مُذ كنت طفلاً وأسمك استوطن الروح ...وحين بلغت من العمر  رشداً صرت صديقي الذي ابث اليه ما اختلج به الفؤاد ...
فكان الله سبحانه يدلّني الى طريقك عندما ابتعد ...وقلبي يتوجه نحو ضريحك كلما شعرت بقسوة الدنيا ...
ثم رافقتني في حليّ وترحالي ...وكم رجوت الله بأسمك ان يستجيب دعائي ...
يا جدي وأبي ...يا صاحبي وصديقي ...يا قدوتي وقائدي ..يا رفيقي وحبيبي ...يا قبلة الروح ومنيتها ...يا سراج النفس حينما تغيب  عنها الشمس ...
 هذا المساء لن أبوح لك بسرّي ..ولا أشكو لك من قسوة الدنيا ...اليوم انت مقبلُ على الموت ومدبر عن هذه الدنيا ...وسجّانك أتى اليك بالسم كي يقطع به أحشائك ...وانت تصلي وتتهجد ..وتركع لله وتسجد ...سيتم اغتيالك بهذا الجندي  الذي قضى على جدك الحسن  واصحاب آبائك ...
ساعات معدودة ويبدا السم يسري في جسدك المنهك من العبادة ...وياخذ السجّان بشرى قضاء نحبكَ الى هارون ...ليكشف نواجذه فرحاً ...ظناً منه انه قضى على الحرية والرأي والعدل  التي طالما دافعت عنها وطالبت بها  بوجه الطغاة ...
فانت لست حبيس طامورة مظلمة فقط ...بل حبيس الرأي والكلمة ...وشهيد الموقف والمبدأ والقيم ...
ما يؤلم يا سيدي انهم أوغلوا في قتلك حينما وضعوا نعشك على جسر بغداد ...محاطاً بحرس غلاظ وسيوف يقطّر منها الحقد وأوامر صدرت بالقتل من عبيد الكراسي
 وقنْ السلطة وعشاق الظلم ...
 هذا المساء سيكون لرحيلك وقعُ آخر  وكأنما هي ليست 1257 عام بل كأنها الليلة 
لذا لن أبوح لك بشيء هذا المساء سوى بالدموع ....وشيئاً من البكاء على الحسين .