• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عَن الظَّواهِر غَير الأَخلاقيَّة في المُجتَمَعِ!* .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عَن الظَّواهِر غَير الأَخلاقيَّة في المُجتَمَعِ!*

   السُّؤال/ إِنتشار ظاهرة مَثليَي الجِنس في العراق يرجِعُ لأَسبابٍ أَغلبها نفسيَّة، إِذ ازدادت هذه الظَّاهرة إِزدياداً كبيراً بعد عام ٢٠٠٣.
   ما هو رأيَكم العام حولَ هذا الموضوع؟!.
   الجواب/ هَذِهِ الظَّاهرة ليست بجديدةٍ في مجتمعاتِنا الشرقيَّة، والتي ابتدعَها قَومُ لوطِ الذين سكنُوا في منطقة البحر الميِّت [غَور الأَردن] [المملكة الأَردنيَّة الهاشميَّة حاليّاً] ومنهُم انتشرت إِلى بقيَّة شعوب منطقة الشَّرق الأَوسط لتعمَّ العالَم كلَّهُ فيما بعدُ.
   ولقد أَشار القرآن الكريم إِلى حقيقة أَنَّهم هُم الذين ابتدعُوا هَذِهِ الظَّاهرة التي لم تكُن معروفةً من قَبْلُ بقولهِ تعالى في مُحكمِ كتابهِ الكريم {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ} وفِي آياتٍ أُخرى {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}.
   وفي فتراتٍ مُختلفةٍ من العصُور الإِسلاميَّة احتضن قصر الخِلافة الظَّاهرة بشَكلٍ رسميٍّ وقانونيٍّ، إِن صحَّ التَّعبير، حتَّى أَنَّ التَّاريخ، الذي تحوَّل كثيرٍ مِنْهُ إِلى أَفلامٍ ومُسلسلاتٍ تلفزيونيَّةٍ، يعرِض الكثير منها وكأَنَّها شيءٌ طبيعيٌّ لا حرجَ فِيهِ ولا إِشكال شرعي! برَّرهُ فُقهاء البِلاط وخلَّدهُ الشُّعراء.
   دينيّاً واجتماعيّاً يُطلق على الظَّاهرة بالفسادِ الأَخلاقي كما أَنَّها تُعتبرُ شُذوذاً جنسيّاً لأَنَّ الحالة الطبيعيَّة هي أَن تكون العلاقة بين جِنسَين مُختلِفَين [ذكرٌ وأُنثى] وليسَ بينَ إِثنَين من جنسٍ واحدٍ.
   ولقد خلقَ الله تعالى كلَّ الأَشياء بالحالةِ الطبيعيَّة، سواء التي تتكاثر أَو لم تتكاثر! حتَّى نواة الذرَّة تتشكَّل من مُوجبٍ وسالبٍ فضلاً عن الحيوان والنَّبات وكلَّ ما خلقَ اللهُ تعالى، فأَيَّة عِلاقة بين اثنَينِ من جنسٍ واحدٍ على هذا الصَّعيد تُعَدُّ شذوذاً وفساداً وتحدِّياً لطبيعةِ الخلقِ والأَشياءِ، بغضِّ النَّظر عن إِيمان المرءِ بالدِّين والخالق أَو كفرهِ، فتلكَ هي طبيعة الأَشياء وسُنَّة الله تعالى في خلقهِ ومبنى العُقلاء مهما اختلفت خلفيَّاتهُم.
   في ذاتِ الوقتِ فإِنَّ البعضَ يعتبرُ الظَّاهرةَ حالةً نفسيَّةً يلزم مُراعاتها لمعالجتِها أَو أَنَّها نوعٌ من أَنواع الأَمراض الجنسيَّة التي يجب كذلكَ معالجتِها صحيّاً وليسَ بالقمعِ مثلاً والقوَّة والقهر، وإِلى غيرِ ذلك من التَّفاسير العديدة للظَّاهرة، ولكن لا أَحدَ يَقُولُ أَنَّها حالةً طبيعيَّةً تتماشى مع خِلقةِ الله تعالى وطبيعةِ الإِنسان مثلاً!.
   أَمَّا سببُ انتشارها في العراق بعد العام ٢٠٠٣ فيعودُ برأيي إِلى ما يلي؛
   ١/ بسببِ فوضى الحريَّة التي اجتاحت البِلاد فقد انتقلت الظَّاهرة من الحالةِ السريَّةِ إِلى الحالةِ العلنيَّةِ، ما أَشاعها في المُجتمع.
