• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المظاهراتُ الغاضبةُ بين الحقِّ المطلوبِ والفتنةِ القاتلة .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

المظاهراتُ الغاضبةُ بين الحقِّ المطلوبِ والفتنةِ القاتلة

  

  قال الإِمامُ عليٌّ (عليهِ السلامُ) :   

   ((فوالّذي فلَق الحبّةَ ، و برأَ النّسمَةَ إِنَّ الّذي أُنبّئُكُم به عن النّبيِّ الأمّيِّ (صلّى اللٰـهُ عليه وآله). ما كذَب المبلّغُ ، و لا جهِل السّامعُ. ولكأنِّي أَنظُر إِلى ضِلِّيلٍ قد نعَق بالشّامِ ، وفحَص براياتِه في ضواحي كوفانَ. فإِذا فغَرت فاغِرتُه ، واشتدَّت شَكيمتُه ، وثقُلت في الأَرضِ وطأتُه ، عضَّتِ الفتنةُ أَبناءَها بأَنيابِها ، وماجتِ الحربُ بأمواجِها ، و بدا من الأَيامِ كُلُوحُها ، ومن الليالي كُدوحها ، فإذا أَينع زرعُه ، و قام على يَنعِه ، وهدَرت شَقاشِقُه ، و برَقَت بَوارقُه ؛ عُقِدت راياتُ الفِتَنِ المعضلةِ ، وأَقبَلْنَ كالليلِ المُظلمِ ، والبحرِ المُلتطِمِ. هذا ، وكم يَخرِقُ الكوفةَ مِن قاصفٍ ، ويمُرُّ عليها من عاصفٍ. وعن قليلٍ تَلتفّ القرونُ بالقرونِ ، ويُحصَدُ القائمُ ، ويُحطَمُ المحصودُ)).   

     من معطياتِ الأَحداثِ الجاريةِ في المنطقةِ الإِقليميةِ والعراقِ الآنَ ؛ فإِنَّ توقيتَ (التوغلِ التركيِّ في شِمالِ سوريا الذي أَدى إِلى إِضعافِ سيطرةِ قسد ، والنصرةِ على آلافِ الموقوفين من المجرمين الدواعش) ، وتوقيتَ (إِعلانِ قتْلِ المرتَزِقِ أَبي بكرٍ البغداديِّ) يُثيرُ حفيظةَ هؤلاءِ المهيَّأِ لهمُ الهروبُ لإِعادةِ التنظيمِ بالدعمِ اللوجستيِّ المعروفِ من (أميركا وإِسرائيلَ ومرتزقتِهما في المنطقةِ) ؛ ليعملوا جاهدين للثأرِ لزعيمِهم من جهةٍ ، وللجولةِ الثانيةِ من حربِهم على الإِسلامِ ، والإِنسانيةِ من جهةٍ أُخرى إِنما هو توقيتٌ مناسبٌ لهم في ظلِّ الأَحداثِ الآنيةِ المتسارعةِ في العراقِ (من مظاهراتِ تشرين الأَولِ ٢٠١٩) من العملِ الدؤوبِ لقلبِ معادلةِ المظاهراتِ من (نهضةٍ كُبرى سلميةٍ ضدَّ الفسادِ لتفعيلِ مطالبَ وحقوقٍ محجوبةٍ) إِلى (ثورةٍ عارمةٍ) تُحرِقُ الأَخضرَ واليابسَ ، وتروي الدواعشَ من دماءِ الأَبرياءِ من المتظاهرين والقواتِ الأَمنيةِ الوطنيةِ المخلِصةِ. وهو التوقيتُ المناسبُ جدًّا لتنفيذِ المخططِ الداعشيِّ المنتقِمِ إِذ يأتي في ظرفٍ تصارعت فيه آراءُ الحاكمين ، وتشتت فيه كلمةُ المقرِّرين من جهةٍ ، وسُحِبت فيه قواتٌ كثيرةٌ من بغدادَ إِلى المحافظاتِ الوسطى والجنوبيةِ من جهةٍ ثانيةٍ ، وأُعلِن عن تهيُّؤِ الحشدِ الشعبيِّ للتدخلِ عند اقتضاءِ الأمرِ من جهةٍ ثالثةٍ. وهذا يولِّدُ ثقةً لدى الدواعشِ ومن يُسيِّرُهم بأَنَّ الوقتَ قد حان لاستمالةِ المتظاهرين بعنوانٍ جديدٍ ومنهجٍ مؤثرٍ قِوامُه (إِسقاطُ النظام) بآيةِ ما أَنَّ الذين سيؤدون هذا المخططَ الكاذبَ هم أَشخاصٌ من أَبناءِ محافظاتِنا يستميلون الكثيرين من معارفِهم ، وأَقاربِهم ، وأَصدقائِهم بذريعةِ الثورةِ على الحاكمين الفاسدين (لعنهمُ اللٰـهُ تعالى إذ أَوصلونا إِلى هذا الحال).   

    وهذا المخططُ له أَرضيتُه الخصبةُ المتوافرةُ الآنَ ، سيؤدي تنفيذُه على مراحلَ إِلى حربٍ أَهليةٍ لا تُبقي ، ولا تذَرُ ، لا رابحَ فيها إِلَّا أميركا ، وإِسرائيلُ ، ودولٌ إِقليميةٌ طالما عاشت في هاجسِ الرعبِ والخوفِ من (العراق) ؛ فلقد اختلط الحابلُ بالنابلِ ؛ فوزارةٌ تمنعُ ، ونِقابةٌ تدفعُ ، وقائدٌ وطنيٌّ ، وآخرُ وثنيٌّ ، ومتظاهرٌ يُرِيدُ السلامةَ اللازمةَ بالغييرِ ، وآخرُ يُرِيدُ التخريبَ والتدميرَ ، وإِعلامٌ منصفٌ ، وآخرُ مُرجِفٌ.   

    هذه قراءةٌ استنتاجيةٌ نسألُ اللٰـهَ أَلَّا تقعَ ، وأَن تكونَ إِلى الاحتمالِ المستحيلِ أَقربَ منها إِلى التحققِ الوبيل.   

    ويبقى نصرُنا باللٰـهِ تعالى ؛ فهو أَرحمُ الراحمين الذي طهَّر عراقَنا بالإِمامِ عليٍّ ، وبأَبنائُه المعصومين (الخمسةِ) ، وبإِخوانِهم وذراريهمُ الطيبين. وحاشَ للٰـهِ أَن يترُكَ عبادَه متحاربين في أَرضِ أَوليائِه المنتَجَبين.    

    فلتكُن يدُنا (شعبًا ، وجيشًا ، وقادةً أَشرافًا) واحدةً لتغييرِ النظامِ إِلى الأَفضلِ ، ومحاكمةِ الفاسدين ، وبناءِ الدولةِ القويةِ بالعِلْمِ والإِخلاص.   
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=138946
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 10 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28