• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : !!! أمّة ُالاجتهادات المأجورة .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

!!! أمّة ُالاجتهادات المأجورة

 واعلم رعاك الله ، بانك مهما جبت من اقطار الله الواسعة ، فلن تجد امة تقدس مجرميها وعتاتها كامتنا العربية ، لكننا لنا عزاءً في قوله جل شأنه " كنتم خير أمة قد اخرجت للناس " . طبعا لا احد يرى جواب الشرط الكامن الذي يكمل الآية الشريفة بكل أناقة وهو " تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " . وليس مهما لهذه الامة المتثائبة ان تخالف في هذا التقديس الخاوي مبادىءَ اشرف واتم دينٍ بعثه الله للناس مع اشرف واتم الانبياء محمد "ص" ، فرجالاتها ومؤرّخوها مستعدون لركل اكثر القيم قداسة حتى وان كانت قبسا من كتاب الله ، من اجل المحافظة على هالة شخصيات اقل ما يقال عنها انها كارثية اوصلتنا الى هذا المصير المحتوم والقدر المشؤوم . فالخليفة الثالث - غفر الله له - ادخل كل جناة بني أمية تحت عباءته مخالفا سنة من سبقوه بمن فيهم الرسول الكريم "ص" ، حيث ولّى - الخليفة المظلوم - مطرودي النبي وطلقاءه على ابرز الامصار في تحد سافر لا يقدم عليه حتى اعداء الرسالة آنذاك ، وراحوا يقضمون مال الله قضم الابل نبتة الربيع . كل هذا ومطلوب منا ان نسميه "ذو النورين" والخليفة الراشد ، الذي تستحي منه الملائكة المقربون ، وان نبرر له كل ذلك بانه اجتهد فاخطأ وله اجر المجتهد. في موقف كهذا تجد الاقلام وقد جفت احبارها عن ذكر كلمة حق واحدة تصرخ وتقول : ان اساس الظلم على اهل البيت الذين هم شجرة الاسلام الوارفة ، تشكلت صورته البشعة ابان هذه الخلافة العائلية التي خطفت الاسلام الشوروي الى الابد. وبعد "ذو النورين" تنتقل المهمة المقدسة الى ام المؤمنين عائشة ، تلك الحميراء التي انقلب شعارها بين ليلة وضحاها من "اقتلوا نعثلا فقد كفر" الى " يا لثارات عثمان " مطالبة بدم الخليفة المقتول من الامام علي "ع". ووضعت أمُّنا - غفر الله لها - تحت راية جملها اثنين ممن يقال ان الرسول بشرهما بالجنة ضمن عشرة ، تسوقهم كالانعام . وازاء كل هذا التجييش المسعور والجوالملغوم يُطالب الامام علي "ع" بان يجلب قتلة عثمان الى العدالة ، والا فعقوبته حرب طاحنة تتدحرج بها الرؤوس وتطيح الاذرع ، ومن هوان الدنيا على الله ان يُهددَ مثل علي وهو في الستين بحرب كان قد خاض غمار ادهى منها وهو فتى دون العشرين ؟ وعندما تضع فتنة الجمل اوزارها تكون ارض البصرة تسبح بدماء عشرين الف قتيل بينهم مئات القراء والحفاظ . هل من منصف ياتي ليقول ان هؤلاء جميعا كانوا ضحايا نزق امراة لم تستطع ان تحافظ على اتزانها عندما سمعت بان عليا اصبح خليفة عليها، امرأة موتورة يريدون ان نصدق بان نصف ديننا جاء منها. هل من منصف يستطيع ان يخبرنا كيف كانت ام المؤمنين ستتصرف لو انها تمكنت من علي في حرب الجمل ؟ لا شيء من هذا سيحدث ، انما تسيل الاقلام الرخيصة لتثبت لنا ان الطرفين في سرر متقابلين وهم "حبايب" بلغة عصرنا يتبادلان آخر النكات عن الربيع العربي . فغاية ما في الامر ان سيدتنا عائشة رضي الله عنها وارضاها اجتهدت في قتال سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه فاخطأت في اجتهادها ولها مكافأة على ذلك اجر واحد من الله ، اما الرؤوس المتدحرجة والاذرع المتطايرة والبطون المبقورة التي تملا الفلوات فهم جميعا شهداء يرزقون ، شاء ربهم ام ابى !!! . اللهم ان كنت تؤجِر عبدا من عبادك على قتل نفس محترمة واحدة فاني ساكون اول كافر بك ، واعوذ بك من مغبة غضبك واستجير بك من عواقب سخطك . وتكرُّ حبّاتُ مسبحة الشيطان فيطل قرنا معاوية " كاتب الوحي " من الشام وقد اخذته الحمية ليعاقب الامام عليا "عليه السلام" على تهاونه في تسليم قتلة عثمان ، وكأنَّ معاوية في ايام حصار الخليفة كان متزرا بازار الذب عنه من غضب الثوار. الم يكن طلحة المبشر بالجنة واحدا من ابرز المؤلبين والناقمين والساخطين على سياسة عثمان ؟ اذن لماذا لا يُسال عن دم الخليفة المقتول ، وقد انضم الى الفئة التي تقاتل عليا طلبا بدم عثمان بين عشية وضحاها. كم انت قذر وموبوء ايها التاريخ . طبعا جواب مشايخنا حاضر ، بان سيدنا معاوية رضي الله عنه وارضاه اجتهد في حربه ضد سيدنا علي رضي الله عنه وارضاه فاخطأ ، وان سيدنا طلحة المبشر اجتهد فاخطا وان سيدنا الزبير اجتهد فاخطأ وقبلهم سيدتنا ومولاتنا عائشة اجتهدت فاخطات ، وقبلهم عثمان بن عفان اجتهد فاخطا و...و...و...و...ومن يتحدث في ذلك يقال له ان الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها فتخرس الاصوات. وما علينا الا ان نسمع ونصدق ونصفق . وجاء يزيد القرّاد ليتوج فعل بني امية بابشع ما تكون عليه البشاعة عندما ضاق ذرعا بوجود سبط الرسول الهاشمي في عهده . فالارض بالنسبة لامثاله لا تتسع لامثال هذه الروح الوثابة والنفس الرفيعة للامام الحسين وحسبه انه ابن علي عليهما السلام. وجرى ما جرى من حوادث يخجل التاريخ البشري من ذكرها ، اما تاريخنا الاسلامي فصفحاته آخر ما يعرف الخجل . واسوة بسابقيه فان الخليفة المؤمن سيدنا يزيد رضي الله عنه وارضاه اجتهد فاخطأ،  فقتل سيدنا الحسين رضي الله عنه  وارضاه ، وهما ايضا في سرر متقابلين في الدنيا والاخرة يتبادلان عبر الآي باد آخر وجبة النكات والطرائف التي انتشرت في معركة الطف. هذا بالنسبة لمن اعتبر فعلة يزيد خطا . اما الذين يوافقونه على فعلته فانهم يتمنون لو انهم سبقوه الى هذا الشرف العظيم . شرف اللعب بثنايا ريحانة رسول الله بالقضيب. وتكر المسبحة على نفس المنوال وصولا الى عصرنا هذا . ولان في كل زمان هناك محمد الفضيلة يقابله ابو سفيان الرذيلة  ، وعليٌّ النقاء يقابله معاوية الشقاء ، وحسين الثائر يقابله يزيد الجائر، فان صدام التكريتي آلى على نفسه الا ان يطيح بكل أثر خلفته تلك الانوار الساطعة والانجم اللامعة ، احياءً لسنة اجداده ابي سفيان ومعاوية ويزيد . واستجابة لذلك النَهَم الحيواني الجارف ، فتحت المقابر الجماعية افواهها لتبتلع خيرة ابناء العراق شيبا وشبابا من الرجال والنساء . وكانت الامة العربية المجيدة جدا ترقص الرقصة البدوية طربا، وتضخ حفيد معاوية بالمال والعتاد لمواصلة مهمته القذرة التي ضَمِنَ فيها اجرا واحدا على الاقل . ولان صدام لا يمثل بدعا في تاريخنا ، فان مشايخ النفط ما زالوا حتى يومنا هذا يعتبرون هذا الخليفة المتأخر مجتهدا اخطأ فأصاب اجراً من الله على الجهد المبذول . هذا بالنسبة لمن اجترأوا وخطّأوه، اما الذين باركوا عمله المشؤوم كونه طهّر الارض من "رجس الروافض" فانهم يتبرعون له باجرين على صواب الاجتهاد، وهو في عُرفهم الخليفة الخامس ، باخسينَ حق الخليفة الراشد معاوية بن ابي سفيان . ليس غريبا هذا الهوان السافر الذي ابتليت به هذه الامة منذ قرون ، فأمة تدير ظهرها لشمسي الهدى علي بن ابي طالب وقرة عينه الحسين وتستقبل معاوية بن ابي سفيان وحيضته يزيد، لحـَرِية ٌبان تلقى ما تلقى من الخسف والصغار، والآتي من الايام يخبىء لها الادهى والامر . فما تحتاجه هذه الامة المبتلاة بمشايخها المأجورين وكتابّها الزيتيين وكابوس التقديس الجاثم على صدرها ، هو لحظة مكاشفة واحدة مع النفس ، تـَرسمُ خلالها بالالوان اشكالَ الجناة الذين اسسوا اساس الظلم على آل محمد عبر التاريخ ، اشكالا صادقة بعيدة عن التقديس الفارغ  ، والتبجيل المقرف الذي لا يغني من الحق شيئا فالحق لا يعرف بالرجال ، انما يعرف الرجال بالحق




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11721
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28