• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الخط العربي بين التجريد والفلسفة صناعة الحرفة وديمومة الإرث .
                          • الكاتب : د . حازم السعيدي .

الخط العربي بين التجريد والفلسفة صناعة الحرفة وديمومة الإرث

 مابين تساؤل وأخر نقيم الصلة بين القانون الوضعي والنظرية الفنية في الفن الاسلامي وفق الاستعمال المشترك لكلاهما في حدود الذائقة الجمالية التي تكون الغاية من وراء العمل الخطي , إذ لاتنفك أن تصبح قانونا ً شموليا وإنها ستكون بالتالي تمثيلا ً وتفسيرا ً لقانون النسب الذهبية في الخط العربي الذي وضعه الخطاط في صدر الرسالة الاسلامية وعقيدتها منذ النشأة الأولى للكتابة العربية دون غيرها , فالاكتشاف غالبا ً ما يكون نتيجة لصياغة فسرت هذا القانون او ذاك وجل النظريات المتحكمة في القانون هي تصورات تؤدي وظيفة التأليف الافتراضي لعدد من المعطيات , وعادة ما تستخدم الدروس والدورات في الخط العربي والزخرفة الإسلامية غايتها تثبيت الإرث وديمومته , وهذا يسمح بأ قامة الصلة في حدود تستند الى نوعية الخطاطين وقدراتهم .

