• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثورة الإمام الحسين (ع) في الميزان الكوني. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

ثورة الإمام الحسين (ع) في الميزان الكوني.

 صحيح أن الأرض جزء صغير في هذا الكون الرحيب ولكن تحدث عليها احداث يهتز لها الكون بأكمله ، فهناك حوادث يهتز لها حتى عرش الرحمان. وكل ذلك من فعل الانسان هذا المخلوق الذي لا يكاد يُذكر حجما امام عظمة الكون وما فيه. فعلى ما يبدو فإن الأرض محط انظار جميع الكائنات في هذا الكون . فهي مسرح الاحداث الكونية فلم يصل إلينا مثلا أنه بسبب أعمال الانسان غرقت كواكب أخرى او سلط الله عليها الريح الصرصر ، او احرقها بالنار او جعل عاليها سافلها. كل ذلك جرى فقط على الأرض. فلم نسمع أن دماءا جرت او سُفكت على كوكب آخر بل كان الخطاب موجه على هذه الأرض : (اتجعل فيها من يُفسد فيها ويُسفك الدماء).(1) فلم يقل ويُسفك الدم بل قال يُسفك الدماء وهو خطاب للمبالغة في سعة الفساد.

لقد سمح الله لنا ان نُسفك الدماء لإدامة الحياة لا لتعطيلها. أن حرمة سفك الدم مما يهتز له العرش وشعرت الملائكة بثقل وطأة سفك الدم فأشارت إليه كأبشع عمل يقوم به الإنسان. من هذه الاحداث الجسام التي اهتز لها الكون بما فيه وغضب الله على الفاعلين حتى أنه لم يُطفأ غضبه إلا بعد مقتلة عظيمة من الأثمة المجرمين. فقد سمح الله لأحد اوليائه ان يقتصّ من قتلة (يحيى بن زكريا) فلم يهدأ دمه الشريف إلا بعد مقتلة عظيمة شملت (70000) سبعين الف ، فكان هذا العدد كبيرا قياسا إلى عدد السكان في ذلك الزمان. ولكن ماذا عن دم الحسين عليه السلام وهو يفور في ارجاء الكون إلى يوم القيامة يقول الحديث عن ابن عباس: (أوحى الله تعالى إلى محمد صلوات الله عليه : إني قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفا). (2)

ولمعرفة عظمة مصيبة الامام الحسين عليه السلام علينا معرفة من قام بتبليغ النبي عنها ؟ والجواب هو : ان الذي اوصل خبر مقتل الحسين اعظم ملك من ملائكة الله والمتصرف بكل انحاء الكون بإذنه ذلك هو (جبرئيل) في رواية ينقلها السنة والشيعة من أن جبرئيل عليه السلام نزل بخبر مقتل الحسين لا بل مد يدهٌ من المدينة إلى ارض كربلاء ليقبض منها قبضة ويعطيها للنبي ويقول له : (على هذه الأرض سيُقتل ابنك الحسين).

يضاف إلى ذلك حصول تغييرات كونية فورية عندما قتل الحسين (ع) ومن ذلك ما رواه جمهرة من علماء اهل السنة بأن احمرار السماء ونزول الدم منها كان يوم عاشوراء حيث يروون عن جميل بن زيد، قال: (لما قتل الحسين احمرت السماء. فقال احد اصحابه متعجبا: أي شئ تقول؟ فقال: لم أكن كذاب ولا منافق، إن السماء احمرت حين قتل الحسين). (3) وعلى ما يبدو أن ذلك حصل وبقى فترة طويلة من الزمن ثم اختفى تدريجيا كما يقول الطبراني : (ثم قتل الحسين بن علي وأنا يومئذ جويرية فمكثت السماء أياما مثل العلقة).(4) أي مثل الدم.

من كل ما تقدم هل يدرك الناس عظمة ثورة الإمام الحسين عليه السلام؟ هذه الثورة التي وصفها المعصوم بأنها : (مصيبةٌ ما اعضمها واعظم رزيتها في الإسلام وفي جميع السماوات والأرض).(5)

(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).

المصادر:
1- سورة البقرة آية : 30.
2- ذكره الحاكم في المستدرك على الصحيحين الجزء الثاني صفحة 319. وقال عنه صحيح. وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج1 ص : 142. قال الذهبي في ميزان الاعتدال : هذا حديث نظيفُ الإسناد. وردت الرواية في مصادر كثيرة من اهل السنة منها ترجمة الإمام الحسين (ع) - ابن عساكر - الصفحة ٢٦٠.عن عمرة بنت عبد الرحمان انها كتبت كتبت إلى الإمام عليه السلام - لما عزم على الذهاب إلى الكوفة - تخبره أنه إنما يُساق إلى مصرعه وتقول في كتابها إليه: أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتل حسين بأرض بابل. ورواه أيضا الطبراني في الحديث: ٤٨ من ترجمة الإمام الحسين من المعجم الكبير: عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: دخل الحسين بن علي رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوحى إليه فنزا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو منكب - ولعب على ظهره، فقال جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه يا محمد؟ قال: يا جبرئيل ومالي لا أحب ابني؟ قال: فإن أمتك ستقتله من بعدك. فمد جبرئيل عليه السلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال في هذه الأرض يقتل ابنك هذا يا محمد، واسمها الطف. فلما ذهب جبرئيل عليه السلام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج رسول الله صلى الله عليه والتربة في يده يبكي فقال: يا عائشة إن جبرئيل عليه السلام أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف وأن أمتي ستفتن بعدي. ثم خرج إلى أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي قالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة وأخبرني أن فيها مضجعه.

3- جمهرة كبيرة من علماء السنة رووا (أن السماء احمرت وامطرت دما عند مقتل الحسين). اذكر منهم : ترجمة الإمام الحسين (ع) - ابن عساكر - الصفحة ٣٥٨ . وابن سعد في الحديث: ١٣١ ترجمة الإمام الحسين من الطبقات الكبرى: ج ٨ و الطبراني في الحديث: ج1 ص ٧٤ من ترجمة الإمام الحسين من المعجم الكبير. والمزي في تهذيب الكمال ج6ص433 ط مؤسسة الرسالة بيروت . وغيرهم.
4- الطبراني في المعجم الكبير ج3ص111 ط دار احياء التراث العربي بيروت نشر مكتبة ابن تيميه.

5- زيارة عاشوراء رواها ابن قولويه القمِّي في كامل الزياراتعن الامام محمد بن علي الباقر(ع) و رواها الطوسي في كتابه مصباح المتهجد وسلاح المتعبِّد .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=137605
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28