• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المهدي المنتظر في الفكر الإسماعيلي .
                          • الكاتب : مجتبى الساده .

المهدي المنتظر في الفكر الإسماعيلي

حتمية ظهور المنقذ المخلص آخر الزمان هو اعتقاد عالمي ، فجميع الأديان والملل تنتظر خروج شخص يخلص العالم من الظلم والجور وينشر القسط والعدل .. المسلمون يعتقدون بالمنقذ المخلص للبشرية ويسمونه (المهدي المنتظر-(ع)) ويؤكدون أنه من ذرية فاطمة الزهراء عليها السلام كما بشر به الرسول صلى الله علية وآله وسلم .


إن الإسلام بركنيه القرآن الكريم والسنة الشريفة هما المصدر والمنبع لدى المسلمين للاعتقاد والإيمان بفكرة المهدي وعلى ذلك أجمع المسلمون بكافة أطيافهم ومذاهبهم .. وفي هذه السطور نحاول تسليط بعض الضوء على فكرة المهدي عند أتباع المذهب الإسماعيلي بفرقه المختلفة.


الطائفة الإسماعيلية:
 تعتبر فرقة من المذاهب الإسلامية الشيعية ، وتعتقد بإمامة إسماعيل بن الإمام الصادق (ع) في حياة والده ، ومن ثم اتبعت ابنه محمد بن إسماعيل وقالت بإمامته ، على أساس أن الإمامة لا تكون إلا من أب إلى ابن ولا تعود القهقرى.

افترقت الطائفة الإسماعيلية إلى فرق متعددة ، وبعض هذه الفرق التاريخية قد انتهى وانقرض مثل (القرامطة)  ، ولكن يوجد في الوقت الحالي أربع فرق رئيسية تشكل أبناء الطائفة الإسماعيلية في العالم .. وقد نشأت هذه الفرق بعد أن حدث نزاع حول الخلافة بعد الإمام الفاطمي المستنصر بالله عام (487 هـ /1094م) مما قسم الاسماعيليين بشكل دائم إلى جماعتين متميزتين هما :

•    الفرقة النزارية وهي التي اتبعت وقالت بإمامة نزار بن المستنصر بالله.
•    الفرقة المستعلية (الطيبة) وهي التي اتبعت وقالت بإمامة المستعلي بن المستنصر بالله.
ومن ثم انقسمت كل فرقة إلى مجموعتين مما أدى إلى تشكيل أو تكوين أربع فرق مختلفة كالأتي :-

     الإسماعيلية النزارية:

 وأتباعها متمركزون حاليا في سوريا والعراق وآسيا الوسطى وأوربا ، وقد انقسمت الى فرقتين:

1.    الفرقة المؤمنية: اتبعت وقالت بإمامة الابن الأكبر للإمام شمس الدين والمسمى "مؤمن" ، واستمر أئمة هذه الفرقة في الظهور والكشف الى الإمام الصادق(ع) ، ومن ثم دخل ائمتهم دور الستر وأصبحوا في الوقت الحالي يقولون بستر الإمام (وهم إسماعيلية باكستان وآسيا الوسطى).

2.    الفرقة القاسمية ( الأغاخانية ) :-  أتبعت  وقالت بإمامة  الابن الأصغر للإمام شمس 
الدين  والمسمى "قاسم" ولازال أئمة هذه الفرقة ظاهرين ومعروفين إلى يومنا هذا (وهم إسماعيلية سوريا والشام وأوربا) ، وآخر إمام ظاهر هو الإمام الحالي "كريم شاه الحسيني"  ويعتقدون بعصمته ويعيش حاليا في لندن. والغريب من معتقدات هذه الفرقة انها لا تعترف بإمامة الإمام الحسن المجتبى(ع) ويرون أن الإمامة انتقلت من الإمام علي(ع)  إلى الإمام الحسين(ع) مباشرة.           
إمام الزمان الحالي للطائفة الإسماعيلية القاسمية (الأغاخانية)

    الإسماعيلية المستعلية الطيبة:

