• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (١٦) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (١٦)

   إِنَّ أَوَّلَ فسادٍ إِستهدفَ الحُسين السِّبط (ع) مُكافحتهُ وتغييرهُ في خروجهِ وفِي حركتهِ الإِصلاحيَّة هو الفسادُ في السُّلطة [الحاكمُ الفاسد] ولذلكَ ذكَّرهم بقولِ رَسُولِ الله (ص) [بعدَ أَن كانَ قد قَالَ مقولتهُ المشهورة {على الإِسلامِ السَّلام إِذا ابتُلِيَتِ الأُمَّة بِراعٍ كَيَزيد}] {أَيُّها النَّاس، إِنَّ رسولَ الله (ص) قال؛ مَن رأى سُلطاناً جائراً مُستحِلّاً لحُرمِ الله ناكثاً عهدهُ، مُخالفاً لسُنَّةِ رَسُولِ الله (ص) يعملُ في عبادِ اللهِ بالإِثمِ والعُدوانِ، فلَم يُغيِّر ما عليهِ بفعلٍ ولا قولٍ كانَ حقّاً على الله أَن يُدخِلهُ مدخَلهُ، أَلا أَنَّ هؤلاء قد لزِمُوا طاعةَ الشَّيطان، وتولَّوا عن طاعةِ الرَّحمن، وأَظهرُوا الفسادَ، وعطَّلُوا الحدُود، واستأثَرُوا بالفَيء، وأَحلُّوا حرامَ الله وحرَّمُوا حلالهُ}.
   لأَنَّ الحاكمَ الفاسد في السُّلطة كالعِمامةِ الفاسدةِ على المِنبرِ!  وهُما كالتفَّاحةِ الفاسِدةِ في سلَّةِ التفَّاح!.
   ويتضاعفُ خطرهُ إِذا تزيَّ بلباسِ الدِّينِ وحكمَ باسمِ الدِّينِ!.
   ولذلكَ استهدف الإِمامُ الشَّهيد تغيير السُّلطة لإِقامةِ حُكمٍ عادلٍ يتَّصفُ فيه الحاكم بما وردَ في عهدِ أَبيهِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) إِلى مالك الأَشتر لمَّا ولَّاهُ مِصر بقولهِ {ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ، مِمَّنْ لاَ تَضِيقُ بِهِ الاُْمُورُ، وَلاَ تُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ، وَلاَ يَتَمادَى فِي الزَّلَّةِ، وَلاَ يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْءِ إِلَى الْحَقِّ إذَا عَرَفَهُ، وَلاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ}.
   إِنَّ إِصلاح الحاكِم الفاسِد لا يتمُّ بالشِّعارات والخِطابات والعنتريَّات وإِنَّما بالعملِ والمُثابرة والصِّدق! فإِذا كانَ المُصلِحُ يُعلن الإِصلاح ويُضمر الفساد، ويتستَّر بالشِّعارات ويختفي خلفَ الخِطابات الرنَّانةِ والتَّغريداتِ الجميلةِ والوعُودِ الكاذبةِ! فلا يمكنهُ أَبداً أَن يُصلحَ شيئاً لا من الحُكمِ ولا مِن الحاكِمِ.
   إِنَّنا بحاجةٍ إِلى حاكمٍ ومسؤُولٍ وسياسيٍّ يتمتَّع بالصِّفات التي وردت في عهدِ الإِمام (ع) أَعلاهُ؛
   ١/ أَن يكونَ الأَفضل من بينِ كلِّ الخَياراتِ المطروحةِ، في التخصُّص الذي يحتاجهُ المَوقع وفي الخبرةِ وتحقيقِ النَّجاحاتِ والنَّزاهةِ وغير ذلك! ولا أَعتقدُ بأَنَّ السَّاحةَ تفتقِرُ إِلى النُّموذج المطلُوب لنضطرَّ لاختيارِ الأَسوأ! فذلك إِجحافٌ بحقِّ النُّموذج المطلوب وظلمٌ للمُجتمعِ على حدٍّ سواء!.
   ٢/ أَن يتَّسعَ صدرهُ ليستوعبَ تحدِّيات وحاجات الموقع بكلِّ أَشكالِها وتفاصيلها كما يستوعب الرَّأي الآخر والنَّقد البنَّاء والمُحاسبة!.
   ٣/ أَن يتراجعَ عن رأيهِ وموقفهِ ورُؤيتهِ إِذا شعرَ بخطئهِ أَو اطَّلع على ما هو أَفضلُ منها فلا تأخذهُ العزَّةُ بالنَّفس وشعارهُ [النَّارُ ولا العارُ] فاللَّجاجةُ بالخُصومةِ والتشبُّث بالرَّأي بعدَ التثبُّت من ضعفهِ وعدم قدرتهِ على الصُّمود بوجهِ الحقيقةِ والواقعِ خيانةٌ للأُمَّةِ! وهو بمثابةِ الإِصرارِ على انتهاجِ طريقٍ معروفةٌ سلفاً نِهايتهُ!.
   ٤/ أَن يكونَ قادراً على إِيجاد المخارجِ لورطةٍ وقع فيها سواءً بسببِ رأيٍ خطأ أَو منهجيَّة غَير سليمة! وهو الأَمرُ الذي يتطلَّب أَن يُذعنَ للحقِّ ولا يستسلم للذَّات، فالإِستسلامُ لها بمثابةِ الهَلَكة!.
   ٥/ الله الله في الطَّمع والجشع فإِنَّهُ رأسُ كلَّ فسادٍ!.
   إِنَّ مُشكلةَ مجتمعاتِنا أَنَّها ابتُليت بسُلطةٍ لا تشبع وبسياسيِّين أُتخِمُوا بالمالِ الحرامِ حتَّى باتَ حالهُم أَقربُ ما يَكُونُ إِلى حالِ جهنَّمَ التي يصفها القرآن الكريم بقولهِ {هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}.
   فعلى الرَّغم مِن إِعترافهم بالفسادِ والفشلِ إِلَّا أَنَّهم لازالُوا يتمسَّكون بالسُّلطةِ وامتيازاتِها ليس مِن أَجلِ حمايةِ البلادِ وخدمةِ الشَّعب أَبداً وإِنَّما لحمايةِ أَنفسهِم ومصالحهِم الضيِّقة وأَنانيَّتهم القاتلة التي دمَّرت البِلاد والعِباد وأَضاعت الخَيرات والمُستقبل!.
   لقد حدَّد أَميرُ المُؤمنينَ (ع) عوامل وشرُوط بقاء الدَّولة بقولهِ {فَإِذا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ، وَأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ، وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ، وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الاَْعْدَاءِ}.
   والعكسُ هو الصَّحيح {وَإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ، وَظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ، وَكَثُرَ الاِْدْغَالُ فِي الدِّينِ، وَتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ، فَعُمِلَ بِالْهَوَى، وَعُطِّلَتِ الاَْحْكَامُ، وَكَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ، فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ، وَلاَ لِعَظِيمِ بَاطِل فُعِلَ! فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الاَْبْرَارُ، وَتَعِزُّ الاَْشْرَارُ، وَتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللهِ عِنْدَ الْعِبَادِ}.
   برأيكَ؛ في أَيِّ طرَفي المُعادلة نَحْنُ الآن؟!.    
    




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=126529
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 11 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16