   ٢/ تحطُّم الأَخلاق والقِيَم الإِجتماعيَّة حتى عادَ مُصطلح [عَيب] الذي كان يتحكَّم في الكثيرِ من تصرُّفات المُجتمع بِدءاً من أَتفه الأَشياء صُعوداً إِلى اَخطرِها، لم يعُد لَهُ معنىً أَو وجودٌ في المُجتمع، ولذلك لم يعُد المُنحرفونَ أَخلاقيّاً يخجلُونَ من أَفعالهِم!.
   لقد سقطَ [الحياءُ] في المُجتمع لأَسبابٍ عدَّةٍ منها انتشار ظاهِرةِ [العمائِم الفاسِدة] التي تورَّطت بالمالِ الحرام والسلوكيَّات غَير القَويمة فضلاً عن تورُّطها في الصِّراع على السُّلطة والنُّفوذ، بالإِضافةِ إِلى تورُّطِ بعضها بالتَّحريض على العُنفِ والإِرهابِ!.
   فالعمامةُ رمزٌ لشيءٍ مقدَّس تضرُّ بشَكلٍ خطيرٍ إِذا أَسقطَ المُعمَّمُ قُدسيَّتها بسلوكيَّاتهِ الغريبةِ!.
   إِنَّ الكثير من مثلِ هَذِهِ الظَّواهر  في المُجتمع، ومنها الإِلحاد مثلاً، تمثِّلُ ردودَ أَفعالٍ حادَّةٍ على ظواهِرَ لم تكُن في الحُسبان أَو تخطرُ على بالِ أَحدِ! خاصَّةً تلك التي تأتي من [رمُوزِ] المُجتمع و [نماذجهِ]!.
   ولا ننسى أَن ننتبهَ لدورِ الفسادِ والفشلِ في الدَّولةِ لإِنتشارِ الظَّاهرةِ وأَخواتِها!.
   ٣/ كما أَنَّ للتكنولُوجيا والإِنترنت الذي فِيهِ ملايين المواقع الإِباحيَّة والتي هي في مُتناول يدِ المُراهقين بشَكلٍ واسعٍ بعيداً عن الرَّقابة سَواء رَقابة الدَّولة أَو الوالدَين أَو حتَّى الرَّقابة الذاتيَّة، إِنَّ لكلِّ ذَلِكَ دورٌ كبيرٌ ومُباشرٌ في انتشارِ الظَّاهرة.
   إِنَّ العالَم الْيَوْم قريةٌ صغيرةٌ في ظلِّ التكنلوجيا والمعلوماتيَّة! ينبغي أَن نضبطهُ بالقوانينِ الصَّارمةِ، فالإِنفلاتُ والفوضى على هذا الصَّعيدِ تُدمِّرُ المُجتمعِ.
   ٤/ ولا ننسى هُنا ما لظاهرةِ العزُوف عن الزَّواج أَو التأَخُّر في سنِّ الزَّواج لأَسبابٍ شتَّى من دورٍ في دفعِ وتشجيعِ المُراهقين على إِشباع ميولهِم الجنسيَّة المُبكِّرة بهذهِ الطُّرق المُنحرفة والتي لا تورِّطهُم عادةً بالفضائحِ المعرُوفةِ جرَّاء الزِّنا من النَّاحية الإِجتماعيَّة.
   ٥/ كما أَنَّ الفراغ القاتل والضَّياع والتسيُّب المدرسي والبَطالة واليُتم المُبكِّر عواملَ مهمَّة جدّاً تُساعدُ في إِنتشار الظَّاهرة الخطيرة التي يلزم أَن يتمَّ مُعالجتِها فوراً ومن كلِّ النَّواحي، الإِجتماعيَّة والأَخلاقيَّة والصحيَّة والإِقتصاديَّة والروحيَّة وغيرها.
   إِنَّ المَرض الذي يتعرَّض لَهُ المُجتمع كالمرضِ الذي يتعرَّض لَهُ الفرد، بحاجةٍ إِلى تشخيصٍ وبحثٍ في الأَسباب وفِي الحلُول اللَّازمة والمُناسِبة، بعيداً عن التَّشهير والتَّسقيطِ والضَّغط والعُنف والقوَّة، فقد تَكُونُ ردودُ الفعلِ بسببِ ذَلِكَ أَخطرُ من المرضِ والظَّاهرة نفسها.
   ينبغي الإِهتمامُ بالتَّعامل ومُعالجة الأَمراض النفسيَّة كما نهتمَّ بمُعالجة الأَمراض الجسديَّة، بل أَنَّ الأَمراض النفسيَّة أَشدُّ خطراً على الفردِ وعلى المُجتمع، وللأَسفِ فإِنَّ مجتمعَنا لا يُعيرُ إِهتماماً يُذكر لها كما يهتمَّ بالأَمراضِ الجسديَّة!.
   *مُشاركتي في تقريرٍ خاصٍّ نُشر في العراق.
   ٧ آذار ٢٠١٩
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=131719
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28