 وأتباعها متمركزون حاليا في الهند ومصر واليمن وجنوب السعودية ، هذه الفرقة تؤمن أن الأئمة دخلوا دور الستر بعد أن كانوا في دور الكشف والظهور ، ومن قبله في دور ستر ، وكان آخر إمام لديهم معروف في دور الكشف هو الطيب بن الآمر بأحكام الله ، ومن ثم بدأ دور الستر لدى هذه الفرقة وأصبح (الداعي) المنفرد والمطلق في دعوته هو الحجة الظاهرة الذي يمثل الإمام في دور الستر وكان الداعي داوود عجب هو آخر داعٍ اتفقت عليه جميع الفرق المستعلية الطيبية.. وبعد وفاته انقسمت المستعلية الى فرقتين:

1.    الفرقة الداوودية: اتبعت وقالت إن الداعي هو داوود قطب من بعد الداعي داوود عجب ، ويسمى أتباعها بطائفة البهرة بالهند.

2.    الفرقة السليمانية: اتبعت وقالت إن الداعي المنصوص عليه هو سليمان بن الحسن من بعد الداعي داوود عجب ، ويتزعم أتباعها حاليا  عائلة المكرمي بنجران السعودية واليمن.
هذه الفرق الأربع هي أشهر فرق الإسماعيلية المعروفة الآن ، وينتشر أتباعها حالياً في أكثر من (25) دولة في العالم ويبلغ عددهم أكثر من (15) مليون شخص    .  

    المهدي المنتظر في المعتقد الإسماعيلي (الجذور التاريخية والعقائدية):
الإمام هو محور المذهب الإسماعيلي ، ومحور العقيدة يدور حول شخصيته ، فالطائفة الإسماعيلية قالت إن الإمامة تكون لإسماعيل في زمن الإمام الصادق (ع) ، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان فقد مات إسماعيل قبل أبيه (ع) ، فأشكل عليهم الأمر فلجأ بعضهم إلى فكرة غيبة الإمام ، وقالوا إن إسماعيل لم يمت ، بل اختفى وسيظهر بعد ذلك ، ولكن غالبية الطائفة (رفضوا فكرة الغيبة لإسماعيل) حيث الواقع والأدلة التاريخية تؤكد وفاته ، لذا التزموا بقاعدة نقل الإمامة للذرية ، فقالوا بأن الإمام بعد الإمام الصادق(ع) هو الابن الأكبر لإسماعيل ، وهو محمد الذي تركه أبوه في الثالثة من عمره.
انتشرت لاحقاً فكرة لدى غالبية الاسماعيليين الأوائل بعد أن ساقت الإمامة في إسماعيل ثم في ولده محمد ، فأصبحوا يعتقدون ويقولون أن محمداً قد ذهب في غيبة وعند عودته (ظهوره الثاني) سوف يبدأ الدور العالمي لحركته بصفته المهدي أو القائم ليملأ الأرض عدلاً وقسطا.
في عام (296 هـ) وبعد زمن قصير من استلام عبد الله المهدي الخليفة الفاطمي الأول الذي أسس أول دولة إسماعيلية فاطمية في المهدية بإفريقيا (تونس) غيّر بعض التوجيهات العقائدية المرسلة لأتباعه ، فبدلاً من التمسك بمهدوية محمد بن إسماعيل الذي قامت الدعوة باسمه ونيابة عنه ، فان القائد الجديد (عبد  الله المهدي) ادعى الإمامة و(المهدوية) لنفسه ، وكذلك الإمامة لأسلافه الذين قادوا الإسماعيليين بعد محمد بن إسماعيل .. كان قادة الإسماعيليين المركزيين قبل إصلاح وتجديد عبد الله المهدي يتخذون لأنفسهم رتبة الحجة للإمام الغائب (دور الستر) ، وكانت العقيدة أنه عبر الحجة يمكن للأتباع الاتصال بالمهدي المستور   .. على كل حال يتضمن إصلاح عبد الله المهدي رفض مهدوية محمد بن إسماعيل التي كانت النقطة المركزية في العقيدة التي عليها غالبية الإسماعيليين.

