• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عَنِ النَّزعَةِ الوَطَنِيَّةِ! .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عَنِ النَّزعَةِ الوَطَنِيَّةِ!

    ١/ لا ينبغي أَن تتدخَّل مُؤَسَّسات الدَّولة بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكال بالعمليَّة الإِنتخابيَّة ومُخرجاتها فالمسؤُول الأَوَّل والأَخير عن ذلكِ هي المفوضيَّة العُليا المُستقلَّة للإِنتخابات، والتي تشكَّلت وتمَّ تحديد صلاحيَّاتها وواجباتها ومهامَّها الدُّستوريَّة بقانونٍ شرَّعهُ مجلس النوَّاب!.
   ومَن لَهُ إِعتراضٌ على النَّتائج عليهِ أَن يسلكَ الطُّرُق القانونيَّة حصراً والقضاءُ هو المسؤُول عن البتِّ بكلِّ أَشكال الطُّعون!.
   أَمّا مجلس النوَّاب فليس من حقِّهِ أَن يُبادرَ لفعلِ شَيْءٍ ما بهذا الصَّدد! والعكس هو الصَّحيح فهو المسؤُول الأَوَّل والمُباشر عن كلِّ ما صاحب العمليَّة الإِنتخابيَّة منذ أَوَّل إِنتخابات وإِلى الْيَوْم فما نراهُ الآن من لغَطٍ إِنتخابيٍّ وفوضى إِنتخابيَّة هو نتيجة التَّأسيس الخطأ الذي بُنيت عليهِ المفوضيَّة عندما إِعتمد مجلس النوَّاب على المُحاصصة والحزبيَّة والفئويَّة!.
   على مجلس النوَّاب أَن يتحلَّى بالشَّجاعة ليعترف بخطئهِ التَّاريخي وهوَ بمثابة خرقٍ دستوريٍّ لا يُغتفر! لأَنَّهُ لم يعتمد المعايير الدستوريَّة في تأسيس المفوضيَّة والتي على رأسِها الإِستقلاليَّة والمهنيَّة!.
   نأملُ أَن يُعالجَ البرلمان الجديد هذا الخرق الدُّستوري الفاضح! لنتجاوز المشاكل التي تُصاحب العمليَّة الإِنتخابيَّة في كلِّ مرَّةٍ! لنحمي ديمقراطيَّتنا النَّاشِئة!. 
   ٢/ زعيم كُتلة [سائرُون] السيِّد مُقتدى الصَّدر ليس ذا نزعةٍ قوميَّةٍ [عروبيَّةٍ] كما يزعم البعض أَبداً وإِنَّما هُوَ ذو حسٍّ وطنيٍّ مُرهف وهناك فرقٌ كبيرٌ جدّاً بين المفهُومَين!.
   أ/ فالعراقيُّون مجتمعٌ متنوِّعٌ ومُتعدِّدٌ على مُختلفِ الأَصعدة ولذلك فإِنَّ النَّزعة القوميَّة تتناقض مع الواقع فهي ستتحوَّل حتماً بمرور الوقت إِلى نزعةٍ عُنصريَّةٍ لأَنَّها تقوم على أَساس التَّفاضُل بالإِنتماء وهو أَمرٌ يعيدُنا بالمفاهيم إِلى المربَّع الأَوَّل إِلى عهد الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين ذو النَّزعة العنصريَّة والطائفيَّة فكان مثلاً يجبر المُواطن الكُردي أَو التُّركماني على التَّسجيل كمُواطن عربي في دائرةِ النُّفوس!.
   ب/ والعراق يعيشُ في محيطٍ إِقليميٍّ مُتعدِّد الأَعراق إِذ تُحيطهُ شعوب عربيَّة وأُخرى تركيَّة وثالثة فارسيَّة ولذلكَ فانَّ النَّزعة القوميَّة تُنتج سياسات عدوانيَّة بالضَّرورةِ كما رأَينا عهد الطَّاغية عندما كانَ يُثير الأَزمات والمشاكل مع الجيران كانت أَغلبها بسبب العنصريَّة والطائفيَّة! فضلاً عن إِصابتهِ بمرض [جنُون العَظَمة] والذي قادهُ في نِهاية المطاف إِلى البالوعة التي اختفى فيها [سَيف العرَب] في نِهاية حياتهِ!.