ومن خلال إقامة الصلة في الفن الإسلامي (الرسم والفخار والخط العربي )بدأت المحاولات للتغلب على العابر والعرضي كونها مواصفات للحياة الزائلة , اذ كان لابد من البحث عن الثابت فجاءت  فعلا ً في النقيض الذي تطمئن له الروح بل وتلجأ إليه , وقد وجد فيما قدمته العقيدة من تصور للعالم الآخر فأطمئنت الروح وراحت تعبر عن انجذابها نحو المطلق بأسلوب تجريدي حسب وصف "عز الدين إسماعيل في تبنيه قول لبربون ( ان الفن التجريدي كما يبدو اكثر قدرة من الفن التشبيهي على التعبير ع روحانية عميقة وعالية , ذلك انه لا يرتبط بالشكل التمثيلي ولأنه يستطيع وبدون وساطة أن يثير حالات عاطفية وانفعالية بالمقارنة مع مايثيره الشكل التمثيلي ) عليه أن ما يقوم به الخطاط بشكل عام والكربلائي بشكل خاص هو اتباعه نهج الإسلام نحو التجريد في التعبير عما هو روحاني أو الهي , الباحث عن مدره الوجداني عبر ما يعرف بالانفعال الداخلي , لما ارتفع به الفنان المسلم بتقصي الرؤى الخيالية ومنها الغامضة التي تفوق التصورات بوصفها ضرب من المعجزات التي تعرض إليها الأنبياء والرسل , فوضعها الخطاط في إطار متحركها من مساحات لونية وخطوط مطلقة كانت في أصلها  جوهر الهي , وهذا ما نصت عليه النظريات في الفلسفة الإسلامية لدى أعلامها (الفارابي والغزالي وابن رشد وغيرهم , ومن هنا لجأ الفنان إلى الالتصاق بالفكرة بعد ارتباطها بالذات العارفة في غاية لا تخلو من افقها الجمالي عبر العلاقات التكوينية للعمل الفني والوصول من ثم إلى الجمالي وبهذا يكون القول في صميمه ان الجوهر يقود الى المتحرك والمتحرك يقود الى الجمالي في شأن ابتعاد الفنان عن المحاكاة والاتساق بالمطلق الذي يقترب من الجمالي الروحي والأبدي , لا الاتساق بالجمال الظاهري المادي .
عليه ان الحكم الجمالي في المخطوطة يرجع الى ارتباط وتميز الخطاط في حياته وإتباعه لمشاعر وعواطف تكوينه الاجتماعي والنفسي والثقافي والاقتصادي فضلا ً عن عمله الفني وظروفه التي أسهمت في ظهوره , كما ان للمتذوق المتعاطف مع الخطاط دور في تقييم العمل الفني ,وبذلك يمكن إظهار الصفات الجمالية لذاتها وبما تتناسب مع الدعوة الى إدراك محبة الله 
هكذا سعى الخطاط في مهنته ونتاجه الفني الى محاولة التوفيق مابين مكونات الوجود المادي وبين الوجود الغيبي في محاولة الى الابتعاد عن الشكل المرئي في النحت وارسم وتنفيذه في العلاقة الجزئية المحدودة والمادية في الخط العربي والزخرفة الإسلامية , ومما لاشك فيه ان الفنان المسلم ومنه الخطاط المسلم حسب ما جاء به (شوقي الموسوي )تقيد في مضمون الاية من قوله تعالى "ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء"فاتجه الشكل الواقعي الى استلهام الأشكال المجردة ذات النسب والقوانين الرياضية او الأشكال التجريدية النسبية الكاملة , للوصول الى ما يتناسب مع وجدانه لتقريب الفن الفكري /أي الخط والزخرفة من الدين , وإبراز الجوانب الروحية في القرآن الكريم , حيث احتل القرآن الكريم المركز الأول للفكر الفلسفي العربي فقد ضم الى جانب الحقائق الدينية الموقف الموضوعي والذاتي في مجال الفن لما يمكن أن يتناوله الأثر الخطي (المخطوطة) وارتباطها بعالم التشكيل أسوة باللوحة المرسومة , بمعنى إن الخط العربي كالرسم يدرك من حيث هو فكرة وجدانية معززة بما تقدمه من جمال ظاهري اثر ما جاءت به المدرسة العربية التي انتشرت من العراق وحتى الأندلس ومن مراكزها بغداد والموصل ودمشق وغرناطة او الإيرانية والهندية والتركية , وهنا ليست غايتنا التطرق الى الفلسفة العربية عند أعلامها كابن سينا ولكننا بصدد البحث في فلسفة الجمال حددت حينما  امن بالعقل الفعال مصدرا ً للعلم والمعرفة وانه المصدر للإلهام الروحي ,كما اتصفت بصوفيتها في التعبير والتوفيق في غاياتها وأهدافها , وخير ما تعرض اليه (ابن سينا ) في الجمال ما كان مدركا ً وحبوبا ً ومعشوقا ً وهذا ما ينطبق على الخط العرب والزخرفة الإسلامية التي جاء بها (الخطاط الكربلائي) في معرضه الأول (الخط العربي بين التجريد وصناعة الحرفة وديمومة الإرث) فكان مبدأ إدراك الحس والجمال والخيال والعقل ,فجاءت اغلب منتجات فنانوا كربلاء تستهدف الجمال الدنيوي الذي نادى به ابن سينا مميزا ً اياه عن الجمال الالهي الأسمى فكان المطلق هو انعكاس لذلك العالم , بمعنى ان جمال اللوحة الخطية لا ينبعث الا من الحق والحق اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى , هكذا كان الفيلسوف العربي يكمل الجمال بأقامة الصلة بين الفن كحرفة والفن كفكر , اذ ان الله هو الجمال السامي المطلق وهذا يفهم بطبيعة الحال عن طريق فهم المثالية الروحية المرتبطة بالنور والضياء , حيث الجمال النوراني جمال محفز للروح الانسانية في غمار بحثها عن الخالق في إدراك الخالق , فما يذهب إليه الخطاط هو فيض من النور الالهي يدرك في جمال المخطوطة النابع من الجمال العقلي في الخير الخالص , وكما الجمال سعي وراء التأمل في سمو الخصال والسمات الروحية الخيرة , كان الخطاط يتبنى في تفكيره المتأمل الجمال الالهي الذي يستعين العقل بالتخيل في انتزاعه للمعاني الكلية من المدرات الجزئية والمعاني بلا شك محفوظة فيما يصور ويستنبط وبذلك يصبح العقل مستعدا ً لتقبل المعقولات ومنها المخطوطات التي تقيض عليه من العقل الفعال .
ومن خلال ملاحظة ماتم عرضه من لوحات في المعرض السنوي الأول والشامل لمجموعة خطاطو جمعية كربلاء المقدسة تستنفرنا محاور الذائقة الإدراكية في الجمالي المتعلق بالحواس أولا ًوفق ماتم انسجامه وتناسقه كصورة خارجية بصرية واعتبرت الصورة المادية الحسية التي تم ادراكها , وكذلك وفق محور الجمال المعنوي التي تتصل بالصفات الباطنية للشيء فيكون اداة لإدراكها بالقلب والوجدان , في حين حل المحور الثالث عقلي وعرف بالجمال العقلي , وخلاصة ان ماشغلته الفلسفة العربية كان تطبيقه في المحاور الثلاث من اجل الجمال وارتباطه بالقيم الأخلاقية والفضائل والوجدان , لذا ولدت المدركات لذة عقلية دفعتنا باستخدام القياس والتقويم .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=120386
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29