إن دعوة عبد الله المهدي العلنية لإمامته قسمت الجماعة الإسماعيلية إلى فرعين: قسم قبل دعوته والتي أصبحت فيما بعد العقيدة الرسمية ، وحافظ هؤلاء (الغالبية) على استمرار الإمامة وقبلوا تفسير عبد الله المهدي بأن الإمامة الإسماعيلية انتقلت ضمن أحفاد الإمام الصادق(ع)  المباشرين .. أما الفرع الآخر وهم (القلة) من الإسماعيليين المنشقين على عبد الله المهدي والذين لم يستطيعوا تأمين قيادة موحدة ، ولكنهم رفضوا دعوة عبد الله المهدي لإمامته ، وحافظوا على عقيدتهم الأصلية ، وأعادوا تأكيدها بعودة محمد بن إسماعيل بصفته المهدي.

يعتقد الإسماعيلية حاليا بأن الأرض لا تخلو من إمام ظاهر مكشوف أو خائف مستور ، فإن كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً ، وإن كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته (نائبه بمسمى الداعي) ظاهرا .. من هنا نرى أن الحركة الإسماعيلية تاريخيا قد مرت بعدة أدوار:
•    دور الستر: من موت إسماعيل عام 143هـ إلى ظهور عبد الله المهدي عام 296 هـ.
•    دور الظهور: بدأ بعد تأسيسهم أول دولة بقيادة عبد الله المهدي ، واختلفت الفرق بعد ذلك ، فالفرقة النزارية القاسمية لازالت في دور الظهور حتى الآن.
•    دور الستر: عاد من جديد عند الفرقة المستعلية بعد وفاة الطيب بن الآمر بأحكام الله عام 525 هـ ، ويعتقدون أن الأئمة المستورين من نسله إلى الآن ، ولكن لا يعرف عنهم شيئا ، حتى أن أسماءهم غير معروفة ، والداعي المطلق (المفترض نائبه وحجته) لا يعرفهم.
 
    هوية المهدي المنتظر عند أتباع المذهب الإسماعيلي حالياً:
توفقنا في فترة سابقة من إجراء حوار   ونقاش مع افراد من فرقتين مختلفتين من أتباع الطائفة الإسماعيلية (المستعلية السليمانية ، النزارية القاسمية) ، وكان محور الحديث يدور حول هوية المهدي المنتظر لنستشف من خلاله ملامح تطور النظرية الفكرية المهدوية عند الإسماعيلية حاليا ، وإلى أي ضفة وصلت الفكرة وماهي أبرز خطوطها العريضة .. ولا أخفي سراً إن قلت: أنني بذلت جهداً غير يسير لأحصل على هذه المعلومات لصعوبة انفتاحهم لمن هم خارج طائفتهم وخارج الدائرة المغلقة الخاصة بهم ، وتم ذلك بعد إقناعهم بأفضلية أن يتم معرفة الرأي من قبل معتنقي المذهب وليس من قبل مخالفيهم ، وخاصة أنني من أتباع المذهب الشيعي (الاثنا عشري) ، ويعتبر المهدي المنتظر (ع)  إمام زمانهم وإمام العصر الغائب ، ونود أن نتعرف على هوية المهدي المنتظر من وجهة نظر مختلفة ومن خلال التصور والمعتقد الإسماعيلي .. لذا لم أستطع التوسع أكثر في الحوار أو التعمق في النظرية أكثر، حيث أن صعوبة إيجاد المعلومة حول عقائد الإسماعيلية تكمن في صعوبة الحديث المنفتح معهم حول عقائدهم خاصة مع شخص من غير أبناء طائفتهم ، بالإضافة إلى قلة المصادر المتوفرة في المكتبات و الشبكة العنكبوتية .. والمعلومات التي حصلنا عليها توضح لنا أبرز ملامح هوية المهدي عند الفرق الإسماعيلية حالياً:

     هوية المهدي عند الفرقة الإسماعيلية المستعلية السليمانية:
وكان هذا الحوار الخاص مع أحد رجال الدين (من مدينة نجران السعودية) من أتباع هذه الفرقة:
•    س: هل ينتظر أبناء المذهب الإسماعيلي خروج المهدي آخر الزمان ؟
•    ج: إن الإسماعيلية السليمانية وباقي الفرق الإسماعيلية تؤمن بأن الإمامة لا يحدها عدد ولا رقم إنما مشيئة الله ، وهم يؤمنون كذلك أن الإمامة لا تنقطع عن هذه الدنيا ولم تنقطع منذ أن خلق الله الأرض إلى أن يرثها ، ويتم توارثها ولداً عن والد بأمر الله سبحانه وتعالى واختياره وتدبيره ، ولكن يكون هؤلاء الأئمة إما مغمورين مستورين بسبب تغلب الأضداد وأهل الكبر والعناد وأهل الفساد ، أو ظاهرين لإعلاء كلمة الله عندما يأمر الله ويكون لهم الغلبه ، مثلما حدث وقت ظهور الإمام المهدي بالله عبد الله بن الحسين من المغرب وقيام الدولة الفاطمية  .. والإسماعيلية يؤمنون أن القائم سيقوم بإذن الله متى ما شاء الله ، وينتظرون قيامه بفارغ الصبر ، ولكن لا يؤمنون أنه ولد قبل مئات السنين وأنه لا زال حياً منذ ذلك الحين إلى قيام الساعة ، إنما يؤمنون أنه سيولد من نسل إمام مستور وانه سيقوم ويقيم العدل ويعلي كلمة الله ويحي شريعة محمد بن  عبد الله صلى الله عليه وعلى آله ، ونؤمن أنه من نسل الحسين بن علي عليهم السلام.

•    س: من هو المهدي  (ع) وما هو نسبه ؟ وما اسم أبيه وجده ؟
•    ج: لا أعلم من هو فقد يكون ولد في الوقت الراهن ، وقد يكون لازال في ظهر أبيه ، وقد يكون هو الإمام الحالي المستور ، او قد يكون الإمام الحالي المستور هو أبوه او جده ، فلا أعلم هل الإمام الحالي المستور سوف يكون على يديه وقت الكشف والظهور أم لا ، فالله ومن شاء يعلمون ، ولكني أعلم أنه من نسل الحسين بن علي عليهم السلام.

•    س: هل الفرق الإسماعيلية الأخرى تنتظر نفس الشخص (المهدي) أي تتفق عليه ؟ أم هناك اختلاف بينهم؟
•    ج: أعتقد أن جميع الشيعة ينتظرون قيام الإمام القائم عليه السلام وليس فقط الإسماعيلية ، ولكن الاختلاف الواضح بين الشيعة والإسماعيلية هو في هوية آباء هذا  الإمام ، فالاثنا عشرية يؤمنون أنه من نسل موسى الكاظم والإسماعيلية يؤمنون أنه من نسل إسماعيل ، والإسماعيلية النزارية يؤمنون أنه من نسل نزار والإسماعيلية المستعلية يؤمنون انه سيكون من نسل المستعلي ... الخ ، وهكذا فإن الاختلاف في هوية الإمام القائم يكون اختلافاً في نسبه ومن يكون آباؤه ومن أي نسلٍ ينحدر.

•       س: هل هناك علامات للظهور ذكرت عن طريق أهل البيت عليهم السلام تحدد لنا زمن خروج المهدي ؟
•    ج: يوجد لدينا بعض الكتب توضح بعض العلامات ولكن ليست متوفرة لدي الآن ، أما المشهور بين الشيعة من ظهور الشمس من المغرب فقد ظهرت بالنسبة لنا الشمس (الدولة الفاطمية من المغرب) ، فنحن نؤمن أن كوكب الشمس لن يظهر من المغرب   أبدا ، بل سيكون المشرق ظهوره والمغرب غروبه من قبل والآن ومن بعد ، وكان قصد الرسول صلى الله عليه وعلى آله ظهور الحق بقوله الشمس فشبه الحق بالشمس (هذا مثال بسيط) .. وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اسمه على اسمي فكان المهدي بالله عبد الله بن الحسين اسمه عبد الله والرسول أحد أسمائه عبد الله قال تعالى :{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدا}ً  .

