• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ولكم في الشيخ زبير حسرة يا معشر الأدباء! .
                          • الكاتب : د . نضير الخزرجي .

ولكم في الشيخ زبير حسرة يا معشر الأدباء!

 الأبتر .. كلمة ذات وقع سيء على مسامع من ابتلي بانعدام الخِلفة، فالمرء مفطور على حب المال والولد، وهما موطن افتخاره عند المقارنة والمنافسة، فالمال قوة والولد قوة، والأول يندثر والثاني يستمر، ولهذا صار مضرب الأمثال فيقال للولد في مصيبته بأبيه: (من خلًّف لمْ يمت)، وهي حقيقة بخاصة إذا كان الولد باراً بوالديه في حياتهما وبعدها، ولذلك يترحم المرء على الوالد عند رؤية الولد لاعتقاد جازم بأن سلسلة الخير لم تنقطع بموت الأب، وفي هذا يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع): (سعد امرؤ لم يمت حتى يرى خلفه من نفسه)، وهي سعادة لا يقدرها إلا من فقد نعمة الولد لسبب أو لآخر.
وهناك نمط آخر من الناس يترك ما هو أعزّ من المال والولد، يذكرهم الناس في كل محفل وناد، ألا هم الشعراء، فالقصائد والأبيات أبناء وأحفاد وذرية، يتناسلون ويتناسخون كلما صدح المنشد بأبياتهم في محفل عام أو خاص، فهؤلاء يسعدون في الحياة وفي الممات، بخاصة إذا كانت القصائد عصماء لها في كل مهرجان ومربد طلاب ومريدون، فمن يتذوق الشعر له المكننة في نسبة البيت إلى قائله ولكن قد يعدم الذاكرة في النطق بواحد من أولاد الشاعر من ظهره وصلبه.
فالشاعر المبدع يحيا بقصائده وأشعاره، وربما يذكره التاريخ ببيت من الشعر تسامقت رايته بين جيش من القصائد والأبيات، ولا يذكر التاريخ رجلا ترك من خلفه عشيرة، وقد يموت الكاتب مع كتبه وضياعها  ولا يموت الشاعر وإن ذرت رياح السنين أبياته، فبيت واحد أو شطر بيت قادر على حفظه، ولذا نحفظ للشاعر مكانته وإن غاب عنا نتاجه، فكل شاعر أديب وليس كل أديب شاعر وهذه حقيقة يثبتها الشاعر السعودي المعاصر وهو ينشد من بحر البسيط:
الشِّعرُ فنٌّ حباه الله خالقنا *** بعضاً من الخلق من أبناء حواء
بيد أن الشاعر وإن تعاظم بشعره فهو الآخر بحاجة إلى من يحفظ مكانته ونتاجه بين الأجيال، تقرأه الأمة من خلال أنوار سيرته ولآلئ قصائده، وهو دور يقع على عاتق الآخر، لأن الأمة التي لا تحفظ سيرة عظمائها لا تفلح في حاضرها ولا في مستقبلها، فواقعها ومستقبلها مسيسا الصلة بماضيها، والماضي يبقى في عداد الأموات إن لم يُحيَ بإحياء سيرة العظماء من علماء وأدباء وشعراء وأمثالهم.
ودائرة المعارف الحسينية التي تبنى مؤلفها وراعيها الفقيه الأديب الدكتور محمد صادق الكرباسي حفظ التراث الحسيني والتحقيق فيه أفرد باباً للشعراء الذين نظموا في الإمام الحسين(ع) أسماه (معجم الشعراء الناظمين في الحسين) يتابع للشعراء كل صغيرة وكبيرة زرعوا وعلى مدار التاريخ شجرة أبياتهم في جنة الشعر الحسيني، متخذا لنفسه منهاج بيان سيرة الشاعر من خلال تعاطيه لأغراض الشعر فيظهر جانباً من إبداعاته الشعرية وأنماطها تاركا الشعر الحسيني في مواضعه في دواوين القرون الخاصة بالقصائد التي نظمت في الإمام الحسين من القرن الأول حتى الآن في العشرات من المجلدات صدر منها نحو عشرين مجلداً.
