• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : غيبوا وطني بعد ان تحرر من اسره    .
                          • الكاتب : صالح الحكيم .

غيبوا وطني بعد ان تحرر من اسره   


 بلدي فُقِد بعد الاسر. 

      كان مقموعا وكان اسيرا لاكثر من ثلاثة عقود وكنت احلم والملايين مثلي  ان نشم تراب العراق ثم  لانبالي بعد ذلك ان نرحل او نتلاشى  المهم كان عندنا ان نكحل عيوننا  بالنظر الى وجهه ،الى جمال طلعته البهية ،الى شاطئيه  ،الى قباب الصالحين وهي تطرز خارطته الى بصرته التي اعتادت الكرم مع صمت اهلها المعهود. ثم نتحرك من راس البيشة مع زوار الحسين ع الذين يقصدون كربلاء مشيا على الاقدام لتختلط خلايا اجسادهم مع تراب مدنه الجنوبية ومضايف اهلها وعطاء القيم وهيام العشاق وهم يتنافسون ويتفننون في تقديم مانتصور من خدمات للزائرين وفي احاين كثيرة يبذلون ما لانتصوره من عطاءات    وابناء بغداد ودجلته الذي يتماها وهو ويمر على حاراتها بين كرخها ورصافتها وديالى الخير وكركوك التعايش وكردستان الشموخ الزاهي بجمال جباله وطيبة اهله واصالة نينوى وسهلها بتنوعه واعتزاز اهله بكامل ذرات ترابه حرمنا جميعا من تلك البقاع الجميلة  وماكان احتضان جمالياته  ممكننا مع تلك القساوة والتجبر الذي عاناه ابناء الداخل والياس الذي خيم على من  هاجر من ابناء العراق وهم يعيشون الغربة في مهاجرهم القريبة و البعيدة بملاينهم وذكرياتهم وذل الغربة التي  تجرعوها خبزا يوميا ولم يعتادوا عليها ليبقى شموخ العراق في اعماق شخصياتهم  وحين انهار الصنم ومزق نسجه وتلاشى جبروته  الذي تبين انه  ماكان الا كبيت العنكبوت وحين مزقت جدران الغربة وعدنانحن الذين اجبرنا على مغادرة تلك البقاع الحبية  والتقينا  مع من تبقى من اهل الداخل وتعانقنا  وبدون ان يشرحوا لنا عظيم معاناتهم قراناها في شحوب الوانهم وانكسار مدنهم وحزن بيوتهم وازقتهم سرنا مع لنترحم على الشهداء الذين لهم قبور ونذكر الكثير الذين غيبت قبورهم واخفيت اثار اجسادهم وبعد ان كفكفنا دموعنا لننتبه لجراحات الوطن قالوا اتركوه الان لفترة فهو في طور النقاهة وحين غادر المحتل تلفت لاعانق وطني واشم ترابه  فلم اجد   وطني الحبيب والكثير الكثير مثلي بحثت عنه  في كل مكان من زاخو الى الفاو وعثرت وانا ابحث  عنه على كل شيء الا  ذلك الوطن الكبير عراق الحضارات والانبياء اين اجده ؟ فسالت اهل الفن اممكن ذلك هل ترحل الاوطان  ؟ قالوا ابدا ولكنها تًُغيّب كما ترى  فوقفت على شاطئيه ناديته باعلا صوتي وطني  حبيبي  يا عراق  يا عراق ...لم يجبني الا صدى صوتي فتثاقلت خطواتي وجلست على بعض من رمال اخالها تشبه رمال شواطئه لاناجيه وابثه اهات غربتي  وانا عنده قريب من عطاءاته وتجلياته  ولكن وللاسف ليس لي ان اطالها  فحالي في بؤسي كالعيس في البيداء يقتلها الضمى والماء فوق ظهورها محمول فكتبت على ورقة بيتين  من الشعر للصوفي ابن الفارض وارسلتها مع الماء عسى  ان تنقلها مياه النهر التي ماعادت تتدافع بعنفوان شبابها كما كانت فهي الان بقيا للنهر الذي يتعثر حتى جريانه  لعلها تصل  الى .... لا ادري المهم اني كتبت  كما اعتدنا ان نكتب للغائب  نستنهضه ونرسل له حاجاتنا مع الماء سالته  
حبيبي من غيبك ؟ اجزم انهم من اي لون كانوا لم يتذوقوا عشقك فهم غرباء عنك اشكوهم الى الله واخاطب حبيبي الغائب    
 يا غائبا  وجميلُ الصبرِ يتبعُهُ .. هل من سبيلٍ الى لُقياكَ يتَّفقُ
ما أنصفتك دموعي وهي داميةٌ .. ولا وَفَى لك قلبي وهو يحترقُ
                                          صالح الحكيم




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=119084
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28