•        س: هل هناك كتاب أو كراس تنصحوننا بقراءته لنتعرف على المهدي (ع)  حسب معتقد المذهب الاسماعيلي؟
•    ج: حتى لو نصحناك وذكرنا لك اسم الكتاب فلن تجده لأن أغلب كتبنا مخطوطة والمطبوع قليل منها ، ولكن لو استطعت أن تحصل على كتاب (الفترات والقرانات)   وهو كتاب إسماعيلي فقد تجد ما تبحث عنه.

•    س: هل هناك إمام مستور حاليا ننتظر خروجه أو ظهوره ؟ ومن هو؟
•    ج: يؤمن الإسماعيلية كما ذكرت سابقا أن الأرض لا يمكن أبدا أن تخلو من إمام إما ظاهر مشهور أو مستور مغمور ، ونؤمن أن هناك الآن إمام ولكن لا نعلم نحن العامة هل هو الإمام القائم أم لا ، وهل زمنه زمن ظهور أم لا فهذه أكبر من معرفتنا نحن العامة من أبناء المذهب الإسماعيلي . ولا نعلم هويته فآخر إمام ظهر لنا اسمه هو: الإمام أحمد بن محمد بن هاشم بن نزار بن معد بن الحسين بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن الطيب " أبي القاسم " بن الآمر بأحكام الله أبو علي المنصور بن المستعلي بالله أبو القاسم احمد بن المستنصر بالله معد أبي تميم بن الظاهر لإعزاز دين الله علي بن الحسن بن الحاكم بأمر الله المنصور أبى علي بن العزيز بالله نزار أبو منصور بن المعز لدين الله معد أبو تميم بن المنصور بالله أبو الطاهر إسماعيل بن القائم بأمر الله أبو القاسم محمد بن المهدي بالله عبد الله بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين أبو عبد الله بن حيدرة الكرار علي بن أبي طالب.. الخ عليهم وعلى آبائهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين.

•    س: هل هناك وقت محدد لخروج المهدي تم تحديده؟ أم ان وقت خروجه سر من أسرار الله سبحانه وتعالى؟
•    ج: حسب معلوماتي والله أعلم ، فإنه لا علم لدينا ولا يوجد لدينا تاريخ محدد لخروج القائم عليه السلام ، إنما هذا سر من أسرار الله يُعلمه من يشاء من عباده ومن اصطفى وهو فضل يؤتيه من يشاء بغير حساب.

     هوية المهدي عند الفرقة الإسماعيلية النزارية القاسمية (الأغاخانية): 
وفي حوار خاص مع أحد مثقفي هذه الفرقة (من مدينة سلميّة السورية) جاء فيه:

•    س: هل ينتظر أبناء المذهب الإسماعيلي (وبالخصوص الفرقة النزارية) خروج المهدي آخر الزمان ؟
•    ج: لا ينتظر المسلمون الإسماعليون المهدي آخر الزمان ، فبالنسبة لنا نحن المسلمين الشيعة الإسماعيليون (الأغاخانية) نعتبر أن الإمام موجود دائم وحي في هذا الوجود منذ بداية الكون وحتى نهايته ، ونعتبر أن الإمام يجب أن يكون معلوماً ومعروفاً لدى الجماعات وغير مجهول المكان الجغرافي ،  لتتم الهداية عن طريقه مباشرة لأتباعه الأحياء ، ولذلك في نظرنا لا تخلوا الأرض من الإمام ، فهو خليفة الله على الأرض وذلك حسب قوله تعالى:{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}   في هذه الآية دلالة واضحة على أن (خلافة) خليفة الله في الأرض موجودة باستمرار لا انقطاع فيها سئل الإمام جعفر الصادق (ع)  عن قول الرسول محمد صلى الله عليه وآله : "من مات لايعرف إمام دهره حيا مات ميتة جاهلية"  فقال من لم يعرف الإمام من آل محمد أو غيرهم ؟ ثم قال من جحد الإمام مات ميتة جاهلية ، كان من آل محمد أو من غيرهم .(من كتاب دعائم الإسلام للقاضي النعمان بن حيون ص 31 جزء أول) .حول هذا الحديث : نقول إن معرفة الإمام معرفة جلية واجبة على كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة وذلك حسب قول الرسول: (إمام دهره حياً) فإن مات تُعتبر ميتته ميتة جاهلية.

