• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحسين ثورة تلامس الروح .
                          • الكاتب : د . عاطف عبد علي دريع الصالحي .

الحسين ثورة تلامس الروح

  تمر ذكرى الملحمة الروحية سنة بعد أخرى وفي مرورها تخلّف معان سامية في الوجدان , تحرك أشجاناً في الصدر , تُراكم حباُ فوق حب في القلب , وما زادها تعاقب القرون مُذ وقعت فوق تراب الطف المُطهرة ذراته من عبق تلك الجسوم المُقدسة إلا رسوخاً في سويداء المؤمنين بانتصار الحق والمُقدرين لِسمو تلك المظلومية التي رفع لواءها حفيد من نزلت الرسالة السماوية الخاتمة عليه , فكانت مُظلومية أنارت للمظلومين طريق حقهم وللظالمين مآل سواد الليل أنصع منه بياضاً .

    إن عظمة الثورة الحسينية تكمن في ثبات مُفجرها على مبدأ المثالية في أخذ العقيدة وتمثلها والعمل بمقتضاها ولعل سحر جاذبية توجهها يتجلى في تلك العبارة البليغة التي قالها الأمام الحسين عليه السلام في مُستهل ثورته " إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله ... أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين" , وهنا نرى تلك عبارة جامعة لأسس الوثبة الحسينية التي أقدم عليها الشهيد مُصطحباً أهل بيته الكرام ليكون دمهم المُزكى شاهداً على سمو الهدف الذي أريقت لأجله , هدف شكل مُنعطفاً روحياً خطير الأثر في مسيرة العقيدة الاسلامية .

     نعم لقد كانت قوة على قوة بِضعفها العسكري ومضاء على مضاء بِمظلومية مُفجرها ومضت أزمان وتعاقبت دهور وظلت صرخة المظلوم في فلاء كربلاء " أما من مُغيث يغيثنا .... أما من مُجير يجيرنا " دعوة لِمحبي الحق وكارهي الظلم كيّ يقفوا بِصلابة أمام الظالمين والفاسدين على مدى الأزمنة والدهور , وإن استذكارنا للثورة الحسينية بعد كل هذه القرون التي تعاقبت بعدها فأننا نستذكر صرخة استقراء للمستقبل الذي غدا مرهوناً لذكر آل محمد , وغدت العظمة لرجاله موقوفة , والعلو لأعتابهم يزداد , والولاء لهم وحدهم يتعمق كلما كرت القرون وتعاقبت الأجيال .

     إنها فعلاً مُعجزة من مُعجزات الشهادة في كربلاء , فقد اندرست آثار أولئك الظلمة وانمحى ذكرهم إلا لأجل لعنهم والدعاء عليهم , بينما ظل ذكر الحسين وآله منار للبشرية وطوق نجاة , وصارت قبورهم مَحجة لكل الناس يقصدونها للتبرك والمغفرة والشفاعة عند الله تعالى , لذا حينما نقول إن الإسلام بدؤه محمدي واستمراره حسيني فلن نكون مُجافين لحقيقة تجلت في شواهد دينية وتاريخية , فعلى المستوى الديني كانت ملحمة كربلاء عنواناً صريحاً لقيمة الثبات على المبدأ , ولعظمة المثالية في أخذ العقيدة وتمثلها , حيث أوجدت خلال مسيرة الإسلام كدين حركة وجدانية بتشكيلها ذاك المنعطف الروحي خطير الأثر في الضمائر والتي لولاها لكان الإسلام مذهباً باهتاً يركن في ظاهر الرؤوس , لا كما غدا بعدها عقيدة راسخة تستوطن أعماق الصدور وأيماناً مُترعاً في وجدان كل مسلم وحركة روحية عقائدية , فكانت عاشوراء رمزاً لضمير الأديان على مر العصور وروحاً لامست كل الأرواح الطاهرة وعنوان صريح لقيم الثبات على مبدأ المثالية في أخذ العقيدة وتمثلها

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=137808
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28