• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اهل البيت رسالة الانسانية في الحوار والتقارب .
                          • الكاتب : ادارة الموقع .

اهل البيت رسالة الانسانية في الحوار والتقارب

خاص : كتابات في الميزان 

اتت من بيروت الثقافة والتنوع تحمل رسالة المحبة والتقارب اوقدت شمعتها الاولى هناك وفاح اريجها وسطع نورها الذي يحمل عنوان كبير في محتواه وبليغ في دلالته وهو التقارب بين السنة والشيعة ضرورة اسلامية اسس لها النجف الاشرف والازهر الشريف.
يممت وجهتها نحو الحسين واخيه ابي الفضل العباس تتلمس نور الاباء والكرامة في كربلاء القداسة وارتقت منبر مؤتمر ربيع الشهادة العالمي الرابع عشر لتلقي خطابا وليس مقالا تناغم به الانفس والارواح وتستنطق الضمائر للنهوض بوحدة اسلامية تجمع الاخوة تحت راية النبي واهل بيته عليهم السلام. انها  الكاتبة والناشطة في حوار الاديان والمذاهب الاستاذة زينة محمد الجانودي. وما اروع هذه الكلمات التي شنفت بها اسماع الحاضرين.
بسم الله الرحمن الرّحيم
والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا محمدٌ وعلى آلهِ وصحبهِ الكرام.
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله ِوبركاتُه .
الشكرُ والاحترامُ والتقديرُ لكلِّ الحاضرين والمشاركين ولكلِّ فعاليات هذا المهرجان الذي يحملُ معانٍ وقيمٍ ساميةٍ ، فهذا المهرجانُ هو ربيعٌ للإيمانِ والمحبّةِ والأخوّة .
جئْتُ إلى هذا المكانِ الشريفِ وأنا أحملُ معي هدفي ورسالتي التي أسعى إليها دائما من القلبِ وبكلِّ صدقٍ وهي التقريبُ بين السنّةِ والشيعة، أبناءُ الدّينِ الواحدِ ، دينُ الإسلام، والتي هي ضرورةٌ إسلاميّةٌ أسّس لها النجفُ الأشرف والأزهرُ الشريف.
إنّ التقريبَ بين مذاهبِ المسلمين واجبٌ شرعيٌّ وأخلاقيٌّ وإنسانيّ، لأنّهُ من خيرِ الأعمالِ، وضرورةٌ حتميّةٌ للتخفيفِ من حدّةِ الإختلافِ وتضييقهِ إلى أبعدِ الحدودِ الممكنة، وهو ليس مستحيلا صعبُ المنالِ إذا عرفَ المسلمونَ السُبُلَ إليه،وسعوا بصدقٍ وعزمٍ إلى تحقيقِه وتجرّدوا من خلافاتِهم ، واحتكموا إلى النصوصِ، ولم يغلّبوا فروعَ الخلافِ فيمابينهم. فالخلافُ إن وُجِدَ هو خلافٌ في الفروعِ وليس في الثوابتِ والأصول ، والخلافُ موجودٌ في الفروعِ بين السنّةِ أنفسِهم والشيعةِ أنفسِهم.لأنّ المذاهبَ الإسلاميّةَ في واقعِها متقاربة، وذلك لِوِحدَةِ مرجِعيّتِها، وهي القرآنُ الكريم والسنّةُ النبويّة ولاشتراكِها في الأصولِ والمعالمِ الأساسيّةِ للدّين، فالتباعُد الحاصل هو بين أبنائِها وأتباعِها، وليس بين المذاهبِ كمدارسَ وتوجّهاتٍ.
فقد وصلَ الأمرُ إلى ما لا تُحْمَدُ عقباه وتقاتلَ الأخوةُ ، وتناحروا فيما بينهم، وخَفُتَ صوتُ الاعتدالِ والوسطيّةِ ، وأصبحَ الصوتُ الهادئُ هو النشازُ، ومن يطالبُ بتحكيمِ العقلِ ، وتغليبِ لغةِ الرّحمةِ والمحبّةِ والتفاهُمِ،هو الضعيف ،ومن يملأُ الأجواءَ برائحةِ الفتنةِ والدّعوةِ للقتالِ والصراعِ، هو من نسمّيه شجاعا وقويا.
وغفلوا أنّ ائتلاف المسلمين والتقاربَ فيما بينهم من المقاصدِ العظيمةِ التي حَرِصَت عليها الشريعةُ الإسلاميّةُ ،وبها تتحقّقُ العزّةَ للإسلامِ وتعمُّ الرّحمةُ والمحبّةُ بين المسلمين. فالحبُّ من المعاني العظيمةِ التي يَسْعَدُ الإنسانُ بها، و يسمو بالنفسِ ويكسو الروحَ بهاءً،ومن أعظمِ صورِ الحبِّ، حبُّ اللهِ تعالى ورسولِهِ وآلِ بيتِ رسولِهِ.

