• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نيسان العطاء الانتخابي أمْ كذبته الشهيرة .
                          • الكاتب : د . حسن خليل حسن .

نيسان العطاء الانتخابي أمْ كذبته الشهيرة

(هذا النص معدّل عن مقالة سابقة بنفس العنوان نُشرت لي في العام 2014)
        من شأن العراق ان يهبَ العطاء منذ الازل. . فما زال الحرف الاول للكتابة يشد له الامم جميعاً منذ عهد سومر حيث عُرفت الكتابة اولا ثم انتشر عطاءها الثر الى ارجاء الكون.
من هنا ارتبطت كلمة العطاء بأرض العراق، واستمر عطاءه ارضا وشعبا بذات العمق ونفس المعاني المرهفة، فتاريخ العراق زاخر بعطاء العلم عبر مدارس الفكر والنتاج المعرفي، بالاضافة الى نوع من العطاء الخاص تمثل بالفداء روحاً وموقفاً لاجيال المتعاقبة دون استثناء ثمناً لحفظ تاريخها وشخصيتها المتفردة وضريبةً لتمردها على واقع  البؤس الذي تعيشه بلدان اخرى في المشرق العربي.
اما هنا فأنا اتحدث عن زمن مقتطع من ذاكرة العراق، تمثّل باسبوع ماقبل الانتخابات او اسبوع ماقبل الخديعة الانتخابية والاحتيال على العاطفة العراقية الملطخة بدم التضحية والصبغة الزرقاء التي تتعمّد بالحُلم العسير فيواجهها الفشل المرير.! غاية حصد الاصوات عند بعض المنتفعين من الساسة صارت تبرر وسيل وضيعة تمثّلت بالاحتيال الانتخابي الذي يحدو مقدمة الشهر النيساني، وقد تبلور هذا الاحتيال القبيح  بسبعة ايام من هذا الشهر، والطريف ان هذا الشهر عُرفَ بتصدير الكذبات البريئة، ولا ندري كيف اضحى ينتج الكذب السياسي ويحاول تكرير الحقائق السوداء القاتمة الى لون اقل قتامةً وقبحا . وربما كان حُلم العراقيين واندفاعهم لصناديق اللاجدوى هو ضرورة محو جرح الذاكرة العراقية المنغمسة بسواد الامس المظلم.. ومحاولة صنع الغد بيد الامل الذي بدأ يشيخُ بعد الانتظار لجديد يبدو شبه مستحيل، وقد مرت 11 سنة من السنوات العجاف الا من ارتكاب الفضائع والفضائح السياسية، التي تتساوق مع غدر الارهاب وتشجيع الرذيلة التي تهدد عراق مابعد الطاغية اكثر من تهديد تجار الدم العراقي.
ولمن يتتبع اخبار الوزارات العراقية والدوائر المرتبطة بها خلال الاسبوع الذي يسبق الانتخابات يرى عجباً وغرابة.. ربما تكون تلك العجائب والغرائب شبيهة بكذبة نيسان غير المستساغة..! 
نيسان مختلف عن سواه وزاخر بتحسّن مصطنع للسلوك والاداء الحكومي وتعامله مع المواطن العراقي الذي طال انتظاره لتحقيق ضرورات الحياة، وحُلم توفير الحد الادنى من الخدمات والاستقرار ليجد ما يناسب حجم الموازنات المالية الهائلة..! اسبوع مُترع بعطاء يقدم كالسيل على الارض اليباب.! بشكل مكثّف وموقوت بما يدعو الى الحيرة والريبة.! فنظرة واقعية لهذا الاسبوع نجد قائمة طويلة من المنجزات التي صورتها شخوص حكومية سابقاَ على انها امنيات مستحيلة او بعيدة المنال على اقل تقدير، في البصرة على سبيل المثال وهي مدينتي التي تشبه احد ضواحي بنغلادش الفقيرة حصلت اجراءات مثيرة في مواضيع شتى جعلتنا نستقصي اسبابها وسرعتها ومفاجئتها لنا دون مقدمات.! كتخصيص اراضي سكنية وصرف مكافآت للسياحة في رفحاء وتحريك السلف الحكومية وصرف بعض المبالغ المتراكمة من العمل الاضافي الذي صادرته الحكومة بدعوى (امانات..!) وافتتاح مشاريع مائية واروائية وصيانة وكري بعض الانهار وتعبيد طرق لمناطق محددة تهم كل مرشح..! فضلاً عن اجراءات تخديرية كتجميد مؤقت لخصخصة الكهرباء..! جميعها بتوقيت متقارب، علماً اننا في ظروف اصعب من سابقها في ظل تلكؤ اقرار الموازنة واستمرار سياسة التقشف وفضائح مرشحات وترشيح شخصيات  داعشية.!
والحقيقة انني لااعلم سر هذا الاستخفاف الحكومي بطاقة العقل العراقي، هذا العقل الذي يحمل وعياً حضارياً يجعل من صمته لغة الاستيعاب المفرط لحقيقة الآخر...لذا فقد توهّم بعض السياسيين ان عطاءه الانتخابي المفضوح سيمحو الاخفاقات التي لاتُعد طيلة (اسابيع) ما قبل الخديعة الجديدة. 
واظن ان الاجراءات الاخيرة للاقطاب الحزبية والكتل البرلمانية جاءت لانعاشها من ازمتين قاضيتين اولاهما فضيحة الفشل في الاداء لدورات سابقة، وثانيهما بداية بوادر تهديد ورفض المؤسسة الدينية لتكرار الوجوه الفاشلة والفاسدة، ولا يخفى على متتبع ان هذا الرفض اصبح معلناً ولم يعد يقتصر على التشفير كما كان، بعد ان ادركت تلك المؤسسة المحنة الشعبية التي تصاحب ثقة الاصابع البنفسجية في كل مرة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118707
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28