• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العضة بالجلال .
                          • الكاتب : علي علي .

العضة بالجلال

  على أرض مساحتها 437,072 كم مربع، يقطن منذ بضعة آلاف من السنين شعب اختلفوا في قومياتهم وأديانهم وأطيافهم، وتبعا لهذا فقد اختلفت عاداتهم وتقاليدهم ومفردات يومياتهم، وصار لكل فئة منهم فولوكلور خاص بهم، وتراث يميزهم عن أٌقرانهم، مع هذا كله وعلى سعة أرضهم وتنوع تضاريسها، فقد توحدوا جميعهم في الولاء والانتماء لرقعة الأرض الصغيرة التي نشأوا فيها وترعرعوا عليها "أبا عن جد". تلك المساحة من الأرض أطلق عليها منذ الأزل أسماء عدة منها؛ بلاد مابين النهرين، وباليونانية ميزوبوتاميا، وأوروك، وكذلك أرض السواد. كما تخصصت كل مدينة فيها باسم لها، يتغير على مر التاريخ والسلطات الحاكمة، فالعاصمة بغداد تقلبت بين أسماء عدة تبعا لهوى حاكمها ونزواته، إذ صار لها من الأسماء؛ (بغداذ وبغذاد وبغذاذ وبَغْدِينُ وبغدان ومَغْدان) ثم أطلق عليها دار السلام.
كذلك دهوك، فهي تتكون من كلمتين هما (دو) وتعني باللغة الكردية اثنين و(هوك) بمعنى حفنة أو صاع من الغلة، حيث تذهب آراء المؤرخين أن اميرها كان يأخذ صاعين من الغلال كضريبة من القوافل المارة.
أما أربيل فهي المدينة الاشورية الوحيدة التي ظلت محتفظة باسمها الى يومنا هذا، فقد كان اسمها في نحو 2000 قبل الميلاد (اوربيلم) او (اربيلم).
السليمانية.. لها شأن آخر في التسمية، إذ يعتقد البعض إنه تم العثور أثناء الحفر لبناء المدينة، على خاتم نُقش عليه اسم سليمان، بينما يعتقد البعض الآخر ان إبراهيم باشا بابان سمى المدينة نسبة إلى والده سليمان باشا.
الموصل.. نينوى الحبيبة الأسيرة التي باعها محافظها قبل أكثر من عام، يعتقد أن اسمها له صلة بالآلهة نينا (الهة السمكة أو الحوت) وكذلك بالنبي يونس عليه السلام الملقب بذي النون وقصته الشهيرة مع الحوت.
كركوك.. قيل بأن اسمها جاء من (كركر) ويعنى باللغة السومرية النار الملتهبة، وقيل إن أصلها أشوري "كرخاد"، وتعني المدينة المحصنة بجدار.
ديالى.. وجاء اسمها نسبة الى نهر ديالى الذي كان يعرف بأسم (ديالاس)...
 ويطول الحديث عن مدننا ومحافظاتنا وقرانا لو أردنا سرد مسمياتها طيلة عمر هذه الحضارة الموغل في التاريخ. 
 أذكر حكاية قديمة من تراثنا العراقي تقول أن هناك أبا له من الأولاد اثنان، لم يكونا على وفاق يوما، وما انفكا عن التناحر فيما بينهما ساعة حتى يعودا الى الشجار ساعات، فأراد الأب ان ينقل لهما صورة عن نتيجة الاقتتال بينهما وما تسفر عنه الأيام القادمة لو استمرا على نهج الخلاف هذا. فأشار اليهما ان يأتيا بعصاتين كان قد صنعهما من ساق شجر نفيس واحتفظ بهما لقيمتهما العينية الثمينة، وطلب منهما ان يتنازلا أمامه باستخدام العصاتين، وجعل العصا التي يحملها الفائز هدية له. فاحتدم العراك حتى كسر الأول عصا الثاني، وفاز الأول بالمنازلة، فصارت العصا ملكه. ثم طلب منهما أن يأتي كل منهما بـ (تُنگه) -وهي المشربة المصنوعة من الطين المفخور- وطلب منهما أن يتنازلا باستخدامهما ولما بلغ النزال أشده تضارب الإثنان بما تحمله يداهما، فما كان من الـ (تنگتين) إلا ان تناثرتا على الأرض كلتاهما، وخرج الإثنان من النزال خاسرين.
هو نداء أبثه من منبري هذا؛ ان الصراع بين أي عراقيين إثنين لن يسفر عن فائز او رابح او غالب، فالإثنان سيهزمان ويخيبان في نزالهما. ومثلهما كمثل الـ (تنگتين).. أليستا والإنسان من طين؟.
aliali6212g@gmail.com

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118736
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28