• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لا تنتظروا سيلفي من السيستاني .
                          • الكاتب : ابو تراب مولاي .

لا تنتظروا سيلفي من السيستاني

 الناس في تعاطيهم مع ما يقومون به من أعمال صالحة أو عادية على طريقتين :

@ منهم من يحاول أن يُطلع الناس على تلك الأعمال لغايات وحسابات هو يحددها، فتراه يُحدّث الآخرين بقيامه بالعمل الفلاني أو يأخذ صورة (سيلفي) وهو في الزيارة أو في حملة تطوعية ثم ينشر في مواقع التواصل، وليس بالضرورة أن تكون الغاية من إظهار تلك الأعمال غاية سيّئة، فقد يكون الداعي صالحاً أيضاً، فلا يسعنا اتهام الناس بنواياهم .
@ ومن الناس من يحرص على أن تكون أعماله الصالحة تحت غشاء الليل لا يعلم بها إلا الله تعالى ومن يضطر لإطلاعهم عليها لتوقف قضاء تلك الأعمال عليهم، وهذا الإخفاء أيضاً لمبررات وأسباب شرعية وعقلائية مقبولة .
وهذه الطريقة الثانية تمتاز عن الطريقة الأولى بأنها أبعد عن التهمة وأقرب إلى صدق النية وأنّ هذا العامل لا يرجو من وراء أعماله الصالحة زيادة الشعبية ولا مدحاً أو تمجيداً من الرعية، والمهم عنده أن يقوم بواجبه الشرعي أو الإنساني بعيداً عن الضجيج وضوضاء الإعلام، وهو منهجٌ قد لا يطيقه غالب الناس حتى من الصالحين !
@ السيد السيستاني من هذا النوع ( العمل بصمت وبلا ضجيج إعلامي )
فهو لا يرجو زيادة محبيه من وراء ما يقوم به لأجلهم ولأجل غيرهم حتى، لإيمانه بأنّ الإخلاص لله ولعباد الله هو مفتاح القلوب إلا ما ختم الله عليها .
ولا يرجو مديحاً إذ يكفي مدح الخالق عن مدح المخلوق.
@ فكم سمعنا من حاسديه أنّ السيد السيستاني لا توجد لديه بحوث أصولية ! إلى أن دخلت خدمة الإنترنت إلى البلاد وافتضح كذبهم واطّلعنا على البحوث الجليلة التي قرّرها طلبته في مختلف أبواب الأصول، وقد قرأتُ قسماً منها (ومنها حجية خبر الواحد) إلا أنه يرفض طباعتها ورقياً . 
@ وأما الصرف على الفقراء والمعوزين والمرضى والحوزات العلمية والمراكز البحثية وترويج الدين والخدمات العامة الذي لم يطّلع عليه الناس فذلك شيءٌ لم يتصوره حتى محبي المرجعية، نعم لم يسد حاجة الناس تماماً لأنّ الحاجة كبيرة جداً والموارد لم تكن بحجمها خصوصاً إذا لاحظنا أنّ السيد المرجع أجاز للعراقيين أن يصرفوا حقوقهم على فقرائهم.. فأغلب صرف المرجعية على العراقيين إنما من حقوق شيعة الخارج ( وهذا ما لم يكن في بال أكثر العراقيين ). وكل ذلك يتم من دون إعلام وضجيج . 
@ ومن تلك الأعمال التي لم يطّلع عليها الناس وقوفه مع المتظاهرين السلميين المطلبيين فضلاً عن المساندة العلنية .. فقد كشف خطيبُ جمعة كربلاء السيد أحمد الصافي في الخامس من صفر لعام ١٤٤١ ٤ تشرين الأول عن مبادرة المرجعية لاستجابة مطالب المتظاهرين منذ عام 2015 إلا أنّ الحكومة والقوى السياسية آنذاك لم تأخذ بها، وهذه المبادرة لم يطّلع عليها أحدٌ من المتظاهرين أنفسهم! .. فقال السيد الصافي :
( ونشير هنا إلى أنّ مكتب المرجعية سبق أن اقترح في تواصله مع الجهات المسؤولة في السابع من آب من عام 2015  في عِزّ الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح : أن تُشكّل لجنة من عددٍ من الأسماء المعروفة في الإختصاصات ذات العلاقة  من خارج قوى السلطة ممن يحضون بالمصداقية ويُعرفون بالكفاءة العالية والنزاهة التامّة، وتُكلّف هذه اللجنة بتحديدِ الخطوات المطلوب اتخاذها في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح المنشود على أن يُسمح لأعضائها بالإطلاع على مجريات الأوضاع بصورة دقيقة  ويجتمع مع الفعاليات المؤثرة في البلد وفي مقدمتهم ممثلو المتظاهرين في مختلف المحافظات للاستماع إلى مطالبهم ووجهات نظرهم فإذا  أكملت اللجنةُ عملها وحدّدت الخطوات المطلوبة تشريعية كانت أو تنفيذية أو قضائية  يتم العمل على تفعليها من خلال مجاريه القانوينة ولو بالاستعانة بالدعم المرجعي والشعبي .
ولكن لم يتم الأخذ بهذا المقترح في حينه، والأخذُ به في هذا الوقت ربّما يكون مدخلاً مناسباً لتجاوز المحنة الراهنة )
@ وأعتقد أنّ القارئ الكريم قد التقط جواباً على تساؤل وعتب من يقول : لماذا لم تتخذ المرجعية موقفاً سريعاً وهي ترى دماء الشباب يسيل في الاحتجاجات الأخيرة وأخّرت البيان إلى يوم الجمعة ؟! 
فالمرجعية لم تُهمل الأمّة بل تعمل وتطالب وتقدم المبادرات والحلول الناجعة ، وليس بالضرورة أن تعلن عن ذلك، فقد يكون الإعلان مفسداً للعمل . مع تحريضها للشعب عَلَناً على أن يطوّر من أساليب احتجاجاته المطلبية السلمية.
ولو أنّ الأمة تتفهّم هذه الطريقة فسوف لن تجد اسم السيستاني مكتوباً إلا على رسالته العملية . ولكن لأجل مراعاة الناس يُعلن عن بعض الأعمال .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=138585
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19