• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تأملات في النهضة الحسينية ح 2 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في النهضة الحسينية ح 2

4- من يبكي على من ؟ ! .
في وقفة تأملية في طف كربلاء , منذ ذلك الحين والى حد هذه اللحظة , يتبادر الى الاذهان عدة تساؤلات :
من يبكي على من ؟
هل نحن نبكي الحسين (ع) ؟
ام نبكي على انفسنا ؟
ام ان الحسين (ع) يبكي علينا ؟ ! .
ام ان النهضة الحسينية تعني كل ذلك ؟ ! .
لقد كان الحسين (ع) على علم مسبق بما سيلاقيه في كربلاء , وما يحصل له لاهل بيته (ع) واصحابه (رض) , فواجه (ع) ذلك المصير بهمة عالية , وشجاعة منقطعة النضير , لكنه (ع) بكى في عدة مواقف , واخر دمعاته الشريفة , نزلت عند مقتله (ع) , في اخر انفاسه الطاهرة .
من غير المعقول ولا المقبول ان يكون (ع) قد بكى من اجل نفسه , فقد كان قد اخبر بما سيجري عليه منذ امد بعيد , وتقبل هذه القضية ولواحقها برحابة صدر , كما وانه (ع) ليس من ذلك النوع الذي يعير لنفسه أي اهمية , اذا تطلب الامر التضحية بالنفس من اجل احقاق كلمة الحق , كي تكون العليا , ودحر كلمة الباطل , كي تكون السفلى .
ومن المحتمل انه (ع) قد بكى لانه اخر ابن بنت نبي ! , وفي ذلك خسارة عظيمة للمسلمين , حيث جاء في الاحاديث (إذا مات العالم ثُلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء ) , فكيف هو الحال بأستشهاد امام مفترض الطاعة , كالحسين (ع) , وبسيوف مدعي الاسلام ! , ولم يكن في بكائه (ع) شيء من الانانية ابدا .
ام ربما انه (ع) قد بكى لما سيحدث لاهل بيته (ع) , من قبيل السبي , التشريد , الظلم , الجور و ما شابه , بكى (ع) من اجل أولئك الاطفال الذين فقدوا حاميهم وراعيهم , على تلك النسوة , اللائي تركهن خلفه من غير وال ولا كفيل , تطاردهم شرار القوم ! .
ام انه (ع) بكى لاجلنا , عندما ادرك ان ثلة قليلة منا سيدركون نهجه ويعملون به , و يرفعون شعاره , والاعم الاغلب , سيفهمون ان الحسين (ع) دمعة , لطمة , زنجيل او تطبير , نعم , ان كل ذلك مما يجب , احياءا لذكرى الطف , لكنه ليس كل الهدف المنشود من اراقه دماءه الزكية , بل ان هناك اهدافا اسمى بكثير .
الحسين (ع) ليس دمعة او لطمة , وان كانت مطلوبة , بل انه (ع) نهج , شعار , راية , طريق الحق , طاعة الله وعبادته بالمعنى الذي جاء به نبينا محمد (ص) .
البكاء على الحسين (ع) شيء مهم , بل في غاية الاهمية , لكن يجب ان نبكي على انفسنا اولا , فالحسين (ع)  قد مضى على ما مضي عليه جده (ص) وابيه وامه واخيه (ع) , اما نحن فإلى اين نسير ؟ , وعلى أي خطى ؟ , هناك طريقين , الاول , نبكي على الحسين (ع) ونسير بنهجه وخطاه , الثاني , نبكي على الحسين (ع) ونبتعد عن ذلك الطريق الذي خطه بدمائه الزاكية .
يقول البعض , لماذا تبكون حسينا ؟ , وقد استشهد , والشهيد يدخل الجنة , فلماذا لا نفرح له بدلا من البكاء عليه  ؟ , غريب امرهم , بل لهم العذر , فمثلهم لا يعرفون الحسين (ع) الا بشكل سطحي , كذلك ان بعض رجال الدين يبكون لكل الم واجه رسول الله (ص) , مثلا  كسر رباعيته , وفاته , فتنهمر دموع غزيرة , بحرقة والم , ويحسبون ذلك حلالا , اما البكاء على الحسين (ع) حراما , الم يقل النبي (ص) (( حسين مني وانا من حسين )) , (( احب الله من احب حسينا )) , الى غير ذلك من الاحاديث الشريفة , كما وان ما يحزن الحسين (ع) يحزن الرسول (ص) , فنبكي على الحسين (ع) , مواساة لرسول (ص) , كون بعضهما من بعض .
اخيرا , ان كان البكاء على الحسين (ع) بقصد الثواب , او شعورا بالمسئولية , او مصحوبا بأدراك واستيعاب النهج الحسيني , او كان البكاء على انفسنا بسبب تمرغنا في وحل الذنوب , فكل ذلك يؤدي الغرض المنشود , وموجب لنيل الثواب والاجر .  



