• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المصالح وازدواجية الانتماء للدين .
                          • الكاتب : علاء تكليف العوادي .

المصالح وازدواجية الانتماء للدين

ان لكل بلد من بلدان العالم مع اختلاف توجهاتهم الانتمائية، قوانين واطر تنظم إدارة ذلك البلد، عبرَ نظام من الأنظمة التي تكون الرافد لحفظ الحقوق وتنظيم سبل العيش، تحت نظام خاص يقوم به شخص أو مجموعة أشخاص، وهذا النظام لم يأتي من عبث بل ان الحكماء اقاموا هذا الشكل من التنظيم لإدارة البلدان بدأً من أول مؤسس للأنظمة الإدارية للدولة حمورابي في بابل العراق الى يومنا هذا، وإن اختلف تلك الطرق كما بينا الى أنواع من الاليات التي تدار بها البلدان من إمبراطورية، وسلطنة، ومملكة، وأمارة، والدولة والجمهورية، وما الى ذلك من أنواع الحكم والأنظمة التي يتمتع به بلد ما، هذا كنظام دنوي سعى البشر لإيجاده لتنظيم الحياة وترتيب أسلوب العيش، لكن مع كل ذلك لم نجد بلد من تلك البلدان قد خلا من كونه ينتمي الى ديانة ما، من تلك الديانات التي جعلها الله تعالى لإرشاد الناس الى الاعتقاد به تعالى وبناء الحياة الحقة بناءً على الرؤية الشرعية، فتكون هي الجهة التي تنظم الحياة الشرعية المرتبط بهم، فتجد ان بلد من البلدان يدين بالمسيحية، والأخر باليهودية، وبلاد العرب، وبعض بلدان الأسيوية، والأفريقية، تدين بالإسلام، فتأخذ بلدان المسيحية من البابا كل ما يتعلق بالعقيدة، والاحكام المرتبطة بالشرع، ونجد اليهودية تتحكم الى الحاخامات الذي يكون هو المنبع للدين عندهم، وتجد عندنا كمسلمين مع اختلاف اشربتنا المذهبية، يكون التشريع عندنا مأخوذ عن الفقهاء الذين يتمرسون المعرفة الفقهية لإيجاد الاحكام الشرعية، فعند المدارس الإسلامية تجد المفتي أو هيئة العلماء التي تكون هي الباب لبيان تلك الأحكام الشرعية، أما نحن كطائفة شيعية، فالفقيه العادل الجامع للشرائط الذي نعتقد أنه هو نائب الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بالنيابة العامة التي جعل للفقيه ليقوم مقامه بزمن الغيبة، والزمنا بالرجوع إليه لإخذ احكام ديننا الحق، فيكون هو المتصدي للأمور الشرعية، بل في بعض الأحيان يكون هو المتصدي للمسار الإداري عندنا، حينما يرى المصلحة بالتدخل لحلحة الامور التي لابد أن يكون للشرع تواجد فيها، وفي حياتنا الكثير من النماذج التي لا تغيب عن اذهاننا، منها فتوى التنباك العظيمة التي أطلقها السيد محمد حسن الشيرازي (قدس سره الشريف) وغيرها من حركات تصدي المرجعية الى تصحيح مسار، وإنقاذ الحياة عندما تكون البشرية في تهديد حقيقي، وخير مثال فتوى الجهاد الكفائي التي لازلنا نعيش نعمتها الى يومنا هذا منذ أكثر من ثلاثة سنوات مضت والتي اطلقها أية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام الله وجوده المبارك والتي لاقت التأييد التام من مراجع الأمة أدام الله وجودهم. 
لكن، كل ما تقدم من أن البلدان تخضع لكلا النظامين الإداري الذي اسميته الدنيوي واقصد به ما ينظم الحياة الدنيوية للبشر من أجل العيش بسلام، والنظام الشرعي الذي جعله الله لبناء الحياة البشرية وتصحيح الانتماءات الاعتقادية والأعمال بناءة على الرؤية الشرعية، نجد هناك من يتعامل مع تلك المؤسسة الدينية التي جعلها الله بمثابة الركن الركين لديمومة الحياة بالنظرة الشرعية التي وجدت لأجلها وخصوصاً بعد بيان اعتقادنا بالنيابة للإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فنجد الازدواجية في التعامل على صعيد الفرد والمجتمع، وإن كان ليس كل المجتمع، بل البعص منه نلاحظه حينما يكون هناك مطلب يكون له فيه نفع تجده يصغي الى صوت الشرع والدين، والمتمثل عندنا بالمرجعية الدينية العليا التي هي العنوان للتشريع الإلهي بالنيابة التي خصها بها الامام المعصوم، فنجد أولئك البعض يقفون الى صفها، حين يكون النداء فيه وصف يمكن أن ينصب عليهم، حتى على نحو التأويل بما يوافق رغباتهم، وحيث لا يمكن ذلك التأويل، نجدهم يخرجون بشعارات يجعلون الدين هو المسبب الأول لتلك الانتكاسات التي حصلت وتحصل متشدغين بتصدي بعض من لبس ثوب الدين معتقدين حقيقة تمثيلهم له والدين من أولئك براء. 
وهذه الظاهرة وأن لم تكن عند ذلك البعض من أبناء مذهبنا، بل هي ظاهرة عامة تشمل كل البلدان التي تنتمي لتلك الديانات سالفة الذكر، فنجدهم بعد كل فشل يرمون اللوم على لدين، وكأن الدين هو المتصدي الحقيقي لتلك الأنظمة الدنيوية متناسين أن المتصدي هو شخص منهم، ولعلهم هم الذين أوصلوه الى مركز التصدي بأيديهم، نظراً لسوء اختيارهم، فهذه هي إزدواجية الانتماء للدين، الذي ينبع عن مدى الاستفادة من الدين ليكون هو صاحبه والمتمسك بالمبادئ التي يرسمها، فمتى ما رأى ان المصالح الخاصة تتنافى مع القيم الدينية، نجده أول الضاربين بخنجر الغدر للدين، ورجاله، وما تلاقيه المرجعية الدينية العليا من مزدوجي التعامل اليوم خير مثال، فحينما يجد السياسي ما ينفعه وقف بجانبها مؤولاً كلامها ليصب النفع له، وحينما يجده ينصب عليه بوضوح النقد وجلي الإشارة التي ليس معها صحة تأويل، يكون مشوهاً طاعناً بها متنكراً لمقامها، وكأن من يدين له بالولاء لم يقل: "والرادّ عليه رادّ على الإمام، والرادّ على الإمام رادّ على الله تعالى، وهو على حدّ الشرك بالله" وذلك كلام صادق آل البيت (عليهم السلام).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=134961
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16