مرّت في تاريخ الأئمة أدوار منها دور ستر (تم إخفاء الإمام عن أعين الأعداء خشية  القتل) ، ولكن كان هناك دعاة يعرفون مكانه ويتصلون به باستمرار وتتم إيصال المعلومات للأتباع من خلالهم ، فلم يكن غائباً عن الوجود بمعنى (الغيبة) ، مثلما حصل على زمن الإمام اسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (ع) ثم ولده الإمام محمد بن اسماعيل ثم ولده عبد الله الملقب بالوفي أحمد ثم ولده أحمد الملقب بالتقي محمد ثم ولده الحسين الملقب رضي الدين عبد الله ثم ولده عبد الله الملقب محمد المهدي التي ظهرت على يديه الدولة الفاطمية في المغرب العربي عام 296 هـ.

•    س: من هو المهدي(ع)  وما هو نسبه ؟ وما اسم أبيه وجده ؟ وما هي القابه؟
•    ج: أما ما يخص الإمام القائم: فنحن نعتبر الإمام الحي هو قائم الزمان الموجود به ، وكل إمام حي هو قائم لزمانه ، ولا يوجد عندنا إمام بمعنى المهدي المنتظر القائم في نهاية الزمان ، والذي سيأتي ليملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جورا ، ونسب الإمام في كل زمان وعصر يعود للإمام علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء ابنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذين يعودون بنسبهم إلى النبي إبراهيم من ذرية الإمام والرسول إسماعيل .. إننا نتبع الآن الإمام الحاضر الموجود الإمام كريم شاه الحسيني والذي يرجع نسبه إلى علي بن أبي طالب ابن عم نبي هذه الأمة عليه الصلاة والسلام وهو من ملة أبينا إبراهيم ، وإن كل إمام هو هادٍ ومهدي للزمن الذي هو فيه ، فالإمامة لا تنقطع ، ذرية بعضها من بعض وليس لسنن الله تبديلاً.
•    س: هل الفرق الإسماعيلية الأخرى تنتظر نفس الشخص (المهدي) أي تتفق عليه ؟ أم هناك اختلاف بينهم؟
•    ج: هذا  السؤال تجيب عليه الفرق الإسماعيلية الاخرى.

•    س: هل هناك علامات للظهور ذكرت عن طريق أهل البيت عليهم السلام تحدد لنا زمن خروج المهدي ؟ وما هي أبرز هذه العلامات ؟
•    س: هل هناك كتاب تنصحوننا بقراءته لنتعرف على المهدي (ع) حسب معتقد المذهب الإسماعيلي؟
•     س: هل هناك إمام مستور حاليا ننتظر خروجه ؟ ومن هو؟ وما الاختلاف بين الفرق الإسماعيلية في ذلك؟
•    س: هل هناك وقت محدد لخروج المهدي(ع)  تم تحديده ، أم أن وقت خروجه سر من أسرار الله سبحانه وتعالى؟
•    ج: لأننا لا ننتظر المهدي آخر الزمان ، لذلك لا نملك إجابة لما سألته أو تكلمت عنه.

