• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المراسلون الحربيون العراقيون (الحلقةالرابعة) الشهيد حيدر المياحي .
                          • الكاتب : جواد كاظم الخالصي .

المراسلون الحربيون العراقيون (الحلقةالرابعة) الشهيد حيدر المياحي

صاحب غيرة وأخلاق عالية ومهني في عمله بشكل منقطع النظير الى درجة أنه يحب للاخرين أكثر مما يحب لنفسه فهو ليس كغيره من البعض الذين يحملون الغيرة من النجاح في العمل والتفوق بل على العكس كان دائما يُشعِر زملاءه بأنهم متفوقون عليه ويدعم بكلماته الطيبة ما يقومون به ليندفعوا أكثر ويقدموا الافضل وهذا الايثار والتواضع لا يمكن ان يمتلكه غير من أرتقى بنفسه الى مصاف الانسانية الراقية والنفس الابية التي تستلهم الشهادة وتستنير بطريقها في لحظة الى الرفيق الأعلى .

إنه المراسل الحربي الشهيد السعيد حيدر المياحي الذي طالعناه من خلال شاشات التلفاز وهي تؤرخ وتوثّق تحركاته وانسانيته وحبه للوطن وترابه وللعراقيين صغارا وكبارا، كان حريصا جدا على أن يزرع البسمة في نفوس المفزوعين من ويلات الحرب وقساوة تنظيم داعش الارهابي، بنفسيته وروحه الهادئة ونقاوة منبعه استطاع ان يزرع الامل والسكينة والاطمئنان في نفوس الاطفال والنساء وقد شاهد العالم كل العالم ليس في العراق فقط وانما على اتساع الوطن العربي والغربي من خلال مقطع الفديو الذي انتشر كالنار في الهشيم فأعطى رسالة واضحة على قيمة الانسان العراقي وروح المحبة الكبيرة بين العراقيين في وقت حاولت القنوات الصفراء تشويهها وبمساعدة بعض الناقمين والمتلونين من غلمان السياسية في الداخل العراقي وخارجه ممن سكنوا فنادق عمان واربيل ايام محنة داعش والارهاب في العديد من المناطق يوم كان العراق يدافع عن العالم أجمع في مواجهة الارهاب العالمي ولولا هذه الدماء وسواعد العراقيين من كل التصنيفات المسلحة العراقية وبالذات الحشد الشعبي لكان الارهاب اليوم يعشعش في أزقة واحياء مدن عربية وغربية.

لم يكن الشهيد المياحي طالبا للدنيا أو جالسا بجانب أطفاله وهو يرى العراق ومدنه تتهاوى الواحدة تلو الاخرى فحمل كامرته التي تعتبر سلاحه الصارم بوجه القتلة الارهابيين لينقل الصورة من عمق الواقع وما تختزله المعارك على جبهات القتال في عمليات حربية هي عبارة عن حرب شوارع بكل معنى الكلمة كان الموت فيها جاهزا في كل لحظة ليفارق بها ضحكات وابتسامات ابناءه المشرقة أمام عينيه وهو يهرول بكاميرته من مخبأ الى مخبأ على سواتر القتال ناقلا الينا وللعالم اجمع بطولات ابناء العراق وتلاحمهم بكل المكونات العرقية والدينية والمذهبية ليكونوا يدا واحدة في ضرب المجرمين الدواعش الذين ارادوا ان يقتلوا الحياة والبسمة من على شفاه الشعب العراقي، كان مبدعا وفنانا وتقنيا بارعا في التقاط صور المعركة والمقاتلين في المواجهات المحتدمة اثناء تبادل اطلاق النار وسقوط الجرحى والشهداء وهم يدافعون عن القيم الانسانية وارض وشعب بلاد الرافدين وهذا ما أوصلته صوره لما تتمتع به من لقطات فريدة ودقة ووضوح تدل على لمسات فنان مبدع نابع من ارادته واخلاصه لعمله.

كان كثير المزاح مع زملاءه ويعمل على تلطيف وترطيب الأجواء باسلوبه الهادئ المستسلم لارادة الله تعالى في ملاقاته مهما كانت الاحداث خطرة ومهما كان الموت قريبا منه حيث ايمانه بالله وبالقدر والموت وإلحاحه في طلب الشهادة.

معروفا عن سيرته انه ورغم ضيق الحال المادي كان في كل عاشوراء من محرم الحرام يقوم بطبخ الطعام ثوابا على روح الامام الحسين ع ويوزعه على الفقراء والمحتاجين في منطقته وفي ليلة خروجه الاخير من منزله الى جبهات القتال كان يطبخ على ذات المنوال المعتاد سنويا وهذه المرة مع عدد من اخوته الزملاء الاعلاميين منهم المراسل علي جواد وبعض المصورين الاخرين مع شقيقه علي في حديقة منزله ليصلوا الفجر أرض الموصل ثم يسلكوا طريق الشهادة وكان الشهيد المياحي قد كتب الى احدى المراسلات الحربيات وهي المراسلة الحربية سمارا المقاتلة عبارة مؤلمة جدا أوحت لي أن هناك إهمالا كبيرا لهؤلاء الشجعان المضحين وهي ((ضربنا الجفاف والراتب ما نعرف المن نعطيه للمصرف للمولدة للرصيد)) ما يعني ان الراتب كان قليلا لا يسد حتى حاجة عوائلهم وهنا اضع الكثير من علامات التعجب.

هناك على رمال الموصل وفي أوديتها حط رحاله من هذه الدنيا الشهيد حيدر المياحي وهو يفارق أعزته ويلوح بيده من بعيد في لحظات الانتقال الى البارئ سبحانه وتعالى لأطفاله ورفيقة دربه زوجته مطالبا منها ان تكمل الطريق وتُعلّم الابناء روح التضحية والعزة والكرامة والالتصاق بمبادئ اهل البيت عليهم السلام وحب الوطن والتضحية من أجله دفاعا عن المقدسات والكرامة والانسانية.

بهذه الروح الزكية والنفس الأبية والاخلاق المحمدية الحسينية فارق المياحي حياة الدنيا الى آخرته ليكون بين يدي رحمن رحيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=122944
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 07 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19