إنّ أهلَ البيتِ عليْهِمُ السلامُ هم رمزُ قوّتِنا 
فإنّ أهمَّ كنزٍ في الإسلامِ بعدَ القرآنِ هم أهلُ البيتِ الذين أوصانا بهم نبيُّنا الأكرمُ وتركَهُم أمانا لنا فقال إنّي تاركٌ فيكم الثّقلَيْن كتاب ُاللهِ وعِتْرَتي أهلُ بيتي ما إنْ تمسّكتُمْ بهما فلنْ تَضِلّوا من بعدي أبدا.
فآلُ بيتِ النبيِّ كسفينَةِ نوحٍ من رَكِبَها نجا ومن تخلّفَ عنها غَرِقَ وهوى. فمن لم يَسِرْ على هدْيِ أهلِ البيتِ ويتّبعُ أقوالَهُم وإرشاداتَهَُم فكما وضّحَ الرسولُ الكريمُ سيَضِلُّ ولن ينالَ الهُدى.
فإنْ كنّا نبحثُ عن العُرْوةِ الوُثقى أو حبلِ اللهِ المتينِ فلن نجدَ لها مصاديقَ ودلالاتٍ مثلَ الأئمةِ المعصومين عليهمُ السلامُ من أهلِ بيتِ النبوّة.
ومحبّةُ أهلُ البيتِ وإكرامُهم من أساسيّاتِ الدّينِ الاسلاميّ التي يتّفقُ عليها السنّةُ والشيعةُولا يختلفان فيها فليس هناك من مسلمٍ يختلفُ في فهم الآياتِ التي نزلَتْ في حقِ أهلِ البيتِ عليهمُ السلامُ وينكرُ دلالاتِها كقوله تعالى :" إنّما يريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُمْ تطهيرا.. "
وقوله تعالى: "رَحْمَتُ اللهِ وبركاتُهُ عليكُم أهلَ البيتِ إنّهُ حميدٌ مجيدٌ".
وتنتشرُ في كتبِ أهلِ السنّةِ المئاتِ من الأقوالِ في إكرامِ ليس أهلُ البيتِ فحسب بل وحتى ذريّاتِهم وهذا ما قاله ابنُ كثير رحمه الله في تفسيره (الجزء الرابع، صفحة: ١٧٩)يوصي المسلمين بذريّةِ النبيّ محمدٍ وأهلِ بيته وهي تكفي في توضيح ِمقامِهم إذ قال : "ولا ننكرُ الوَصاةَ بأهلِ البيتِ والأمرَ بالإحسانِ إليهم واحترامَهم وإكرامَهم فإنّهم من ذريّةٍ طاهرةٍ ومن أشرفِ بيتٍ وُجدَ على وجهِ الأرضِ فخرا وحسبا ونسبا".
فالمؤمنُ لا ينكرُ فضلَ آل ِبيتِ النبي ،لأنّ التقرّبَ إلى الله لا يكونُ إلاّ بمحبّةِ النبيِّ وأهلِ بيتِه، وبمحبّتِهم يتوحّدُ المسلمون.
فاليومُ وفي عصرِ هذه الفتنِ المتضاربةِ نجدُ أنّ من يحتَضنُنا باختلافِ توجّهاتِنا ومشاربِنا هو الإمامُ الحسين وأخيه أبي الفضل العباس. ونلمسُ تلك الأنفاسَ الرّبانيّةَ والنفحاتِ القدسيّة في حرمِهم المطهّر . 
والواجبُ اليوم على كلّ مسلمٍ، لا بل على كل إنسانٍ أن يأتي لزيارةِ مراقدَ أهلِ بيتِ النبوّة، فالطاقةُ الإيمانيّةُ التي يكتسِبُها المرءُ هنا، تُزيلُ كلَّ الأدرانِ والترسّباتِ التي يتخبّطُ بها العقلُ والذهنُ في معالجةِ الأفكارِ المشتّتة . 
والإحساسُ الذي لامسَ فؤادي هنا في رحابِ الحسين، ينعشُ العقلَ والفكر ، ويستنيرُ الذهنُ وتتفاعلُ الروح ، وينفعلُ الضميرُ وتهفو النّفسُ وتزهو ويتجدّدُ إيمانُها.
ومارأيتُهُ من إعدادٍ وتنظيمٍ ،وخدمةٍ وكَرَم ِضيافةٍ، من الأخوة ِ في العتبتيْن المقدّستيْن، لا يسعني إلّا أن أتقدّم َبالشكرِ الجزيل ، لمتولِّيَي العتبتيْن المقدّستيْن، سماحةُ الشيخ عبد المهدي الكربلائي متولّي العتبة الحسينيّة، وسماحةُ السيّد أحمد الصافي متولّي العتبة العبّاسيّة.
ولكلِّ الأخوةِ والأخوات العاملين فيها، وكلّ من ساهمَ في تنظيمِ هذا المهرجان.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118577
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28