وبين أيدينا الجزء الثاني من معجم الشعراء الناظمين في الحسين، في 540 صفحة من القطع الوزيري صدر هذا العام (2012م) عن المركز الحسيني للدراسات، يتناول الشعراء في إطار حروف الباء والتاء والثاء والجيم والحاء بعد الألف في 46 ترجمة، مع تقريض بقلم المحامي عبد المنعم محمد حسن مستشار رئيس جمهورية جُزر القمر.
زمن الشيخ زبير!
كان الرئيس الليبي معمر القذافي المقتول على يد معارضيه عام 2011م يرى أن الشاعر الانكليزي وليام شكسبير (William Shakespeare) المتوفى عام 1616م من أرومة عربية وأنه الشيخ زبير بلحمه وشحمه ولكن الإنكليز حرفوهُ إلى شكسبير، مقولة لم يتم التحقق منها، ولكن من المؤكد أن شكسبير يلقى من الإحترام في الأدب الإنكليزي وعلى أرض الواقع ما لم يلقه أديب عربي راحل ولو كان شكسبير أو الشيخ زبير في مجتمع عربي لم نكن لنعرف عنه الكثير كما يعرف عنه الناطقون باللغة الإنكليزية وغير الناطقين بها.
وهذه حقيقة لمستها لمس اليد ورأيتها مرأى العين، فناهيك عن حضوره المتميز في الأدب الإنكليزي في المراحل الأولى من الدراسة حتى الدراسة الجامعية والدراسات العليا فإن ما تركه من آثار غير منقولة كمنزله ومكتبته هي قائمة ليومنا هذا، وهي محط زيارة قوافل الزائرين القادمين من داخل المدن البريطانية وخارجها على مدار السنة، وكنا في عيد الأضحى للعام 1432هـ (6/11/2011م) مع الأهل وعدد من الأسر التي رمتها رياح الهجرة إلى الجزيرة البريطانية في زيارة لمسقط رأس الأديب وليام شكسبير في مدينة ستراتفورد أبون أفون (Stratford Upon Avon) على بعد 110 أميال شمال غرب لندن، فما تركه شكسبير عبارة عن المنزل الذي ولد فيه عام 1564م، ثم البيت الذي سكن فيه منذ عام 1597م حتى مماته، وبالقرب منه منزل كبرى بناته سوزانا (Susanna) ومنزل زوجته آنا هذاوَي (Anne Hathaway)، وفي نهاية الشارع تقع كنيسة المدينة التي تضم مقبرته، وعلى مسافة ثلاثة أميال هناك مزرعة والدته ماري آردين (Mary Arden)، هذا كل ما تركه شكسبير وراءه، فكل شيء تراه يعيد بك الذاكرة الى القرن السابع عشر الميلادي فحيطان البيت تحكي عن قدمه.
 وبالطبع لم يكن الدخول إلى هذه الأماكن مجانا، فالبطاقة الفردية تعادل 30 دولاراً والبطاقة العائلية تعادل 77 دولارا، بل حتى المرور من الكنيسة إلى مؤخرتها حيث يقع قبر شكسبير بحاجة إلى ثلاثة دولارات للشخص الواحد، وحيث أن ثقافة الشرقي وبخاصة القادم من العراق هي ثقافة المجان حتى ولو كان على حساب كاهل الحكومة أو البنى التحتية للمدينة المزارة، فإن بعضنا استثقل دفع المبلغ رغم أننا قطعنا المسافة كلها مع أهالينا من أجل الإطلاع على بقايا وليام شكسبير.
في مثل هذه الأجواء حيث احتفظت الأمة بتراث شاعرها واعتبرته إرثاً قومياً يوفر لها دخلاً لا بأس به كل يوم فضلا عن تحريك عجلة إقتصاد المدينة النائمة على ضفاف نهر أفون، تساءلنا كم من أديب وشاعر في الأمة العربية والإسلامية يفوق شكسبير مكانة أدبية؟ لاشك أنهم كثيرون، ولكن كم من هؤلاء تحول إلى إرث قومي، وكم من هؤلاء نحتفظ بمساقط رؤوسهم ومنازلهم في حلهم وترحالهم وكم من هؤلاء نعرف قبورهم؟ بالقطع أن الجواب سلبي للغاية.
