• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وفقة مع الالحاد الوقفة الثانية: اله الفراغات ام فراغ الالحاد  .
                          • الكاتب : نبيل عبد الكاظم .

وفقة مع الالحاد الوقفة الثانية: اله الفراغات ام فراغ الالحاد 


▪تمهيد.
عاش العقل الإنساني خلال سيره الفكري جدليات عدة ومواقف مختلفة من جملتها، جدلية [الله والعلم] التي هي نتاج التفكير الإنساني المادي الذي لا يؤمن بالغيب والماورائيات .
عالم الفيزياء المعاصر ستيفن هوكنج يرسم لنا صورة عن طبيعة الجدلية هذه ، قائلا:
[أن الفلسفة قد ماتت ولم تحافظ على صمودها أمام تطورات العلم الحديثة، وخصوصا أمام الفيزياء ]،واستمرت الحياة، واستمر الزمن، والجدل ما انفك حاضراُ فيهما.
▪حديثاً، الثنائية تلك أفرزت مصطلحاً جديدا يحمل عنوان 
"إله الفراغات".

▪مع المصطلح.
يراد بهذا المصطلح أن الجهل بالسبب المباشر للظواهر الطبيعة كالزلازل والبراكين مع عدم وجود تفسير علمي لها،كان دافعاً للايمان بان الإله هو السبب المباشر لهذا الظواهر، اي ان الإله هو الذي يملأ الفراغات التي يعجز العلم عن تفسيرها في سلسلة الحوادث الطبيعة، والثغرة في هذا الطرح نجدها مع تقدم الاكتشاف العلمي للظواهر الطبيعة حيث ينحسر وجود الإله عن دائرة التأثير والفاعلية، ويتقدم العلم مسافة إلى الإمام.

▪نشؤ المصطلح:.
[يعود هذا المطلح إلى هنري دروموند والذي كان محاضراً مسيحياً في القرن التاسع عشر. ينتقد دروموند المسيحيين الذين يركزون على الأشياء التي لا يستطيع العلم تفسيرها "الفراغات التي يملؤونها عن طريق الإله" ويحفزهم لاعتناق الطبيعة بكاملها كخلق الإله.].

▪الإلحاد والفراغ.
ثم إن الإلحاد وَفرَّ -ما اعتقد به بعض الالهيين المسيحيين من سذاجة في التعاطي مع تفسير الظواهر الطبيعة "اله الفراغات"-إلى رصيد قناعاته، معتبرا ذلك انتصارا للعلم وهزيمة للاله وأتباعه.
يقول أستاذنا الشيخ علي ديلان:
[...وكثرة تشبث الالهيين في دعوى ملأ ألله لفراغات العلم التي تتسع وتضيق حسب التقدم العلمي بجميع مستوياته ذات العلاقة قد أوجد دافعا نفسيا لدى العقل الإلحادي بأن الله غير موجود]
▪الملاحظ على ذلك.
١- هدفية المصطلح.
إن مصطلح إله الفراغات( God of the gaps) من حيث ولادته على يد هنري دورموند جاء كرد فعل نقدي اتجاه العقلية المسيحة في التعاطي مع تفسير الظواهر .
بمعنى أن الرجل ارد إعادة صياغة العقلية المسيحة -عند البعض- في فهم علاقة الإله مع الطبيعة بأنه ليس اله فراغات وإنما اله ابداع بالنحو الكلي لعالم الخلق، وترك تفسير تلك الظواهر للجانب العلمي.

٢- التوسل بالمجهول .
إن التأمل في جوهر قضية "إله الفراغات" نجدها عبارة عن انتقال من مجهول إلى مجهول آخر ؛ اي من الظاهرة المجهول سببها إلى اثبات الإله الذي هو محل جدل ونقاش وهذا سير معرفي غير تام حيث يكون الجهل عنوانا كاشفا عن المجهول الذي هو محل الكلام .
يقول أستاذنا المفضال:
[إن الاستدلال على وجود الله عبر المجاهيل الكونية لا يخضع للمنهج السليم ،وهو أمر فاسد حتما والسرّ في ذلك أن تلك المجاهيل لا يمكن أن يكون لها معطى إيجابي بحيث يوظف في اثبات شي ما...فإن هذا الإثبات يحتاج إلى معطيات إيجابية ثبوتة]. وبلغة منطقية لا حياة لنتيجة مقدمتها مجهولة.

٣- فراغ الالحاد
إن الفكر الإلحادي هو الآخر يعيش مشكلة الفراغ تلك في ما يطرحه من أدلة، يقول إستاذنا :
[...وأنه لا بدّ لنا من أن نصطلح على استدلال الملحد ببطلان "اله الفراغات"على عدم وجود الله بمصطلح "فراغ الالحاد" ونقصد به أن الإلحاد عقيدة او فكرة او اتجاه يؤمن بأن الله غير موجود ...وهو موقف ثبوتي...ولكن نسأل هنا ما هو المبرر لهذا الاعتقاد؟ في الواقع ان الملحد نحى نفس الطريق الذي نحاه بعض الالهيين في تمسكه بفكرة الإلحاد، وأن الفراغ من جانب تلك الأدلة استدعاه أن يملأه بأدلة لا يصححها الحساب المنطقي ولا العلمي ، ومن هذه الأدلة أن نظرية التطور هي نظرية صحيحة اذن الله غير موجود ! أو أن العلم وقف على حقيقة كسوف الشمس ،وهذا يعني أن الله غير موجود...].
اي ان هناك فراغ بين الإثبات المعرفي والانكار المعرفي ،فالاثبات يشرق من جهة،والنفي يغرب من أخرى وما بينهما يكمن فراغ الالحاد حيث لا ربط معرفي سواء الوهم او القلب المريض.

٤-التوافق المعرفي.
إن ثنائية الله والعلم هي ثنائية توافقية لا ثانية جدلية كما يصورها الإلحاد.
إن القاعدة العامة هي[ان الله ابى أن لا تجري الأمور الا باسبابها]
تحمل ثنائية التوافق تلك،فالسبب المباشر للظاهرة لا يتقاطع مع
مسبب الأسباب.
وبعبارة، ان النظر إلى الظواهر ،التي هي محط اشتراك الإله مع العلم ،تارة يكون بالنحو الجزئي وأخرى بالنحو الكلي مثلا العلاقة بين النار والغليان هي علاقةٌ كشف العلمُ عن سترها ولا يصح أن نؤسس عليها استدلالا على وجود الله تعالى، لكن عند النظر إلى الاتساق والترابط والجمال بين تلك الظواهر الكثيرة ، نجد يد الإبداع والخلق الإلهي باعتبار أن كل مفردة في حلقة النظام تشكل قيماً احتماليةً تتصاعد نحو نظرية "المصمم الحكيم".
▪ العلم هنا وفرّ مفردات التراكم الاحتمالي لصالح نظرية وجود الخالق تعالى.
▪اذن العلاقة بين الله والعلم هي علاقة توافقة لا جدلية تباعدية كما يصورها "فراغ الالحاد" او "اله الفراغات".

المصادر..............
١-وجود الله بين العلم والمنهج العلمي للشيخ علي ديلان
ص ٤٧٠ .
٢-ستيفن هوكينج، التصميم العظيم، ترجمة أيمن أحمد عياد، دار التنوير، ص13.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=130891
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29