• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السيد الشهيد محمد باقر الصدر والقران .
                          • الكاتب : الشيخ علاء الساعدي .

السيد الشهيد محمد باقر الصدر والقران

🔔 المدرسة القرآنية إنموذجا (( العمل الصالح )) رؤية قرآنية...

من الجوانب المهمة التي تطرق إليها السيد الشهيد محمد باقر الصدر( رضوان الله تعالى عليه) في مقالاته القرآنية هي موضوعة (( العمل الصالح في القرآن )) في محاولة لإستقصاء المعيار القيمي للعمل من وجهة عامة إنسانية والقيم الخلقية التي يؤمن بها .....

🖌 ولا نريد التقييم للعمل من وجهة اقتصادية بحته التي تدور مدار العمل المأجور ودوره في الإنتاج وسهمه من التوزيع بمعنى نريد أن نقف على التسعيرة الأخلاقية للعمل الإنساني البشري لا تسعيرا اقتصاديا ماديا.....

⚜ ومن هنا يحق لنا أن نتسائل: ما هي المعيارية التي يجب اتباعها للكشف عن قيمة هذا العمل أو ذاك ؟ ودرجة الأهمية من الناحية الخلقية والمعنوية؟؟

🔰في مقام الجواب عن هذا التساؤل لابد أن نفهم هذه المقدمة التي حاصلها ان إجابة هذا التساؤل متفرع عن المفاهيم الخلقية والمعنوية التي يمتلكها اي مذهب من حيث طبيعة الأهداف التي يتواخاها كل مذهب على حده لتكون في النتيجة النهائية(( المثل العليا)) التي يرام رفع البشر إلى سنامها....

❇️ بعد هذا يذكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه ثلاثة مذاهب ونظريات للإجابة عن هذا التساؤل :

المذهب الرأسمالي: حيث يقيم هذا المذهب العمل من ناحية المنفعة الإجتماعية ومصلحة الإجتماع فكل عمل ساهم في مد جذور المجتمع من ناحية العلاقات بين أفراد المجتمع وقيمومتها على اساس المنفعة المتبادلة فهو عمل رصين وشريف ويستحق التقدير والاحترام وعكسه يستحق الذم والتحقير والإذلال....

وهذا مما يعني أن قيمة العمل رهين بمنفعته التي تنشأ عنه ولا علاقة لها بالدوافع النفسية التي هي سبب العمل نفسه فحتى لو كانت دوافعه أنانية وعمله نفع المجتمع فهو عمل صالح من وجهة نظرهم.

المذهب الماركسي: التقييم والقيمة للعمل فيما يخدم الطبقة الجديدة التي تكونت على أشلاء الطبقة القديمة باعتبار أن الطبقة الجديدة هي التي تحرك عجلة التأريخ وتسير به إلى التطور فكل عمل يخدم هذه الطبقة فهو عمل نظيف وشريف ويستحق الثناء والتقدير لان ساهم في تطوير المجتمع خطوة إلى الأمام بينما تكون الطبقة القديمة هي العصا التي تقف حجر عثرة في طريق التطور لذلك لابد أن تسحق وتتلاشى وتدع ميل الزمن يمشي عليها وكل عمل يخدم هذه الطبقة يستحق الذم ويعتبر دناءة باعتباره عمي رجعي متخلف ولذا يفضلون لهم (( الإنقراض )) عن ساحة المشهد.

المذهب الإسلامي : التقييم الإسلامي للعمل يختلف مع المذهبين الأولين إختلافا جوهريا تبعا للفروق بين الأهداف العليا الكبرى العامة التي يتوخى الإسلام تحقيقها، وبين الغايات الصغيرة المحدودة الذي يرمي إليه المذهب الرأسمالي....

ويتضح هذا الفارق الجوهري الأساسي للإسلام هو اهتمامه بالدوافع لا بالمنافع القيمة للدافع لا للمنفعة فقرر هذه الحقيقة وهي أنه(( لا عمل إلا بالنية)) فيترتب عليه أن العمل يكسب قيمته الخلقية والإنسانية من نيته بقيد كونها صالحة

قال تعالى ((وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [سورة البقرة 25]

فجعل الجزاء على العمل الصالح وهو مترتب على الاعتقاد((( امنوا))) وهي النية الخيرة الحسنة التي هي الحسن الفاعلي بالإضافة إلى الحسن الفعلي....

⚜ وهذا لا يعني إطلاقا إغفال المنافع الإجتماعية وحياة الناس بل راعى واهتم بذلك ولكنه لم يجعل الاهتمام بالمجتمع هو نقطة الافتراق الجوهري والأساسي بل يجعل المنافع الإجتماعية وحياة الناس والأفراد إشعاع من مركز النور وحقيقة اخرى تعيش داخل الإنسان فليس المهم من وجهة نظر الاسلام صنع علاقات مجتمعية نظيفة بقدر صنع إنسانا نظيف طاهرا ثم يأتي بنيان العلاقات المجتمعية بالدرجة الثانية.....

🔱 فالاطار الفكري العام الذي يقرره الإسلام هو : الإيمان بالله واليوم الآخر 
والدوافع: هي العواطف والميول الخيرة التي تنسجم مع هذا الإطار العام 
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا)
[سورة مريم 96]

وتندمج معه في وحدة روحية يتكون منها الإنسان المسلم ...

والعمل الصالح : هو العمل الذي ينبثق عن العواطف والميول ضمن الإطار العام.

📚 فلذا يرفض القرآن الكريم المقايسة بين العمل الذي يحققه الإنسان ضمن الإطار العام الإيماني بدوافع الهية وبين العمل الذي يوجد بعيدا عن هذا الإطار بدوافع غير إلهية مهما كانت نتائجه ومنافعه ...

قال تعالى (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْي

َوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
[سورة التوبة 19].

ذكرى شهادة المفكر الإسلامي الكبير السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه يوم 2019/4/9.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=132408
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29