   لو كان الصدرُ ذا نزعةٍ عُنصريَّة أَو حتَّى طائفيَّة لما بدرت منهُ كلَّ هذه المحبَّة لكلِّ مكوِّنات المجتمع العراقي بلا تمييزٍ! ولما حرصَ على حقوقِها أُسوةً بحرصهِ على حقوقِ مكوِّنهِ! ولكانَ قد تعصَّب لمكوِّنهِ على حسابِ بقيَّة المُكوِّنات!.
   بالإِضافة إِلى أَنَّ تبنِّيه لسياسة التَّوازن في العِلاقات والمَصالح مع الجيران بِلا استثناءٍ وعدم الإِصطفاف مع وضدَّ سواء على الصَّعيد الإِقليمي أَو الدَّولي دليلٌ واضحٌ على نزعتهِ الوطنيَّة! فالنَّزعة القوميَّة [العروبيَّة] كما يظنُّ فيها البعض وكذلك النَّزعة الطائفيَّة تدفع بصاحبِها عادةً لتبنِّي إِصطفافات غير متوازِنة وغير مستقِرَّة كما كان يفعل الطَّاغية الذَّليل!.
   ٣/ لقد نحجَ العراقيُّون في تحقيق النَّصر في الحربِ على الإِرهابِ بالحسِّ الوطني الذي كرَّستهُ فتوى الجِهاد الكِفائي التي أَصدرها المرجعُ الأَعلى والذي يُقدِّم بخطابهِ الأُسبوعي دائماً مفهوم الواجب الوطني على الدِّيني لأَنَّ الأَوَّل يُحرِّض كلَّ العراقيِّين على الدِّفاع عن بلدهِم بِلا استثناءٍ وبِلا تمييزٍ أَمّا الثَّاني فيحرِّض أَتباعهُ ومُقلِّديه فقط! ولقد رأَينا كيفَ هبَّ العراقيُّون للدِّفاع عَنِ الوطن هبَّةَ رجُلٍ واحدٍ بِلا نظرةٍ إِلى الخلفيَّة وهذا دليلٌ على أَنَّ الفتوى كانت وطنيَّة قَبْلَ أَن تكونَ دينيَّةٌ!.
   واليوم فانَّهم سينجحُون في تحقيقِ الإِنجازات الهائِلة المُنتَظرة في المرحلةِ الجديدةِ سواءً على صعيد الحرب على الفسادِ أَو في ميادين التَّنمية وإِعادة البناء بنفسِ الرُّوح الوطنيَّة التي لا تُميِّز بين شبرٍ وآخر من أَرض العراق وبينَ مُواطنٍ وآخر!.
   إِنَّ الهدف الأَسمى المُتمثِّل بحمايةِ البلادِ من كلِّ المخاطر من خلالِ تحقيقِ الأَمن والإِستقرار بمبدأ العدل والمُساواة والشَّراكة الحقيقيَّة يتحقَّق حصراً بالرُّوح الوطنيَّة وليس بأَيَّة نزعةٍ أُخرى!.
   ٣/ نتمنَّى على كلِّ الكُتلِ الفائزةِ أَن تغلقَ البابَ على نفسِها وهي تتحاور مَعَ بعضِها فلا تفسح مجالاً لأَيَّة قُوَّة خارجيَّة [إِقليميَّة كانت أَو دوليَّة] لأَن تتدخَّل في جهودِها الرَّامية لتشكيل الكُتلة النيابيَّة الأَكثرُ عدداً او في تشكيل مؤَسَّسات الدَّولة!.  
   ٤/ إِنَّ السِّياسات التي ينتهجها الرَّئيس ترامب بشأن ملفَّات المنطقة لا تُساهم أَبداً في إِرساء دعائِم الإِستقرار سواء الأَمني أَو السِّياسي أَو الإِقتصادي! فهيَ تُحرِّض على وتصنعِ الأَزماتِ!.
   والمُؤسف جدّاً هو أَنَّ بعض دُول المنطقة مُسترسلة بل وخاضِعة لهذهِ السِّياسات ظناً منها أَنَّ الإِنحناء أَمام عاصفتها سيجنِّبها المشاكل والتورُّط بسياسة الإِتزاز التي تستخدمها واشُنطن مُتجاهلةً أَنَّ العكس تماماً هو الصَّحيح فنارُ الأَزماتِ والمشاكل لا يسلم منها أَحدٌ إِذا ظلَّت مُشتعلةً!.
   ينبغي على كلِّ دُول المنطقة أَن تنتبهَ لهذهِ الحقيقةِ قَبْلَ فواتِ الأَوان! فلا زالَ في الوقتِ مُتَّسعٌ!.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=119868
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18