• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأزمة ما بين أمريكا وإيران: الرؤية الدبلوماسية الإيرانية .
                          • الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب .

الأزمة ما بين أمريكا وإيران: الرؤية الدبلوماسية الإيرانية

لا يخفى على المتابعين لشؤون منطقة الشرق الأوسط توتر العلاقة ما بين أمريكا وإيران إلى حد القطيعة، وربما قد تتحول الى حرب مباشرة، خاصة بعد تهديد الولايات المتحدة في ظل إدارة الصقور بقيادة دونالد ترامب بخيار الحرب في سوريا الحليف الاستراتيجي لروسيا وإيران والمدافعان عنه سياسيا وعسكريا، وهذا ما يكشف ان هناك أزمة كبيرة حول النفوذ في منطقة الشرق الأوسط ما بين الولايات المتحدة وحلفائها من جانب وروسيا وإيران وحلفائها من جانب ثاني، هذه الأزمة تتجاوز مسالة الملف النووي الذي اتخذ حيزا كبيرا في توتر العلاقة ما بين أمريكا وإيران منذ بداية الثمانينات وحتى المفوضات ما بين الدول الخمسة(أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين) زائد إيران بعد تصميم إدارة الرئيس براك اوباما في السنين الأخيرة من ولايته الثانية، ودخلت العلاقة ما بين إيران وأمريكا بعد ذلك في التحسن التدريجي.
ومع صعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تراجعت العلاقة ما بين النظامين إلى نقطة الصفر، برغم من ان الاتفاق حول برنامج إيران كان مرضيا لجميع الإطراف الموسساتية ومن ضمنهما أمريكا وإيران، ولا تزال إيران ملتزمة ببنوده باعتراف المنظمة الأممية، والولايات المتحدة ذاتها في حين ان أمريكا الدولة الأهم في الطرف الأخر لم يفي بالعديد من بنود الاتفاق كتلك المتعلقة برفع العقوبات وإطلاق الأموال الإيرانية المجمدة. إذن هناك ماهو اكبر من هذا الخلاف الظاهري حسب الرؤية الدبلوماسية الإيرانية، ففي كتابه الجديد(سعادة السفير) الصادر في أواخر عام 2017 بعد إن منع نشره من قبل الرئيس الإيراني السابق محمود احمدي نجاد، كشف فيه محمد جواد ظريف الخبير في شؤون الدبلوماسية والتفاوض، وسفير إيران السابق في الأمم المتحدة، ووزير الخارجية الحالي، ان الجذور الأساسية لا تكمن في المجال النووي خاصة وهو يستعمل للإغراض السلمية، وان إيران لا تنوي تصنيع قنبلة نووية بل يذهب محمد جواد ظريف إلى إن ما اسماه بالقيادة في إشارة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قد حرم تصنيع السلاح النووي، عد ظريف ان أمريكا خلقت من ملف الطاقة النووية لإغراض سلمية مشكلة نووية لأهداف عديدة: منها: ان أمريكا وإسرائيل وجدتا في الموضوع النووي الحجة المناسبة لتشكيل ضغط دولي على إيران من دون إن تكون مشكلتهم هي الجانب النووي بالضرورة، ويعتقد ظريف لو كانت مشكلة أمريكا هي الموضوع النووي فقط لكان الموضوع أسهل بكثير، كما إن المجال النووي حسب رؤية محمد جواد ظريف لا يشكل سباق تسلح نووي وهو برنامج سلمي لا تبتغي منه إيران أخافت الآخرين ومن ضمنهم جيرانها العرب وهي مستعدة لتطوير أي برنامج نووي عربي لإغراض سلمية ، وان أصل الأزمة مابين أمريكا وإيران بنظر رئيس الدبلوماسية الإيرانية محمد جواد ظريف ناجمة عن عدة أسباب:
السبب الأول: طبيعة سلوك أمريكا وإسرائيل من النهج الإيديولوجي في إيران
يعد الوزير محمد جواد ظريف طبيعة سلوك الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من إيران حيث يرى ظريف بأنهما كانوا يبحثون عن أي حجة للضغط على إيران ولم تكن لهذه المشكلة علاقة بالموضوع النووي، ويكشف ظريف في الوقت نفسه بان لدى أمريكا قلق من نمو ما اسماه:"حكم بإيديولوجية جديدة في العالم فهي تعتقد أنها تحمل رسالة عالمية ولا تكتفي بحدود اصغر، وبمجرد إن تحمل إيران هذه الرسالة فان ذلك يبعث على قلق بالغ لدى الأمريكيين" هذا جزء من أزمة العلاقة الأمريكية مع إيران، وقد يكون فعلاً ان تغلل إيران بدواعي حملها رسالة إسلامية عالمية ولا تكتفي بالحدود الإيرانية أساس مشكلة إيران مع حلفاء أمريكا من دول الخليج(السعودية، والإمارات، والبحرين)، شجع على ذلك هشاشة عدد من الدول العربية بعد دخول قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى العراق وأفغانستان وبعد إعادة تشكيل دول منطقة الشرق الأوسط من جديد بعد فشل ثورات الربيع العربي في عام 2011 واتساع رقعة الجماعات الإرهابية جغرافياً.
