• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الثورات العربية.... دور الجماهير أم دور الأحزاب .
                          • الكاتب : علاء الخطيب .

الثورات العربية.... دور الجماهير أم دور الأحزاب

ثمة ظاهرة أفرزتها ثورات الربيع العربي, هي بروز دور الجماهير وتراجع دور الأحزاب, ففي كل الثورات العربية غابت الأيديولوجيا الحزبية و انقادت للجماهير, فلعقود خلت كانت الأحزاب هي من تمتلك ناصية التغيير وتفرض الايديولوجيات و تقود الشعوب, وليس العكس, فقد حصل العكس تماماً في حركات التغيير العربية .



لقد فشلت كل الأحزاب في تثوير الشعوب العربية وكانت في سبات عميق و فقدت زمام المبادرة ولربما أستسلمت لواقعها ودب اليأس في تشكيلاتها ونخر الزمن قادتها. فالمتابع للثورات العربية اليوم يرى بوضوح هذه الظاهرة التي أبتدات بالشعارات التي رفعتها الشعوب والتي أكدت على العدل والكرامة ونبذ الدكتاتورية ولم يكن هناك أي شعار حزبي أو أي أيديولوجي في الشارع وكانت اهم الشعارات هي ( الشعب يريد إسقاط النظام) من أجل الكرامة والخبز والعدالة, وهذا الشعار لا يمكن معرفة إتجاهه الفكري , لذا فهو شعار شعبي بحت لا ينتمي الى أي ايدولوجية.



هذه الظاهرة الملفتة للمتابع تستحق الوقوف والدراسة , فهي تنبئ عن واقع فكري جديد يلحقه واقع ثقافي وإجتماعي وإقتصادي, فلن تتمكن الاحزاب بعد اليوم من فرض أيديولجياتها على الجماهير, فقد رأيناها تلهث وراء الجماهير وتستجدي رضائها, فقد تحول الواقع السياسي من الواقع الحزبي الى واقع التيارات الشعبية, وبعد أن فقدت الأحزاب مصداقيتها وافلست شعاراتها وأصيبت الجماهير بخيبة أمل عظيمة جراء برامجها الفضفاضة .



وان ما نراه من صعود التيارات الراديكالية الى الحكم لم يكن إلا غفلة شعبية أو نزوة على الحكم من قبل الأحزاب التي استغلت العواطف الدينية, ولا أظنها ستستمر أو تستقر هذه الحالات إذا ما استمرت الأحزاب بفرض إرادتها وفكرها على الشارع. ولعل بوادر الصراع بدت واضحة في مصر وتونس وليبيا.



وهناك من يقول أن الاحزاب الدينية هي الأخرى تحمل أيدولوجيا وقد إنتخبتها الجماهير بملء إرادتها, فهذا القول لا يخلو من صحة, ولكن هذه الاحزاب لم تقدم برنامجاً إنتخابياً يقنع الجماهير حتى تُنتحب على أساسه, فالجماهير لم تنتحب الأحزاب الدينية على اساس العقيدة أو ان الجماهير مؤمنة ببرامجها الانتخابية التي لم تقدم اصلاً كما اسلفنا, ولكن الجماهير إنساقت نحو العواطف الدينية فكان الإنتخاب عاطفياً , فالشارع العربي تتملكه عواطف دينية وليس عقيدة دينية والفرق بين الأثين كبير.



لكن الجماهير ستنتظم باحزاب (مستجدة) في النهاية على انقاض الأحزاب البائدة , ولكنها مختلفة عنها تماماً , فالاحزاب البائدة كانت أولويتها السياسة الخارجية والسيطرة الأقليمية لفرض ايدولوجيتها, فهي تُسَخر كل إمكانيات البلد لهذا الغرض, وكان هذا هو السبب الرئيس للقمع والاستبداد فكلما تكلم المعارضون كان العذر بالمؤامرة الخارجية , فالايديلوجيات تصطنع أعداءً وهميين.فهي شبيهة بدونكيشوت تحارب الطواحين وتتحدث عن الإنتصارات وتُضخِّم ذاتها.



بينما الأحزاب المستجدة ستكون اولويتها الخدمات والسياسة الداخلية التي تقوم على إرضاء الشعوب والواقعية السياسية, وهذا هو التحول الجوهري في العقل السياسي العربي, وسيترتب على هذا الأمر مغادرة العقل السياسي العربي الوعي القومي الى الوعي الوطني وسيكون الشعارالأول هو ( البلد ... أولاً) وهذه هي الخطوة الأولى في طريق الديمقراطية الحقيقية, فالديمقراطية تعني حكم الشعب ودولة المواطن والمواطنة. وستصبح مصلحة المواطن هي أولى الأوليات لدى الأحزاب المستجدة.



هذا التغيير البنوي في الفكر السياسي سينقل المجتمعات العربية الى واقع جديد على كل الأصعدة . وستنتقل الشعوب تبعاً لذلك من الرعية الى المواطنة.



لقد رأينا الأنظمة البائدة كيف كانت سخية مع الشعوب الأخرى وبخيلة على شعوبها الى حد الحرمان, وكان هذا هو أحد الأسباب التي أدت الى هذا التغيير الكبير.



لقد زالت بعض الأنظمة ذات التوجه الأيديولوجي الثوري والبقية في طريقها الى الزوال, حيث لا مكان للاحزاب والسياسات المؤدلجة التي لا تراعي مصالح الشعوب. فالأوطان هي اكذوبة مالم تمنحنا العزة و الكرامة, فخير البلدان ما حملتنا.





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13217
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19