• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح404 سورة  المجادلة الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح404 سورة  المجادلة الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{12}

تضمنت الآية الكريمة خطابا مباشرا للمؤمنين (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) , اذا اردتم مناجاة الرسول الكريم محمد "ص واله" بأي امر , فتصدقوا على الفقراء قبل المناجاة , فأن في ذلك جملة من الفوائد :  

  1. فائدة للفقراء , لأن ذلك سيكون سببا في حصولهم على بعض الصدقات .
  2. التخفيف عنه "ص واله" , فكثرة الصحابة حوله "ص واله" , وكل واحد لديه الكثير من الاسئلة , كثير منهم يريد طرحها سرا عليه "ص واله" , مما يشق عليه "ص واله" , ومنها { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ }المائدة101 .
  3. تقديم الصدقة قبل المناجاة تميز المؤمن من المنافق , فالمؤمن لا يتردد في الصدقة , اما المنافق فيتردد فيها .

(  ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ) , ذلك افضل لكم واطهر لنفوسكم , (  فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) , رخصة لمن لم يجد ما يتصدق به قبل المناجاة .  

مما يروى بخصوص الآية الكريمة , لم يعمل بها احدا من الصحابة الا علي بن ابي طالب "ع" , لذا خصته دون سواه , والاخبار في ذلك كثيرة ومن جميع الفرق الاسلامية , ومنها ما اورده الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج5 ننقل منه ( عن علي عليه السلام قال : ان في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى انه كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت اقدم بين يدي كل نجوى اناجيها النبي صلى الله عليه وآله درهما قال فنسختها قوله ء أشفقتم إلى قوله خبير بما تعملون .

عنه عليه السلام في احتجاجه على أبي بكر قال :  فأنشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله صلى الله عليه وآله صدقة فناجاه وعاتب الله تعالى قوما فقال ء أشفقتم الآية أم انا قال بل أنت ذلك أي ذلك التصدق ) .

 

أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{13}

تستمر الآية الكريمة (  أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ) , أخفتم الفقر من تقديم الصدقات قبل المناجاة , نظرا لكثرة المناجاة , او كثرة الحاجة لمناجاته "ص واله" , (  فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ) , تقديم الصدقة قبل المناجاة , (  وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) , بالرخصة "نسخ الآية الكريمة السابقة" , (  فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) , فحافظوا على اداء الصلاة , (  وَآتُوا الزَّكَاةَ ) , وحافظوا على الزكاة , (  وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) , قرن النص المبارك طاعته جل جلاله بطاعة رسوله "ص واله" , (  وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) , ما اعلنتم وما اسررتم منها .  

 

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{14}

تستمر الآية الكريمة (  أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم ) , أي المنافقون عندما تولوا اليهود , (  مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ ) , المنافقون مذبذبين , لا هم من المؤمنين ولا هم من اليهود , (  وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ ) , على انهم مؤمنين , (  وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) , بحلفهم الكاذب .    

 

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{15}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً ) , أي المنافقون , (  إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) , ساء وقبح فعلهم وعملهم .   

 

اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ{16}

تستمر الآية الكريمة (  اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ) , يكشف النص المبارك ان المنافقين جعلوا ايمانهم سترا وغطاء على انفسهم واموالهم , (  فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) , فصدوا المؤمنين عن الجهاد وغيره , بالتثبيط وبث الشائعات وغيرها من وسائل , (  فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) , يتوعدهم النص بعذاب مذل .  

 

لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{17}

تضيف الآية الكريمة (  لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً ) , لن تنفعهم اموالهم واولادهم في درأ عذابه جل وعلا عنهم , ولو باليسير , (  أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ) , سكانها واهلها ووقودها , (  هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) , لا يخرجون منها ابدا .  

 

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ{18}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ) , من قبورهم الى الحشر , (  فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ) , فيحلفون له جل وعلا كما كانوا يحلفون لكم في الدنيا , (  وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ) , تمكن النفاق في قلوبهم , فيظنون ان حلفهم في الاخرة سينفعهم , كما كان حلفهم في الدنيا قد نفعهم , (  أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) , المبالغون في الكذب .  

 

اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ{19}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ) , تمكن منهم وسيطر عليهم واستولى عليهم الشيطان , (  فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ) , انساهم ذكره جل وعلا , فتركوا العمل بطاعته والانقياد لأوامره , (  أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ) , اتتاعه وجنوده , (  أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) , يقرر النص المبارك ان جنود الشيطان واتباعه هم الخاسرون حقا , فقد خسروا الدنيا والاخرة , بل خسروا انفسهم بإيرادها موارد الهلاك .   

 

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ{20}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) , يخالفونه , او يضعون حدودا وشرائع ازاء حدوده وشرائعه جل وعلا , (  أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ ) , من جملة من أذلهم الله تعالى في الدنيا والاخرة .   

 

كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ{21}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ) , كتب الله جل جلاله في اللوح المحفوظ او قضى فيه , ان الغلبة له جل وعلا ولرسله "ع" بالحجج والبراهين , (  إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ ) , على نصر رسله , فينبغي طلب القوة منه جل وعلا , (  عَزِيزٌ ) , منيع , غالب , فينبغي ان تطلب العزة منه , عن طريق التمسك بصراطه القويم .    

مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة ما جاء في تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني " روي أن المسلمين قالوا لما راوا ما يفتح الله عليهم من القرى ليفتحن الله علينا الروم وفارس فقال المنافقون أتظنون أن فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها فأنزل الله هذه الآية" .

 

لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{22}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) , لا تجد ايها النبي "ص واله" قوما يؤمنون بالله تعالى واليوم الاخر يحابون ويصادقون ويوالون من خالف وعادى الله جل وعلا ورسوله "ص واله" , (  وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) , ولو كان المحادّون اقرب الناس اليهم "المؤمنين" , (  أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ) , أولئك الذين لم يوادوهم وان كانوا اقرب الناس اليهم كما حدث مع بعض الصحابة , أثبت الله جل وعلا الايمان في قلوبهم , (  وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ) , نور الايمان , (  وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) , لا يخرجون منها ابدا , وذلك في الاخرة , (  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ) , بطاعتهم , (  وَرَضُوا عَنْهُ ) , بما قضاه جل وعلا لهم وعليهم في الدنيا , وبما وعدهم به في الاخرة , (  أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ) , جنوده وانصار دينه , يطيعونه في ما يأمرهم به , وينتهون عما نهاهم عنه , (  أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) , يقرر النص المبارك ان جنوده هم الفائزون في الدارين .

( عن الصادق عليه السلام ما من مؤمن إلا ولقلبه اذنان في جوفه اذن ينفث فيها الوسواس الخناس واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك فلذلك قوله وأيدهم بروح منه .

وعن الكاظم عليه السلام إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه وتسيخ ف ي الثرى عند إسائته فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاح أنفسكم تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا رحم الله إمرءهم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه ثم قال نحن نؤيد الروح بالطاعة لله والعمل له ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=124035
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29