وقد أعادني كتاب الأديب الكرباسي (معجم الشعراء) إلى شكسبير ومنازله، فنحن نعرف شكسبير عبر روميو وجوليت وعطيل وهاملت منذ أن وعينا القرطاس والقلم ولم تطأ أقدامنا أرض الجزيرة البريطانية، ولكن كم من الإنكليز يعرف حسان بن ثابت ودعبل الخزاعي والمتنبي وأبو فراس والفرزدق وجرير؟ إذا كنا نحن الناطقون بالعربية نجهل الكثير عن سيرة هؤلاء الكبار في الأدب العربي المنظوم، بل نجهل أسماءهم فما بالك بغير الناطقين بالعربية!.
ولذا أجد أن الجهد الذي يبذله الكرباسي في معجم الشعراء هو جزء من ثقافة حفظ التراث الشعري، فقد امتطى نافر الصعاب من السير والمعاجم وذللها للقارئ العربي، وأتمنى على كل مدينة أن تتعلم من الأخرى في حفظ تراث شعرائها، لأن التراث هو الجذر الذي تمتص منه المعاصرة معادن وجودها وغذاء ديمومتها، وهي ثقافة إنسانية قبل أن تكون ثقافة غربية أو شرقية، ولا تفرط في رجالاتها ونتاجاتهم، فالتفريط هو أول السلم على طريق الإنحدار الثقافي، وهو ما شكى منه الشعراء الذين جاء ذكرهم في هذا المعجم كقول الشاعر القطيفي إبراهيم بن أحمد العبدي السكوني المتوفى بعد عام 557هـ (1162م) وهو يتأوه من الجاهلين منشداً من المتقارب:
فمثلُ البهائم لا يعرفو *** ن ما الفرقُ بين الحصى والذهبْ
إذا نظمَ الشعرَ في مثلهم *** فصيحٌ بكى شعرُهُ وانتحَبْ
ولهذا يحذر من تقلبات الزمن، مضيفا:
خذِ الحذرَ من أهل هذا الزمان *** وكُنْ مُمعناً منهمُ في الهربْ
فإني رأيتهمُ في عمىً *** لجهلهمُ بكلام العربْ
فالحذر كل الحذر من الزمن الذي يداس فيه الأدب الرصين تحت أقدام الجهل ويضيع عظماء الأمة في متاهات الجاهلين وأنصاف العلماء الذين يظنون أنهم يحسنون صنعا، وفي الأثر المنسوب للنبي محمد (ص): (إرحموا ثلاثة: عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر وعالما يتلاعب به الجهال- الصبيان-).
غربة وطن وروح
في الواقع أن الشاعر الذي يعيش الغربة في وطنه من الطبيعي أن يعيش الغربة بعد رحيله، وهو الذي طالما كافح بشعره ونافح من أجل رفعة الوطن وسموه، وهذه واحدة من معاناة الشاعر الذي يحترق كشمعة من أجل صالح البلاد وصلاح العباد، بخاصة الشاعر الذي يستشعر ألم الأمة فيترجم مشاعره إلى أبيات تتصل قواعدها بنياط قلبه وترقص قوافيها على نبضات شرايينه، ولهذا فمعظم الشعراء الذين تغنوا للوطن كانوا خارجه مكرهين أو مرغمين، وفي هذا المقام يقول الشاعر السعودي المعاصر إبراهيم بن عباس نتو المولود في مكة المكرمة عام 1946م من مجزوء الكامل من قصيدة بعنوان "أنا الوطن":
إنِّي الحفيظ على الوطنْ *** درعٌ يقيه من المحَنْ
أحمي البلادَ ومَنْ بها *** أرعى الفضائل والمَنَنْ
فالشاعر هنا يتلقى المسؤولية لا كوظيفة يؤجر عليها من لدن الحاكم، وإنما هي مسؤولية كينونية في ذات الإنسان لأن رعاية الوطن من رعاية العرض والمال والدين، وفي الحديث المأثور عن النبي محمد(ص): (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد).
