• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : "المعارضة" فكرة تثير الرعب .
                          • الكاتب : ربيع نادر .

"المعارضة" فكرة تثير الرعب

بشكلٍ مطَّرَد تراجعت لغة التهديد بالذهاب الى المعارضة والتي عكفت عليها أطراف سياسية عدّة قبل وبعد الانتخابات، فالمرشحون للحكومة متعددون لكن لا طرف سياسيّ حتى الآن مرشح لـ"المعارضة"، هذه الفكرة تبدو كما في كل مرّة سببا في إثارة الذعر في الوسط السياسي العراقي.

بنسق الدورات السابقة تتعامل قوى سياسية كثيرة: لا للمعارضة نعم لخيار المشاركة في الحكومة،  والمراجعة في المواقف السياسية المعلنة والأخرى التي يمكن فهمها عن طريق التحليل أو "التسريبات" تثبت أن الكثير من الاحزاب السياسية الفائزة لا تنظر للحكومة القادمة سوى جولة جديدة من كسب المغانم في تراجع لأطراف كثيرة كانت قد هددت بأنها ستذهب الى المعارضة فيما لو تشكّلت حكومة لا توافق مشاريعها وشعاراتها وبرامجها.

وفي لحظة عناد يرفض الزعيم السياسي القبول بجملة تحذيرات كلّها تقول إن "الفشل في الحكومة التالية لا يشبه ذلك الفشل في الحكومات السابقة" هذه الحقيقة التي يمكن انتزاعها ببساطة من موجة التظاهرات المتكررة وصعود ناخبين جدد لا يعرفون شيئا عن طريقة "شحن العواطف" التي سارت عليها الأحزاب السياسية لتهدئة جملة شكاوى من الفشل الحكومي والتقصير في إدارة ملف الخدمات وفوضى البطالة وغيرها.

 

لا تريد بعض الأحزاب الاقتناع بأن الركون للمعارضة أسلم من غيره؛ لأنه يوفّر ولأول مرة "هروبا شرعيا" في وقت كان التملّص وسيلة يمارسها حتى أكثر الاحزاب مسؤولية!

 

اللامعقول هو أنْ ترفض جهة ما تحميلها مسؤولية تقصير أو فساد، لكنها في الوقت نفسه ترفض أن تترك دورها في هذا "التقصير"! دائما تبرّر هذه الجهة أو الجهات بأنّ طريقة "الكلّ مشارك" التي تألّفت  على أساسها الحكومات السابقة هي السبب في عدم النجاح وبصرف النظر عن القناعة بهذا التبرير الا أنّ هذه الشكوى يفترض بها كافية للترك لا التمسك! بالرغم من أن فائدة الطرف "المتخلي عن السلطة" - إن وجد- لا تنحصر بكونه سيحفظ لنفسه شعاراته أو أنه سيكون بمأمن عن اللوم في حال تكرّر الفشل إنما سيتمكّن من إزالة غطاء التبرير عن منافسه الآخر الذاهب الى الحكومة.

 

وبالنظر الى مرحلة ما قبل الانتخابات فإنّ الشعارات التي كانت ترفع كافية لتوقِّع وجود كمٍّ جيّد من المعارضين داخل مجلس النواب لكن المرجّح أن ذلك لن يحدث، الحقيقة أن ثمّة تصريحات تصدر من قوى سياسية مختلفة تشير الى أن هناك قسما كبيرا مستعدا بشكل كامل للجمع بذات الوقت بين اعتراضه على آليّة تشكيل الحكومة والمشاركة فيها؛ ليتسبّب مرة أخرى مع "الشركاء" في تشتيت ملامح الحاكم والمعارض معا في حين إن الفرصة كبيرة للفرز بينهما.

 

فمع هذا الاختلاف السياسي الذي نشهده داخل كلّ مكوّن من المكوّنات الرئيسة لا شيء يعرقل إيجاد ائتلاف حكومي واضح وجبهة معارضة واضحة سوى نزعة الهروب من المعارضة المتوقع أن نشهدها بمجرّد الاتفاق على من سيقوم بتشكيل الوزارة الجديدة.

رغم الادراك لدى الكثيرين بأنّ هذا الاختلاف الشيعي-الشيعي ومثله السني- السني والكردي- الكردي كاف لإيجاد حكومة تضم الجميع ومعارضة تضم الجميع وبالتالي محاصصة بأقل أضرارها.

 

بالمحصلة إن الرغبة في مسك القرار والمشاركة في الحكومة يبقى خيارا مشروعا لجميع القوى السياسية، لكن ما هو غير مقنع هو إهمال رسائل الاحتجاج المتكرّر والتخلّي عن كلّ المقدّمات والشعارات والعودة لطريقة الدورات السابقة، وهو خيار سيتم اللجوء اليه إذا بقيت تلك القوى (المجربة) تفكّر وفق المعادلة: لا حصانة من الحساب من دون سلطة ولا وزن سياسي أو فوز من دون وزارات.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=125371
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 09 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19