهدف الأنبياء هو العثور على رجل رشيد واحد في أمة كاملة لكي يكون نقطة البداية وهذا ما نراه يلوح في قول نبي الله لوط الذي خاطب قومه قائلا : (أليسَ منكم رجلٌ رشيد).أربع ملايين لم يكن فيهم رجلٌ رشيد واحد.

💦 خذ مثلا شعبنا و حكومتنا فهي منذ سقوط الصنم لم تُنجب رجلٌ رشيدٌ واحد يصلح لقيادة العراق، وكل محاولات من يملكون الرشد الجزئي ــ المرجعية ــ باءت بالفشل امثال السيد السيستاني والمراجع الاخرين لابل ان بعض السياسيون فعلوا بالمراجع ما فعلته الامم بأنبيائها.

💦 وهكذا نعود للمربع الأول فنقول أن محور هذا التخطيط هو (المهدي) على اختلاف تسمياته في تسلسل الأديان والمذاهب التي جاءت فعندما يعثر المهدي على رجل رشيد واحد فسوف ينهض لبدء عملية الانقاذ. وما اقساهُ من حكم مؤلم أن لا يجد فينا رجل رشيد.

💦 وحتى حركة المهدي عليه السلام لا تخلو من تدخلات الخط المعارض الذي سيقود جيش من الفاشلين والمحبطين الذين يُمثلون حركة الدجال المؤسس لدولة الفتنة الكبرى. وهذا ما نراه يلوح في قول النبي محمد (ص) : (إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال ، وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة).

المصادر:
1- سورة سبأ الآية : 14.
2- سورة البقرة آية : 30.
3- سورة الجن آية 36.
4- سورة الجن آية 27.
5- سورة الذاريات آية 56




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=140710
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 01 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28