من هنا فان الخطيب والشاعر العراقي الدكتور أحمد بن حسون الوائلي المتوفى عام 2003م يتقطر قلبه حزناً وأسىً على ما حلَّ بالفلسطيني الذي شرّدته الحروب داخلها وخارجها، فيضع نفسه مكان ذلك اللاجئ الفلسطيني الذي سكن الخيام بعد فقد الأهل والوطن والمنزل بعد حرب 1967م، فينشد من المتقارب:
فلسطين والفجر دامي الشروق *** وأبعاد سينا لظىً يحرق
وفي القدس حيث الصمود العنيد *** على الموت أنيابه تطبق
إلى أن يصل موضع الشاهد:
لماذا أنام بهذي الخيام *** وخدي على الترب لا يرفق
وأمي بجنبي تنثّ الدماء *** من صدرها وأخي يشهق
وآكل من كسر المحسنين *** وأرضي خيراتها تغدق
لماذا يسموننا اللاجئين *** أليس لنا وطن مُسبق
ومن المؤسف أن خيام اللاجئين نُصبت للفلسطينيين بعد أن أبعدوا من بلد أولى القبلتين وثاني المسجدين، ونُصبت للعراقيين إبان حكم نظام صدام حسين (1968- 2003م)، فآلاف سكنوا الخيام في مدن إيران بعد أن أبعدوا إليها عام 1980م ولازال العديد منهم يعيش في الخيام إلى يومنا هذا، والآلاف سكنوا مخيمات رفحاء في السعودية بعد أن فروا من أمام القوات العسكرية الزاحفة على المدن المنتفضة عام 1991م، وهناك مخيمات في الصومال وغيرها من البلدان، بل وهناك أناس يعيشون في بلدانهم غرباء يسكنون في مجمعات موصوفة بالسكنية تبكي من حالها مجمعات اللاجئين، أناس فقدوا إنسانيتهم وهم بين أناس يدّعون الوطنية، ولهذا فإن الشاعر العراقي أحمد بن حسن مطر المولود في قرية التنومة بالبصرة عام 1953م صاحب الـ (لافتات)، يتوجع من الكامل:
وأقول كل بلادنا محتلةٌ *** لا فرق إن رحل العدا أو رانو
ماذا يُفيد إذا استقلت أرضُنا *** واحتُلَّت الأرواحُ والأبدانُ
ستعودٌ أوطاني إلى أوطانها *** إن عاد إنساناً بها الإنسانُ
فالشاعر أحمد مطر يرى أن الإحتلال مازال قائما إن لم تتغير النفوس، وهي رؤية قرآنية تتبنى الواقع، فالإحتلال العسكري أهون من إحتلال النفس والروح وخرابهما، ولهذا فإن النبي الأكرم محمد(ص) يرى في قعقعة السيوف جهاداً أصغر، فيما أن الجهاد الأكبر في محاربة النفس، ففي الأثر: (أن النبي (ص) بعث سرية فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ، فقيل: يا رسول الله ما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس)، فالفرح الحقيقي ليس في الإنتصار العسكري أو خروج المحتل من البلد، وإنما مبلغ الفرح عندما تنتصر الأمة في امتحان جهاد النفس، لأن العدو لا يخشى الأبدان قدر خشيته من الأنفس إذا ما استيقظت.
