• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لمحات عن حياة و مؤلفات المؤرخ الكبير زبير بلال أسماعيل .
                          • الكاتب : زينب جلبي .

لمحات عن حياة و مؤلفات المؤرخ الكبير زبير بلال أسماعيل

يعد مؤرخ الكرد و كردستان الكبير زبير بلال أسماعيل  ( 1998 - 1938  ) أحد أبرز المؤرخين الكرد فى القرن العشرين ، و تكمن  أهمية مؤلفاته ، فى طرق موضوعات كان يكتنفها الغموض أو لم تكن تتوفر عنها ، سوى معلومات شحيحة و عابرة ،  متناشرة هنا و هناك  فى بطون المخطوطات و الكتب ، التى تعود لمؤلفين قدامى كتبوا عن الكرد العجب العجاب ، فأتى مؤرخنا الجليل ، و أخذ فى أستجلاء تأريخ أمته و و طنه فى حياد علمى قل نظيره ، و منهج معاصر فى التتبع و التحليل و الأستنتاج التأريخى .
 
اكتسب مؤرخنا الجليل مكانة رفيعة بين المؤرخين الكرد المحدثين و حظيت مؤلفاته و بحوثه التأريخية المعمقة بأهتمام واسع النطاق من قبل القراء و الباحثين على حد سواء ، لدوره الريادى فى تدوين الحلقات المفقودة من تأريخ الكرد و كردستان و تأريخ مدينته أربيل على وجه الخصوص .
 
يعد المؤرخ الراحل أول مؤرخ كردى متخصص فى التأريخ القديم ، حيث تخرج فى جامعة بغداد / كلية الآدب / قسم التأريخ القديم و الآثار / و نال شهادة البكالوريوس فى  " الآثار و الحضارة "  بدرجة أمتياز . و منذ تخرجه فى العام 1960 – و ربما قبل ذلك – أحتل تأريخ الكرد و كردستان قلبه و ذهنه و شغله عن كل متاع الدنيا فى دنياه ، مستأثرا بكل ما فيه من عنفوان و فكر خلاق و عاطفة جياشة و فصر عليه كل ملكاته الخصبة و قدرته الفائقة على البحث و التحليل والأستقراء التأريخى . لقد ادرك المؤرخ الراحل ، ان التأريخ حلقة الوصل بماضى الأمة و له دور مهم فى أستخلاص الدروس و العبر الصحيحة التى تسهم فى ترصين و حدة الأمة و رسم مستقبلها ، لذا كرس حياته و كل جهوده الفكرية و طاقاته العلمية لهذه الغاية النبيلة .
 
 
لم يكن قد تجاوز العقد الثالث من عمره الا بسنوت قليلة ، حين فاجأ الأوساط العلمية و الثقافية  العراقية بمؤلفه الموسوعى الضخم " أربيل فى أدوارها التأريخية " الذى صدر فى العام 1971 و أصبح منذ ذلك الحين المصدر الأساس لدراسة تأريخ أربيل و أنحائها أو بتعبير أدق : المنطقة المحصورة بين الزابين . و تكمن أهمية هذا الكتاب أنه قدم لنا و لأول مرة ،  صورة جامعة و شاملة ، متصلة الحلقات لتأريخ هذه المنطقة التى لعبت دورا كبيرا فى صنع الأحداث و كانت مسرحا لصراعات عنيفة بين القوى  الأقليمية و الدولية الطامحة فى وطن الكرد و ثرواتها الوفيرة . و يكفى ان نقول هنا أن جريدة التآخى العراء كتبت -  أثر صدور الكتاب- تقول ان هذا المؤلف الضخم موسوعة تأريخية لا يستغنى عنا أى مثقف .
 
  صدر لمؤرخنا خلال عمره العلمى الذى أمتد لأكثر من ربع قرن من الجهد الدؤوب المتصل ، العديد من الكتب و مئات البحوث و الدراسات التأريخية القيمة التى توزعت على المحاور التالية :
 
--1  تأريخ كردستان القديم ( الكاشيون ، النائيريون ، الميديون و قيام الدولة الميدية ....  الخ)
 
2- تأريخ أربيل و أنحائها على مدى أربعة لآلاف سنة ، حيث صدر له العديد من المؤلفات حول هذا الموضوع الأثير لديه ، نشرعلى شكل كتب مستقلة أو ضمن كتب أخرى لعدد من المؤلفين مثل كتاب " أربيل بين الماضى الحاضر " الصادر فى اربيل فى العام  1987 أضافة الى كتابه الشهير " علماء و مدارس فى أربيل "   الذى صدر فى الموصل فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى .أضافة الى  دراسات نشرت  فى المجلات الكردية و العربية الرصينة . و نظرا لما اولاه من أهتمام شديد بتأريخ و حضارة مدينته العريقة أربيل  ، أصبح أسمه مقرونا بتأريخ هذه المدينة، حتى قيل ان زبير بلال اسماعيل و أربيل تؤمان , و تجدر الأشارة هنا الى أن الشاعر و المناضل الشهيد مهدى خوشناو كرس ملحمة شعرية رائعة لمدينة أربيل و مؤرخها الخالد نشرت فى جريدة " برايه تى " فى عام  2000
 
 
 
3- مشاهير الكرد و كردستان : حيث تناول بالبحث و الدراسة سير أشهر العلماء و المؤرخين الكرد. مثل كتابه الشهير عن  أبن خلكان و دراساته عن أبن الأثير  ،   أبن آدم  ، أبو بكر الميررستمى و غيرهم .
 