5- الخطة العسكرية
هناك امر غريب , جديرا بالملاحظة والانتباه , وهو ان معسكر الحسين (ع) بهذا العدد القليل من الرجال والنساء والاطفال , قد انقطع عنهم الماء منذ ثلاثة ايام , وقد احكم الحصار عليه , وضيق الخناق , من قبل جيش جرار , يعد بالالوف المؤلفة , ويتمتعون بكافة العدد اللازمة لخوض غمار حرب جرارة , والدعم اللوجستي متيسر , فلماذا لم يشن هجوما شاملا , مباشرا فينهي المعركة بساعة او نصف ساعة , فما الداعي من كل هذا التأخير ؟ ! .
عمر بن سعد (لع) لم يكن ساذجا , كان يعلم ان بأمكان جيش بهذه العدة والعدد من انهاء المعركة ربما بنصف ساعة فقط , لكنه (لع) كان مرتابا بأمر الحسين (ع) , فثمة ما يريب ! .
شخص كالحسين (ع) عندما يواجه هكذا جيش , فلابد ان تكون له خطة , محكمة , متقنة , لا يعلم بها الجيش المعادي , وقد غابت عن ادراك ابن سعد (لع) , فبقى هناك مرتابا , وقرر ان ينازل اصحاب الحسين (ع) واحدا تلو الاخر , حتى اخرهم , فيبقى الحسين (ع) وحيدا مقابل هذه الالوف , فتفشل كل خططه وتحسباته (ع) , وينقض عليه انقضاض الضباع على حمل صغير , فيحقق الانتصار , على الاقل هكذا كان يظن (لع) .
اما من جانب الحسين (ع) , فقد وضع خطه بعيدة الامد , غريبة المضمون , خطه لم يكن بمقدور هؤلاء فهمها , ولم تكن معهودة في ذلك الوقت , وضع (ع) اخيه العباس (ع) على الميمنة , واحتفظ هو (ع) بالمركز ( وسط المعسكر ) , وسلم مقاليد الميسرة لاخته زينب (ع) والسجاد (ع) , وكان كل ذلك معنويا وليس عينيا ملحوظا , ولو كان عينيا لامكن العدو من فهم مضمون تلك الخطة .
تمكن العدو من اختراق الميمنة , فقتل العباس (ع) , وتقدموا نحو المركز , فأستشهد الحسين (ع) , لكن الميسرة لا زالت سليمة , رغم الجراح , فتولى السجاد (ع) القيادة , وزينب (ع) الساعد الايمن ( رئيس الوزراء ) , كون السجاد (ع) كان مريضا ومعتلا , فنجحت زينب (ع) بلملمة شمل الميسرة , واستجماع قواه , ومن ثم توجيه الضربات الموجعة للعدو , فنشرت القضية وبينت خفاياه .
ليس غريبا ان يدرك المهاتما غاندي خطة الحسين (ع) فيطبقها بحذافيرها , فيقول (( تعلمت من الحسين (ع) ان اكون مظلوما فأنتصر )) , ان تكون مظلوما لا يكون ذلك نصرا , بل بنشر المظلومية , وتبيان حقائقها , فلولا ذلك لما قدر للمظلومية ان تنتصر !.
     

     


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2011/12/13 .

الاخ العزيز حيدر الحدراوي ايها المتوع الشذى لك في كل جنينة وردة تقبل المودة والدعاء لك بالخير والموفقية




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12078
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28