أمجاد وأصدقاء
بالطبع ليس كل الشعراء على حد سواء، فالناس أصناف، والعلماء درجات وكذا الأدباء، والشعراء لا يشذون عن هذه القاعدة، ففيهم المكثر وفيهم المقل، وفيهم من تحفظ شعره وفيهم من تمر عليه مرار الكرام، وفيهم مَن طوّع القوافي الوحشية وفيهم مَن نفرت منه القوافي الأهلية، بيد أن الشاعر المجيد هو من تنضح من قوافيه الحكم، لأنها والبيت يصيران مضرب الأمثال، وخير الأبيات ما تداولها الناس في حياتهم اليومية وتأدّموا عليها واستزادوا من مائدتها، ومن ذلك قول الشاعر البحريني القطيفي أحمد بن حسن الدمستاني المتوفى عام 1790م من بحر السريع:
مَن يطلب المجد بغير التعب *** لابد أن ييأس مما طلب
وهي حقيقة يعترف بها العاقل الواثق من خطواته ويتوهمها الغارق في بحر الآمال الكاذبة، يطلب زيادة الخير وهو جالس في داره ولا يدرك أن البركة في الحركة، ومثله مدَّعي العلم الذي تفضحه المواجهة، ولهذا يقول الشاعر السوري المعاصر إبراهيم بن موسى البدراني المولود في دير الزور عام 1960م من بحر السريع:
لا يدع العلم امرؤ جاهل *** يخاف أن يفضحه الإمتحان
العلم سرُّ الله إلهامه *** في القلب لا لقلقة اللسان
وعن الصديق وصدقه، فإن الشاعر العربي أبو الواثق العنبري المتوفى عام 1192م لا يتورع أن يتخذ الصديق سيداً مادام ودودا، ولذلك يقول من بحر الخفيف:
أنا عبدُ الصديق ما صَدَقَ الو *** د وبعضُ الأنام عبدُ الرغيفِ
والمعاناة من الأصدقاء ألحان شجية يعزفها ناي الحزن والوجع عند الشاعر البغدادي أبو المكارم أحمد بن اسفنديار  المتوفى سنة 1241م، فينظم من الطويل:
لقد كنت مغرى بالزمان وأهله *** ولم أدر أنَّ الدهر بالغدر دائلُ
أرى كل من طارحته الود صاحباً *** ولكنه مع دولة الدهر ماثلُ
وربَّ أناس كنت أمحض ودهم *** وما نالني منهم سوى المزق طائل
والشاعر وهو يحكي عن زمانه ودهره الذي لا يرحم الغريب والقريب، بل  ويقرِّب الغريب ويُبعِّد القريب إنما ينطق عن زمن سابق وزمن لاحق، وهذه هي حال الدنيا تتلاقف بأهلها تلاقف الصبيان للكرة، وخير الناس من خرج من نفق الجهالة وحيرة الضلالة واستوى على جودي الهداية.
نتاجات عابرة للحدود
حاول المؤلف في تناول سيرة شعراء النهضة الحسينية الوقوف على أهم المعالم الشعرية لصاحب السيرة وتقديمها للقارئ دون محاباة مبتعداً عن الإنشاء المخل والتدبيج الممل، فالمنهج التحقيقي والتحليلي الذي استنّه لنفسه منذ أن بدأ في كتابة أجزاء الموسوعة الحسينية عام 1987م حتى بلغ المطبوع منها الآن 76 جزءاً في ستين باباً من أبواب العلم والمعرفة، فالهدف من الموسوعة ليس تجمعيها وإلا أمكن طباعة المئات وقد بلغ المخطوط منها اكثر من ستمائة مجلد، من هنا فإن كل سيرة هي في واقعها دراسة أدبية لذلك الشاعر تتجاوز الشخصنة.
ولأن أدب النهضة الحسينية تسوَّر أسيجة المحيط العراقي الذي وقعت فيه معركة الطف الدامية في كربلاء المقدسة عام 61 للهجرة ونصب له خيمة في كل بقعة من بقاع الأرض، فإن الشعراء الذين جاء ذكرهم في هذا المعجم بان تنوعهم، وهم حسب الحروف الهجائية:
إبراهيم بن أحمد السكوني (القطيف)، إبراهيم بن أحمد المداني (اليمن)، إبراهيم بن عباس نتو (السعودية)، إبراهيم بن عبد الله الدبوس (السعودية)، إبراهيم بن غلوم اللاري (الكويت)، إبراهيم بن محمد آل بو شفيع (السعودية)، إبراهيم بن مهدي الدروازئي (إيران)، إبراهيم بن موسى البدراني (سوريا)، إبنة عقيل بن أبي طالب الهاشمية (المدينة المنورة)، إبن قرط الموصلي (الموصل)، أبو بكر بن عبد الرحمن الحسيني (سوريا)، أبو بكر بن منصور العمري (سوريا)، أبو الحسن بن محمد الرضوي (إيران)، أبو زيد الفقيمي (الجزيرة العربية)، أبو السفاح الزبيدي (اليمن)، أبو طالب بن أبي الحسن الفتوني (العراق)، أبو القاسم بن عيسى الفراهاني (إيران)، أبو مقاتل بن الحسن العلوي (العراق)، أبو هريرة بن نزار العجلي (العراق)، أبو الواثق العنبري (العراق)، أبو يعقوب النصراني (الجزيرة العربية)، أحمد بن إبراهيم أبو سعد (مصر)، أحمد بن إبراهيم الحميري (العراق)، أحمد بن إبراهيم الضبي (العراق)، أحمد بن أبي القاسم الطهراني(إيران)، أحمد بن أحمد الحلواني (مصر)، أحمد بن أحمد الخيري (مصر)، أحمد بن أسعد الحارة (سوريا)، أحمد بن اسفنديار البغدادي (العراق)، أحمد بن إسماعيل صندوق (سوريا)، أحمد بن أمين المدني (الإمارات العربية)، أحمد بن جاسم العبيدي (العراق)، أحمد بن حاجي البلادي (المنطقة الشرقية)، أحمد بن حبيب الدندن (الأحساء)، أحمد بن حسن الباقوري (مصر)، أحمد بن حسن الدمستاني (القطيف)، أحمد بن حسن ضحية (سوريا)، أحمد بن حسن القطان (السعودية)، أحمد بن حسن القفطان (العراق)، أحمد بن حسن مطر (العراق)، أحمد بن حسن النحوي (العراق)، أحمد بن الحسن الهاشمي (المدينة المنورة)، وأحمد بن حسون الوائلي (العراق).
