• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : البرامج الانتخابية للكيانات السياسية العراقية قراءة بين السطور .
                          • الكاتب : مركز المستقبل للدراسات والبحوث .

البرامج الانتخابية للكيانات السياسية العراقية قراءة بين السطور

د. أحمد عدنان الميالي/مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية

 السياسة هي نشاط إنساني مجتمعي، تعني (السلطة، الدولة) لكن من منطلقات متباينة. فالسياسة هي إما فن الحكم، أو هي صراع على الحكم، فالسياسة لدى قدماء اليونان مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو تتمحور على: إنها كل ما يتعلق بفن حكم الدولة وإدارة علاقاتها وعلائقها.

أما الإتجاه الثاني البراغماتي فقد ذهب إلى أن السياسة: هي الكفاح للحصول على السلطة. فتروتسكي عرفها على أنها: "النشاط الإجتماعي المرتبط على نحو وثيق بالكفاح من أجل السلطة". ومكيافيلي عرفها على أنها: "فن الإبقاء على السلطة وتوحيدها في قبضة الحكام بصرف النظر عن الوسيلة التي تحقق ذلك".

وكذلك من الممكن القول، إن السياسة أيضا هي النفوذ وهي فن إداري، ذات إتجاهين، فهي إما مجرد صراع من أجل السلطة، تعود ثمارها لصالح مريديها، أو هي السعي لتولي هذه السلطة من أجل تلبية حاجات المجتمع أي تعتبر أداة فعالة لتحقيق الخير العام وإدارة كل ما يعود للشؤون العامة، من خلال الممارسة السياسية للسلطة، وفي ظل الأنظمة الديمقراطية، تكون آلية تداول السلطة -الحكم- سلمياً ووفق قيم ومبادئ الديمقراطية (الإنتخابات).

 ومن المفترض أن يكون للبرامج الإنتخابية الدور المهم في ترجيح كفة هذه القوى أو تلك للفوز في السلطة عن طريق الإنتخابات، لأنها تعبر (البرامج الإنتخابية) عن الإتجاهات السياسية للقوى والأحزاب السياسية المتنافسة على السلطة. هل إتجاهها هو إتجاه (حاكم أم خادم).

يفترض بالبرامج الإنتخابية أن توازي متطلبات الواقع الإجتماعي وتراكيبه المتعارضة والمتنافسة. إذ أن الأمر الحاسم في العلاقة بين الكتل السياسية المتنافسة والناخبين هو البرامج الإنتخابية، فهي الوسيلة الأهم في العمل السياسي في ظل التحول الديمقراطي، لكونها من أهم الآليات التي تتبعها الكيانات والأحزاب للتعريف بفكرها وتوجهاتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية. وهي العامل الحاسم في كسب أصوات الناخبين.

من خلال ما قدمته الأحزاب السياسية في برامجها الإنتخابية الذي تُعرف به في أجنداتها الإعلامية من رؤى سياسية وإجتماعية وإقتصادية، نرى أن ما يمكن أن يؤخذ على هذه البرامج: أنها تتسم بالعمومية والتركيز على الخطوط العريضة للوعود دون الدخول في تفاصيلها وآليات تنفيذها، كما أنها مطولة تعالج كل المتطلبات التي يأمل الناخب الحصول عليها.

 فمثلا الأحزاب في الديمقراطيات الغربية تجد برامجها الإنتخابية مختصرة بصفحة أو صفحتين وتختص بموضوع أو أثنين، في حين برامج أحزابنا توضع في كتب ومجلدات توضح عهود الأحزاب إزاء الناخب، وهذا يفسر تهرب الأحزاب من المسؤولية في حالة تعثرها في تنفيذ برامجها فيما لو وصلت إلى الحكم. على الرغم من تحديد هذه الآليات وإختصار البرامج يمكن أن يجعل من البرامج أكثر واقعية وأقرب لفهم الناخب وإقناعه بجدوى الوعود وإبتعاده عن أن يكون مجرد سرد لمجموعة من الشعارات المملة.

فالتعهد بالإصلاح الدستوري والحكومي والبرلماني وتحقيق الأمن والسيادة والخدمات، يجب أن تكون ممكنة التحقيق والتطبيق، لأن البرامج الإنتخابية والكيفية التي يتم التعامل معها، هي أحد معايير توصيف مدى إحترام تلك الكيانات للقيم الديمقراطية والإلتزام بها خطابا وممارسةً، فلا بد أن تكون المصداقية والقدرة على تنفيذ البرامج الإنتخابية هو القاعدة الأساسية لأي تحالف إنتخابي في مرحلة ما قبل الإنتخابات وما بعدها، لا أن تكون التحالفات على أسس وأجندات مغايرة لما هو معلن ومدرج في البرامج الإنتخابية تحديداً.

لأن مصداقية وواقعية تنفيذ الوعود المدرجة في البرامج الإنتخابية قد تكون هي البوصلة لمسار السلطة، إذ لابد للكيانات السياسية أن تدرك أن إخفاقها أو تعثرها في تطبيق وترجمة برامجها عمليا لا تبرره عبارات مثل الإمكانيات، التحديات، المؤامرات؛ لكونها عبارات زائفة في تبرير العجز عن تحقيق الوعود الإنتخابية، لأن التنصل يفسر أن هذه الكيانات السياسية عملت على تحويل البرامج الإنتخابية إلى مجرد مناورات ومزايدات سياسية تستثمرها كأساليب مساعدة للوصول إلى السلطة، وهذا يعني إنحراف السياسة عن مسارها وإتجاهاتها وأهدافها الأساسية.

 إن كل البرامج الإنتخابية المقدمة للتنافس في إنتخابات مجلس النواب القادم تكرس رؤية الأحزاب داخل السلطة، ولم نجد برنامج إنتخابي يتبنى خيار المعارضة والرقابة والمتابعة، كما أن تلك البرامج تتجاوز حدود صلاحيات ومهام النائب وطبيعة عمله، فإذا كانت البرامج الإنتخابية هي وسيلة الإرتباط بين المرشحين والناخبين في النظم الديمقراطية، فإنها في العمل السياسي في العراق ليست بالأهمية التي تماثل ماهو موجود في الدول الديمقراطية الأخرى، ذلك لأن الشعب العراقي لا يعتبرها الأساس في إنتخاب المرشحين إلى السلطة التنفيذية، لأن ميول الناخب العراقي إما أن تكون دينية مذهبية، أو قومية، أو حكومية، أو سياسية، من دون وعي سياسي حاذق يجعل من فهم ماهية طبيعة عمل النائب، هل هي تعيين الناخب وتمكينه على حصوله لوظيفة؟ أم تبليط شارع؟ أو المحافظة على بيضة العشيرة والمذهب والقومية...؟

 فالنائب مهامه تشريع القوانين ورقابة على عمل السلطة التنفيذية، لكن يستمر المرشحون بمحاكاة الفهم البسيط للناخب لطبيعة عمل مجلس النواب، وهذا أدى إلى أن تكون البرامج الإنتخابية حلقة فائضة في العملية السياسية في العراق، لهذا نجد دائما أن هذه البرامج الإنتخابية تكاد تكون مستنسخة لغالبية الكيانات السياسية المتنافسة، إذ إننا نجد نفس المواضيع ونفس الرؤى ولكن بصياغات متعددة تتكرر في برامج الأحزاب المختلفة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=120430
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19