• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل فشل مؤتمر الكويت من تحقيق أهدافه ؟ .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

هل فشل مؤتمر الكويت من تحقيق أهدافه ؟

لم يفشل مؤتمر الكويت والبرهان على ذلك هو الزخم الإعلامي الواسع حول المؤتمر, مشاركة شخصيات سياسية عربية ودولية كبيرة , وحضور الالاف من رجال الاعمال والشركات العالمية في كافة المجلات الاقتصادية . ان هذا التجمع الدولي الكبير في الكويت هو اعتراف عالمي بأهمية العراق , ورغبة العالم بفتح ابوابه له . المبلغ الذي تم جمعه من المؤتمر يبلغ 30 مليار دولار , وهو مبلغ ليس بالصغير , واذا صرف هذا المبلغ في مكانه الصحيح , فان التركيبة الاقتصادية للعراق لعام 2020 ستكون مختلفة تماما عن تركيبته لعام 2018 والتي مازال القطاع النفطي هو المهيمن الأكبر على اقتصاده . اذا نجحت الحكومة العراقية في استثمار هذا المبلغ لسنوات 2018, 2019, و2020 , سيكون القطاع النفطي هو الأكبر ولكن ليس المهيمن على الحياة الاقتصادية في العراق. صرف ثلاثين مليار دولار على مشاريع السكن والزراعة والصناعة بالتساوي سوف يزيد من مشاركة هذه القطاعات الاقتصادية , وبالتالي سوف تقلص من نسبة مشاركة القطاع النفطي في حسابات العراق الختامية لعام 2020.

الكثير فهم ان هدف مؤتمر الكويت جمع المعونات المالية للعراق, وهذا اخفاق كبير يسجل على الاعلام العراقي الوطني . المؤتمر كان ليس دار فقراء يطعم الجائعين , و لم يكن العراق من الجائعين. العراق لديه الثروة الكافية لإعادة بناء جميع المدن التي دمرتها مجاميع داعش الإرهابية . العراق أراد من هذا المؤتمر ان يظهر للعالم حقيقة النظام الديمقراطي فيه, وكيفية مشاركة جميع الاطياف العراقية في قيادته, وكشف  جرائم داعش والتي لم يعرف  العالم منها الا القليل بسبب محاولة الاعلام العربي التغطية عليه بكل وسائل الكذب والخداع . ان التقارير الصحفية التي رفعت من قاعات المؤتمر و التي تحدثت بالإيجاب عن الواقع العراقي وعن الخراب الذي سببه داعش للبنى التحتية العراقية و بيوت المواطنين , وتضحيات العراقيين من اجل القضاء على هذا التنظيم الاجرامي ,كانت تفوق في قيمتها المئة مليار دولار.

حصد العراق 30 مليار دولار او 100 مليار دولار, لا يعني كثيرا , وللأسباب التالية:

1. كما قلنا ان المؤتمر لم يكن جمعية خيرية يعطي الأموال بدون مقابل , وانما هدفه منح القروض من اجل التنمية , بفوائد بسيطة . ولكن في النهاية على العراق دفعها الى الدائنين.

2. كل الدول لها قابلية محدده على الاستثمار وذلك بسبب محدودية المواد المتوفرة لها . هناك رأسمال كبير في الدول الخليجية ولكن الحجم السكاني لهذه الدول تحدد من التوسع فيها. في مصر هناك وفرة في الايدي العاملة ولكن قلة رأسمال يحدد حجم الاستثمار فيه. وعليه , فان العراق هو الاخر ليس لديه القدرة على استثمار مبلغ اكثر من 15 مليار دولار سنويا على المشاريع الاستثمارية. وهكذا , فان مبلغ 30 مليار دولار سيكون كافية لتغطية حاجات البلد من الاستثمارات لفترة سنتين.

3. حتى مع الشحة المالية التي يمر بها العراق حاليا , فان هناك ما لا يقل عن 20 مليار دولارا مخصصة للاستثمار من ميزانية الدولة , على افتراض ان 75% من الميزانية سوف تذهب كرواتب واجور ومعونات والبقية للاستثمار.

4. النجاح يقود الى نجاح اخر , والفشل يقود الى فشل اخر. ان نجاح العراق بوضع التخصيصات الاستثمارية في مكانها المناسيب و بعيدة عن يد الفاسدين  , كما واعدنا السيد حيدر العبادي , و هذا سيخلق شعور باطمئنان عند اصحاب الأموال على أموالهم , وربما يشجع الاخرين بالدخول الى الأسواق العراقية في المستقبل.

نعم لقد رقصت القوى المعادية للعراق على عدم حصول العراق على ما كان يطمح له , وتبعتهم , بكل اسف, بعض الأحزاب والكتل السياسية العراقية والتي لا تريد ان يضيف السيد حيدر العبادي نجاح اخر الى نجاحاته الأخرى . أقول ان من حق القوى المعادية ان تحتفل لعدم تحقيق العراق طموحه من مؤتمر الكويت , ولكن ليس من حق الأحزاب العراقية والكتل السياسية الاحتفال خلف الجدران , لان اموال إعادة الاعمار سوف لن تدخل في جيب العبادي او الى حزبه وانما سوف يستفيد منها جميع الشعب العراقي , وبالتالي سيكون نصر لكل العملية السياسية . انه قصر نظر سياسي تعودت عليه الأحزاب العراقية .

 

 أعداء العراق والعملية السياسية اعتبروا ان عدم وصول العراق الى هدفه في جمع مبلغ 100 مليار دولار جاء كمؤشر على خوف المجتمع الدولي من انتشار الفساد في دوائر الدولة العراقية , حتى وصل الحال ان يصرح احدهم بالقول ان 80% من هذه القروض سوف تذهب الى جيوب الفاسدين . اكثر من ذلك يقول احدهم ان هذه المبالغ سوف تذهب الى جيب السيد نوري كامل المالكي وايران . وعليه , لا يحتاج القارئ عناء التفكير عن صحة هذه الدعوة, لأنها دعوة سياسية بامتياز . الاخر , يقول ان معظم القروض التي حصل عليها العراق في مؤتمر الكويت ستذهب الى القطاع النفطي وبذلك ستبقى التركيبة الاقتصادية العراقية غير متوازنة . ان هذه الدعوة ليست صحيحة , لان الحكومة قد أعلنت ان القروض التي سوف تحصل عليها من مؤتمر الكويت ستذهب الى قطاعات الصناعات النفطية , لا الى الاكتشافات النفطية. واخر يقول ان الاستثمارات سوف تتركز على المناطق الامنة وليست المناطق المتضررة من الحرب , وهو ادعاء غير صحيح أيضا , لان الخطة الحكومية هي  تغطية جميع المحافظات العراقية بهذه القروض. واخر يقول ان الاستثمارات ستتركز على المشارع الكبرى دون الصغرى , الا ان مطلق هذه الدعوة استغفل إصرار الحكومة على دعم القطاع الخاص وبالأخص المشاريع الصغيرة من خلال القروض الحكومية والبنك المركزي.

مؤتمر الكويت قد نجح , حتى بدون أي مال منه , لان اجتماع الالاف من المؤتمرين والذين يمثلون 70 دولة هو بمثابة اعتراف دولي بهيبة العراق و شكر وتقدير لتضحيات قواتنا المسلحة بكل عناوينها و صنوفها وفصائلها , وان أعداء العراق سوف يجدون مبرر اخر للإعلان عن فشل مؤتمر الكويت حتى لو استطاع العراق الحصول على ما خطط له




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=115911
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19