 
 
4       -4تأريخ الأمارات الكردية : أمارة الكرد الهذبانية ، و كان أول من  كتب دراسة مطولة و معمقة عن هذه الأمارة و كذلك دراسته عن أمارة سوران و امارة بابان و غيرها من الأمارات الكردية التى نشأت فى مسيرة الكرد النضالية و التأريخية .
 
5       – دراسات ميدانية : و للمؤرخ الراحل دراسات  ميدانية فريدة فى بابها ، و منها دراسته الممتعة و الثمينة فى آن " الشيخ جولى " و هى أول و آخر  دراسة عن هذا الشيخ الصوفى الجليل ، تعب مؤرخنا فى أستقصاء آثار هذا الشيخ الذى لم يكتب عنه احد شيئا يذكر ، رغم أن اسمه على كل لسان فى مدينة أربيل . من منا لا يعرف جامع " الشيخ جولى " و ميدان " الشيخ جولى " و " شارع الشيخ جولى " فى قلب مدينة أربيل ؟. و لأهمية هذا البحث الرائد عن أحد أهم و أشهر  رواد الطرق الصوفية فى كردستان ، قامت وزارة الأوقاف بأعادة طبعه من جديد فى طبعة جميلة و أنيقة  و ذلك فى العام 2000.
 
6– اللغة الكردية : كان مؤرخنا أول من أثبت ان اللغة الكردية ، لغة مستقلة  و تنتمى الى العائلة الهندو – اوروبية و ليست لهجة من لهجات اللغة الفارسية ، كما روج لذلك بعض المستشرقين و الدبلوماسيين الغربيين .
و قد ترجم هذا الكتاب الى اللغة الكردية و لغات أخرى .
 
7– نأريخ الكرد الوسيط : و له فى هذا الحقل كتاب " الأكراد فى كتب البلدانيين العرب  )
 
8– "تأريخ الكرد الحديث : و له فى هذا الحقل كتابان و هما " كردستان فى المواثيق و  المعاهدات الدولية"  و " تأريخ ثورات بارزان "
 
المجال هنا لا يتسع لا يتسع لذكر المئات من دراساته المنشورة و المخطوطة  . و يكفى ان نقول ان له أضافة لما تقدم ذكره  (14) كتابا مخطوطا لم تر النور لحد الآن ,
 
كان  مؤرخنا الجليل قبلة للباحثين و المؤرخين الشباب و غير الشباب يراجعونه للأستئناس برأيه و أرشادهم الى المراجع العلمية  ورغم أنشغاله كان لا يبخل عليهم بالأستشارة و التوجيه و التصحيح .
 
أن المرء ليعجب ، من  هذا الأنتاج الغزير خلال ربع قرن من الزمن و هى فترة   قصيرة نسبيا فى عمر الزمن .
 
  توفى المؤرخ الجليل فى العام 1998  و هو فى أوج نضوجه العلمى و لم يكن قد بلغ الستين عاما من عمره  .
اليوم لا يمكن لأى باحث جاد و منصف فى تأريخ الكرد و كردستان الا أن بعترف بريادة هذا المؤرخ فى هذا المجال .
 
فى الحفل التأبينى الذى أقامته وزارة الثقافة الكردستانية ، لمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته قال أحد الخطباء : ان مؤرخنا كان يواصل الليل و النهار للبحث فى تأريخ وطنه و أمته  و قدم لنا نتاجات قيمة ستبقى حية فى عقول و ضمائر الأجيال الكردية الصاعدة .
 
و قد ثمنت حكومة أقليم كردستان عاليا  دوره الكبير فى استجلاء تأريخ الكرد و كردستان ، حيث تحمل الساحة الرئيسية فى تقاطع الشارع المئوى ، فى مدخل مدينةأربيل ، اليوم أسم المؤرخ الكبير عن جدارة و أستحقاق . و لقد طالب العديد من المثقفين الكرد بأقامة تمثال للمؤرخ الراحل فى مدينة أربيل ، التى تفتخر بابنها البا ر و أطلاق اسمه على أحد معاهد أو مدارس أربيل ، التى كرس جزءا كبيرا من  حياته لتدوين تأريخها الحافل بالأحداث الجسام و المآثر الخالدة ..
 
 غاب عنا مؤرخنا الجليل بجسده و لكن ثمار فكره و عقله و ذكراه الطيبة  لا تزال تعيش فى وجدان و قلوب الأجيال المتعاقبة من الكرد و سوف تظل حياته نبراسا لكل باحث  فى تاريخ الكرد و كردستان و دور الكرد فى الحضارة الأنسانية.


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : توفيق الوائلى - صحفى ، في 2012/01/09 .

مقال ممتاز لكاتبة قديرة ، نحن بحاجة ماسة الى التعرف اكثر على عظماء الكرد و نوابغهم .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13014
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29