السبب الثاني: العقدة التاريخية من أزمة اقتحام السفارة الأمريكية في إيران الثورية
يذهب الوزير محمد جواد ظريف إلى هناك سبب أخر أدى إلى نشوب أزمة مابين أمريكا وإيران ويتمثل بالفشل النفسي أو عقدة نفسية تاريخية التي ارجع ظريف بدايتها إلى سيطرة الثوريين الإيرانيين بقيادة آية الله الخميني على السفارة الأمريكية في طهران إثناء سيطرتهم على مقاليد الحكم اثر الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الشاه محمد رضا بهلوي الحليف السابق للولايات المتحدة، وسيطرة الثوريين الإيرانيين على السفارة بنظر ظريف خلق لدى الرأي العام الأمريكي نوعا من التحقير التاريخي، لا يوازيه سوى حرب فيتنام.
السبب الثالث: العداء الإيراني ــ الإسرائيلي
من أسباب استمرار تفاقم أزمة توتر العلاقة ما بين إيران وأمريكا يتعلق بمشكلة إسرائيل مع إيران الثورية، وإذا كانت إيران من ضمن أدبيات ثورتها الإسلامية هو العداء المطلق لإسرائيل فان إلاخيرة باعتقاد ظريف لديها مشكلة مع إيران، وإنها المشكلة الأهم وتنطوي على حزئين: جزء من هذه المشكلة يخص الثورة الإسلامية، فيما يخص الجزء الثاني ما اسماه محمد جواد ظريف بالإطماع التمددية لإسرائيل واهم من يمنع هذه القدرة والسلطة عن إسرائيل وفق إيديولوجيا الثورة الإسلامية:"إيران بعض النظر عن النظام السياسي فيها سابقا أو الآن أو مستقبلاً".
السبب الرابع: التناحر الإيراني ــ الخليجي والتنافس حول الدول الهشة
هذا السبب وان لم يذكره وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بصورة واضحة في كتابه(سعادة السفير)لكنه يشكل سبب أساسي في توتر العلاقة ما بين أمريكا وإيران، وتحاول إدارة ترامب إن تخلق نوع من التوازن لصالح حلفائها العرب على أساس نفوذ إيران الإيديولوجي، والاقتصادي، والأمني المتحقق في عدد من الدول العربية ولعل من أهمها الآن سوريا واليمن بعد إن ساد نوع من التقارب ما بين العراق والمحيط العربي المناهض لإيران، وعليه فان خيار بقاء الاتفاق النووي مشروط بتنازلات عديدة من أهمها: تخفيف لغة العداء تجاه إسرائيل، وإنهاء نفوذ إيران الإيديولوجي والسياسي في بلدان عربية ودعمها لأنظمة سياسية كالنظام السوري بقيادة بشار الأسد، وحركات عسكرية كحركة حماس، وحزب الله ومجموعات أخرى مشابهة، وسياسية كالإخوان المسلمين، ومجموعات مسلحة تقاتل إلى جانب النظام السوري، وحلفائه الإيرانيين، وحزب الله، وأخرى تتمثل بالحوثيين في اليمن تشكل تهديداً ما تعده السعودية لنفوذها في اليمن، وإذا لم ينجح هذا الخيار مع إيران وحلفائها فربما قد تلجا أمريكا وبعض حلفائها الغربيين وبعض الدولة العربية المذكورة، وإسرائيل إلى خيار المجابهة العسكرية المفتوحة جغرافيا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=123875
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29