• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحلقة الثانية / ماهي المواقف والمواجهات التي قام بها الإمام الحسين عليه السلام بوجه السلطة الاموية؟ .
                          • الكاتب : محمد السمناوي .

الحلقة الثانية / ماهي المواقف والمواجهات التي قام بها الإمام الحسين عليه السلام بوجه السلطة الاموية؟

لازال الحديث عن السنوات العشر التي عاشها الامام الحسين (عليه السلام) بعد شهادته أخيه الحسن، وسوف يتم التعرض لأهم المواقف والمواجهات التي قام بها الإمام الحسين(عليه السلام) تجاه معاوية بن ابي سفيان، وماذا لو لم يلتزم الإمام الحسين (عليه السلام) ببنود المعاهدة والصلح؟.
ماهي البنود والمواد التي التزم بها الإمام الحسين( عليه السلام)؟ وسوف يتم الإشارة إلى مصادر تلك البنود في الهامش لمن يرغب الرجوع إليها، وهي من مروية من كتب الفريقين، ونحن ليس هنا في صدد شرح وتعليق على هذه المواد الواردة في هذه المعاهدة، وانما تم ذكرها لاجل أن تكون الصورة واضحة لدى القارئ الكريم من أن الإمام الحسين عليه السلام كان ملتزما بهذه المواد بعد شهادة اخيه الحسن( عليه السلام)، ولو خالفها لكانت ورقة رابحة في يد معاوية بن ابي سفيان في تشويه سيرة الإمام المعصوم من كونه قد خالف أخاه في الشروط التي خطها بيمينه، وكان متهماً بعدم الوفاء بالعهد والشروط، ولقد ورد عن النبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) : (لا دين لمن لا عهد له)(1)، وهذا غير متصور في حق من اصطفاه الله تعالى، وطهره وجعله خامس أصحاب العباء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
المواد الواردة في الصلح هي :
المادة الاولى: تسليم الامر إلى معاوية، على أن يعمل بكتاب الله وبسنة النبي الاكرم ( صلى الله عليه وآله) وبسيرة الخلفاء الصالحين.
المادة الثانية: أن يكون الامر للحسن من بعده، فإن حدث به فلأخيه الحسين، وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد.
المادة الثالثة: أن يترك سبَّ أمير المؤمنين والقنوات عليه بالصلاة، وان لا يذكر علياً إلا بخير.
المادة الرابعة: استثناء مافي بيت مال الكوفة، وهو خمسة آلاف الف فلا يشمله تسليم الامر، وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسين كل عام الفي الف درهم، وأن يفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس، وان يفرق في اولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل واولاده من قتل معه بصفين الف الف درهم، وأن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد(2).
المادة الخامسة: على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله، من شامهم، وعرقهم وحجازهم ويمنهم، وأن يؤمَّن الاسود والاحمر، وان يحتمل معاوية مايكون من هفواتهم، وان لا يتبع أحداً بما مضى، وأن لا يأخذ أهل العراق باحنة، وعلى امان أصحاب علي حيث كانوا، وأن لا ينال أحداً من شيعة علي بمكروه، وان أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم واولادهم، وان لا يتعقب عليهم شيئاً، ولا يتعرض لأحد منهم بسوء، ويوصل إلى كل ذي حق حقه، وعلى ما أصاب أصحاب علي حيث كانوا.. وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي، ولا لاخيه الحسين، ولا لاحد من أهل بيت رسول الله، غائلة، سراً ولا جهراً، ولا يخيف أحداً منهم، في أفق من الآفاق(3).
بعد ذكر هذه المواد والشروط التي لم يتلزم فيها معاوية وقد نكث العهد وكان مصداقاً لقول رسول الله لا دين لمن لا عهد له، وقد أفصح عن عها حينما دخل الكوفة وقد وضع تلك الشروط تحت قدمه، معلناً الخلاف لجميع ما أشترطه عليه الإمام الحسن ( عليه السلام)، فلم يعمل بكتاب الله ولا بسنته، ولا بسيرة الصالحين، وقد نصب يزيداً خليفة من بعده، ولم يترك سب آل البيت (عليهم السلام) من على المنابر، ولم يعطي ذي حقه حقه، وتتبع شيعة علي (عليه السلام) تحت كل حجر ومدر من قتلهم وتصفيتهم وحرمانهم وإذلالهم، وقرب الفاسدين والمفسدين في أجهزته وسلطته القمعية، وكان شهادة الإمام الحسن (عليه السلام) بالسم من تدابيره وخططه.
نأتي هنا ونجيب عن السؤال التي بدأت بهذه الحلقة ماهو موقف الإمام الحسين (عليه السلام) من هذه المعاهدة والشروط التي وضعها، والتي خالفها معاوية بن أبي سفيان؟
الجواب: أهتم الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بعد تولى الإمامة من يوم شهادة أخيه الحسن( عليه السلام)، ويمكن تصوير هذا الإلتزام بالنقاط التالية: ــ
1ـ يظهر من بعض النصوص ان الإمام الحسين (عليه السلام) انه ألتزم بجميع مواد المعاهدة التي عقدها الإمام الحسن على معاوية.
2ـ في هذه الفترة الزمنية ــ من شهادة الحسن إلى موت معاوية ـــ كان خطط الإمام الحسين وتدابيره واهدافه هي ترسيخ روح الإسلام والمحافظة عليه وزرع الأفكار السليمة في عقول المسلمين.
3ـ توضيح احكام الله تعالى باعتباره (عليه السلام) كان مُظِهراً لإحكام الله تعالى(4) من الاوامر والنواهي، وكل شيء يرتبط باحكام الأحكام الشرعية، وايصالها إلى الناس، وارشادهم وهدايتهم وتربيتهم، ومن خلال هذه الاهداف استطاع أن يربي جيل واعي قادر على تحمل المسؤولية والمواجهة تجاه الظلم والفساد والانحراف في مسيرة الامة بسبب الدولة الاموية.
4ـ كان هناك رسائل من الإمام الحسين (عليه السلام) لمعاوية بن أبي سفيان هي عبارة عن توبيخ وشجب واستنكار ومعارضة لما قام به من قتل وتصفية خيرة اصحاب علي بن أبي طالب (عليه السلام) والتي منها قتل الشهيد حجر بن عدي الكندي واصحابه في مرج عذراء، ومقتل عبد الله بن يحيى الحضرمي.
5ـ كان الإمام الحسين في الموقع والموقف المعارض والرافض لسلطة معاوية الجائرة.
6ـ بهذه السنوات العشر اهتم الإمام الحسين (عليه السلام) بالجانب الروحي والعبادي والفكري واثارة دفائن عقول الامة من خلال أدعيته ومناجاته وتضرعاته، وكيف يجعل المجتمع يبني علاقته مع الله تعالى، وتجلت مظاهر شخصيته، وعرف بصفات خلاقية كثيرة كالشجاعة والصرحة والصلابة في الحق، والحلم والصبر، والتواضع والعطف والرأفة، والسخاء والجود، وخوفه من الله تعالى، وكثرة صلاته وصومه وحجه، وبيان فضائل جده النبي وابيه الوصي، ومودة آل البيت (عليهم السلام)، وما تلك الخطب في منى التي خطبها في مواسم الحج التي كان يحجها بعد مقتل اخيه الحسن إلا هي خير شاهد ما جسده الإمام الحسين في ثناء لقاءاته في حجاب بيت الله تعالى.
7ـ استنكاره ومعارضته لاستخلاف يزيد بن ورفض مبايعته، وقال ومثلي لا يباع مثله(5).
8ـ روى الاحاديث عن جده المصطفى، وابيه المرتضى، وامه السيدة الزهراء، واخيه المجتبى( عليهم أفضل الصلاة والسلام) وله تراث رائع في الأحاديث، وله مسند قد ألفه أبو بشر الدولابي المتوفى سنة(320هــ)، وقد أدرجه في غضون كتابه ( الذرية الطاهرة بعنوان مسند الحسين بن علي ( عليه السلام)(6).
9ـ اتخذ الإمام الحسين (عليه السلام) المسجد النبوي الشريف مدرسة له فكان يلقي محاضراته به في علم الفقه والتفسير، ورواية الحديث، وقواعد الأخلاق، وآداب السلوم، وكان المسلمون يفدون عليه من كل فج للانتهال من نمير علومه المستمدة من علوم النبي الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم) ومعارفه(7).
وفي ختام هذه الحلقة يمكن ان يقال ماذا كان يركز الإمام الحسين (عليه السلام) في خطبه سواء في مواسم الحج في كل سنة ــ تحديداً في منى ــ او حلقات درسه ومواعظه في المدينة المنورة؟؟ وكم روى من الاحاديث الشريفة التي وصلت إلينا سواء كانت عن جده أو ابيه او امه واخيه ( عليهم السلام) هذا ما سوف نبحثه في الحلقة الثالثة.

