رويتَ القلبَ رشفاً منه ذابا

مداداً راح يرجوك انسيابا

يُضمّخ ريشتي العطشى رويدا
بسحر مثمل يُذكي التهابا

لترصفَ فيك آلافَ المعاني
فتُثني دون معناك الطِّلابا

فلما أن دنت منه اغترافاً
حداها السُّكرُ يؤثره العبابا

هناك تحلَّلت حبرا ولما
تجب عذراً فألتمس الجوابا

سللتُ الضلع من صدري يراعاً 
براه الوجدُ فاتخذ الكتابا

ببسم العشق أفتتح القوافي
فأرسم لوحةً تعلو السحابا

ليحملها الأثير إليك زلفى
فتدرءُ عن خُديِّمك العتابا

أيا سرَّ الوجودِ وكافَ نونٍ
ونونُ الكافِ تكفيكَ الخطابا

ويا نوراً تألَّق فوق نورٍ
بنور النور قد خرق الحجابا

ويا مجلي التمام بكل وصفٍ
من الرحمن تحكيه اقترابا

ومفتتح العوالم في نشوءٍ
وخاتمها إذا ما الخلقُ آبا

يتيه اللبُّ لم يدرك قراباً
يحيطك كيف يستجلي اللبابا

وليس دنوُّ ذاتك في مقامٍ
كقابي قوسٍ العجب العجابا

عجبتُ لنسخة اللاهوت أمست
من الناسوت تتخذ الثيابا

بزغتَ بظلمة الديجور لما
بمكة قد أنختَ بها الركابا

من العليا ذكاءُ الحق أضحت
تبدد في الدّنى عنها السرابا

فشع البدر صنوك في سماءٍ
سناء المجد لا يرضى الغيابا

وأزهرت البتول بها ضياءً
له الأملاك تسجد مستهابا

تحيط بها الكواكب من بنيها
شهور الله تكملها نصابا

فبورك مولدا قد عاد فينا
يعيد اليوم أحلاما عذابا