هذه مجموعة تراجم لشعراء من ملل ونحلل مختلفة ضمها الجزء الثاني من (معجم الشعراء الناظمين في الحسين)، وهي تقرأ حالة الأمم من حياتها أو موتها وكما يقول المحامي عبد المنعم محمد حسن ومستشار رئيس جمهورية جزر القمر وصاحب كتاب "بنور فاطمة اهتديت" وهو يقرِّض للكتاب: (تُعرف الأمم التي صنعت الحضارات من خلال اهتمامها بتاريخها ورصدها لحنايا الماضي، والتوقف عند محطات العطاء التي من خلالها بنت حضارة تلك الأمة، وكلما كانت الأمة وفية لتاريخها المضيء، مجدة في الإحتفاظ به في ضميرها كلما رأينا حضارة ناضجة)، ولمّا جاءت النهضة الحسينية لإحياء تعاليم السماء التي نزلت على محمد بن عبد الله (ص) والتي أوردها الشعراء في قصائدهم فإن: (عجلات التاريخ لابد أن تتوقف عند الحسين بن علي(ع) وهامات القادة الذين صنعوا حضارات الأمم لابد أن تنحني إجلالاً للحسين بن علي(ع) وقلوب الحالمين بالحياة الكريمة والعزيزة لابد من أن تخشع للحسين بن علي)، وذلك لأن: (الحسين بن علي(ع) حمل رسالة جده وأخذها بكل قوة).
 وحيث لم يطلب النبي(ص) أجراً إلا المودة في أهل بيته عليهم السلام، فإن أقل مراتب المودة هو الإنتصار للحركة الحسينية الإصلاحية على طريق خدمة الناس في مشارق الأرض ومغاربها، من هنا يرى المستشار عبد المنعم محمد حسن أن: (من مظاهر إبراز النهضة الحسينية هو الشعر والشعراء الذين نذروا قوافيهم في خدمة الرسالة الحسينية التي هي خدمة البشرية جمعاء)، ولما كان المؤلف قد وظف أدبه المنثور والمنظوم وكل حياته في خدمة المشروع الحسيني الإنساني، الأمر الذي: (أعطاني الأمل في أن الأمة مازالت بخير طالما يوجد فيها مثل هذا الشيخ المجتهد العالم المحقق، وفي واقع الأمر أن الجهد الذي يقوم به وهو يؤرخ ويحقق ويكتب عن الحسين(ع) أمر غير إعتيادي، وأجزم بأن العناية الإلهية هي التي وفقت هذا الشيخ المثابر ليكتب هذه الموسوعة التاريخية التي لا يوجد لها نظير سابقاً وأعتقد أنه سيصعب وجود مثلها لاحقاً، وإن كان الإمام الحسين صفحات كتابه بمقدار تفاصل الكون والتكوين، إلا أنَّ الجهد البشري الذي نراه في هذه الموسوعة لا يسعنا إلا أن نحني الهامات احتراماً وإجلالاً لها)، وهو جهد أكثر من إستثنائي لم يأخذ بعدُ نصيبه من التجليل والتكريم.
الرأي الآخر للدراسات – لندن
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13486
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28