المصادر والمراجع
1ـ احمد بن حنبل، (ت241هـ)، مسند أحمد، دار صادر، بيروت، (لا ــ ط)،ج3، ص135.
2ـ دار ابجرد هي ولاية بفارس على حدود الاهواز، وهي مدينة داراب.
3ـ لمراجعة تفاصيل هذه المواد في الكتب والمصادر ينظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، 1415، ج13، ص264، أنظر الهامش، وكذلك المدائني فيما رواه عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج4، ص8، وفتح الباري شرح صحيح البخاري فيما رواه عنه ابن عقيل في النصائح الكافية، تحقيق وتدقيق: غالب الشابندر، مراجعة: ع. ح . الخطيب، مؤسسة دار الكتاب الاسلامي، ط1، 1427، ص248، وبحار الانوار للعلامة محمد باقر المجلسي، ج10، ص115، وصلح الحسن (عليه السلام)، للشيخ راضي آل ياسين، منشورات دار الكتب العراقية في الكاظمية، ط2، 1965م، مطبعة الارشاد، بغداد، ص259ــ261، والسيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تاريخ الخلفاء، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، (لا ــ ط)، 1988م، ص227، ووجدي، محمد فريد، دائرة معارف القرن العشرين، دار المعرفة، بيروت، ط3، 1971م، وابن الصباغ، المالكي، علي بن محمد، (ت855هــ)، الفصول المهمة في معرفة الأئمة، تحقيق: سامي الغريري، دار الحديث، قم، ط2، 1384،ج2، ص728، 729.
4ـ كما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة المشهورة المروية عن الإمام الهادي (عليه السلام) حيث ورد فيها: ( والمظهرين لأمر الله ونهيه).
5ـ ابن طاووس، (ت664هــ)، اللهوف في قتلى الطفوف، الناشر: انوار الهدى، مطبعة مهر، قم، ط1، 1417هـ، ص17.
6ـ الدولابي، ابي بشر محمد بن احمد بن حماد الانصاري الرازي، (224ــ 310هــ)، الذرية الطاهرة، حققه: محمد جواد الحسيني الجلالي، منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بيروت، ط1، 1986، ط2، 1988.
7ـ القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، دراسة وتحليل، تحقيق: مهدي باقر القرشي، دار المعروف ــ مؤسسة الامام الحسن(عليه السلام) لإحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام)، مطبعة: الوردي، ط10، 2013م، ص148.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=135892
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 07 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28