• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : من أدب فتوى الدفاع المقدسة (قبلة على جبين شهيد) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

من أدب فتوى الدفاع المقدسة (قبلة على جبين شهيد)

رائحة الشهادة تختلف عن رائحة الموت، هذه الحقيقة أعرفها وأؤمن بها، ولذلك تقدمت اليه وهو على دكة المغتسل، وأعرف أيضاً أن ذاكرة الشهداء لا تموت، فهم يحملونها نزيفاً يضيؤون به الصمت، ربما استاء أهله وناسه من هذه (الميانة) التي امتلكها، وهم يظنون أني مجرد صحفي، جاء يحاورهم ليتحدثوا عن بطولات شهيدهم في هذه اللحظات المؤلمة. اعتذروا ولا أحد فيهم استطاع أن يصدق أن هذا الصحفي المجنون يريد ان يحاور الشهيد، عبرت حدودهم المذهولة، وتقدمت اليه أسأله: ما اسمك يا صاحبي:ـ قال لي: أنا الشهيد احمد جمال حسين الظاهر العتبي، صمت الجميع مذهولين، وتركوا لي المجال أن أكمل هذا اللقاء السحري حسب مفهومهم الذي يعجز أن يصدق أن للشهداء لغة تحاور متألقة، ولكنهم مع هذا تركوني لجنوني. سألني: كيف حال الأهل بعدي؟ قلت: انهم بخير مجتمعون حولك، حدثني عن الذي جرى، قال:ـ انا من مدينة ديالى من بلدة سيف سعد، بعد أن تعرضت المحافظة الى الهجمة البربرية من قبل العصابات الاجرامية، كنت أدرك حقيقة ما يجري، وأعرف اني لابد أن أنهض مع أصدقائي لتطهير أرضنا من دنس أولئك المجرمين. قلت:ـ أعتقد أن مثل هذا الاندفاع الإنساني لا يمكن أن يولد إلا عند النفوس الأبية من أبناء العوائل المؤمنة، نظرت الى من حولي، فيبدو أن الاصغاء الحقيقي لا يعني انك تسمع المحاورة، بل أنت تؤمن بأن هناك حواراً قائماً بين كلماتي وصمت الشهيد، قال:ـ كنت محط اهتمام أصدقائي؛ كوني أجيد التنقل أمام نيران العدو بخفة ورشاقة، جبال حمرين شامخة لا تعرف الغدر، وأنا أطمئن لألفتها، كانت تلهمني البصيرة عن أي حراك داعشي. لم تكن مسألة الموت تمر على بال أحد، وهذا يعني انا لم نكن نخافه رغم ان الحرب هي لعبة الموت، وأنا كنت على يقين من الشهادة، التي هي من صلب الوفاء، قلت: ماذا لو منحوك حرزاً يقيك الشهادة؟ أجابني: أكيد كنت أشتاق اليها؛ لأن مولاي الحسين (عليه السلام)، خرج منتصرا بشهادته، هل تعرف ما معنى أن يعانق جراحك الحسين (عليه السلام)؟ قلت: والجبهات..؟ قال: جنات لمن يدرك أهمية الجهاد، خذها مني كلمة، الرصاص العابث في الميدان رغم زحمته لا يمكن له أن يصيب إلا من اختاره الله تعالى، وكتب له لينال ذلك الحظ العظيم، نهضت اليك بعدما سقيت بدمي تلك الأرض، وأنا على يقين بأن هذه الدماء ستنمو لتشيد وطناً، قبلت جبين الشهيد احمد التفت حينها لأهله، وأنا امسح دمع اللقاء.. قلت: هنيئاً لشهيدكم الجنة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=123958
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19