    خلاصة القول:
يتضح لنا من النبذة التاريخية الموجزة ، والجذور العقائدية للإمامة عند أتباع المذهب الإسماعيلي حالياً ، ومن خلال الحوارات والنقاشات التي دارت بخصوص هوية المهدي المنتظر ما يلي : إن فكرة المهدي المنتظر عند أتباع المذهب الإسماعيلي (حاليا) هي عبارة عن توليفة تاريخية فلسفية ترتبط من جهة بالإمامة وبالواقع التاريخي لتسلسلها عندهم ، ومن جهة أخرى ترتبط بالوثائق التاريخية والأدلة المعتمدة عندهم .. فنظرتهم للمهدي المنتظر (حاليا) تعتمد على ما انتهى إليه مفهومهم للإمامة وتطوره التاريخي ، وإن كان يخالف الدليل الإسلامي والروايات الشريفة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم  وأهل البيت عليهم السلام ، ففكرة المهدي عندهم عبارة عن تقليد عشوائي ، وعقيدة مبهمة غير مبنية على أدلة وأصول راسخة عميقة ، فنظرية المهدي عندهم مهددة بالسقوط والانتزاع ومتغيرة بالمؤثرات والتيارات الخارجية (كالتسلسل التاريخي للأئمة عندهم) ، وهوية المهدي في نظرهم سحابة تحركها الرياح الشرقية والغربية  ، وكعقيدة هي بناء سقط أو كاد أن يسقط (وبالفعل سقطت عند الفرقة النزارية القاسمية الأغاخانية) حيث لم يفهموا العقيدة المهدوية حق فهمها .. بخلاف عقيدة الشيعة الاثنا عشرية القائمة على الأدلة المنطقية والبراهين العقلية والنقلية من الكتاب والسنة المحمدية ، حيث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم  وأهل بيته عليهم السلام بينوا لنا  أسم القائم المهدي وأسماء آبائه .. وعليه ووفقاً لتلك النصوص والمصادر الشرعية  والأدلة الإسلامية  وبعيداً عن تأثير المتغيرات الخارجية ،  كُتب الخلود والبقاء للعقيدة المهدوية لدى الإمامية ما بقي الدهر.

إننا نعتقد أن الحركة الإسماعيلية كانت حركة ذات أهداف سياسية سليمة منذ البدء ، ثم انحرفت تاريخياً عن خطها الصحيح بعد أن وقعت في تناقض موت إسماعيل قبل أبيه الإمام الصادق (ع) ، وبناءً على ذلك انحرفت وتشوشت نظرية المهدي المنتظر آخر الزمان وقبل ذلك إنحرآف تسلسل الإمامة بشكلها الأوسع ، فضاعت لديهم ابرز ملامح العقيدة المهدوية وخطوطها العريضة التي وضحها أهل البيت عليهم السلام .

إن هوية المهدي المنتظر عند جميع الفرق الإسماعيلية غير واضحة المعالم (الآن) ، فقد كانوا في السابق يعتقدون بمهدوية محمد بن إسماعيل والذي تؤكده مصادر إسماعيلية قليلة  تخص فترة ما قبل المرحلة الفاطمية .. أما حاليا فبعض الفرق تعتقد بأن الإمام الحالي (الفرقة الأغاخانية) هو إمام هادي ومهدي للزمن الذي هو فيه ، ولذا فهم لا ينتظرون المهدي آخر الزمان.  أما بعض الفرق الأخرى (المستعلية) فيؤمنون بأن المهدي الموعود سيولد في المستقبل من نسل إمام مستور ، ولكن لا يعرفون اسمه أو اسم أبيه (الإمام مستور)  وبالتالي تظل هوية المهدي مبهمة عندهم. 

نتعجب عندما يذكرون حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" ، ودائما مايستشهدون بهذا الحديث عند ردهم على أهل العامة بخصوص الإمام بعد فترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأحقية الإمام علي(ع)  بالخلافة ، ولكن لو سُئلوا عن إمام زمانهم في الوقت الحالي لتفادي موته الجاهلية !! لحاروا في الجواب ولتلعثم اللسان .. ولذا لا نستغرب أن يدعي عبد الله المهدي  (المهدوية) ، وكذلك يدعي القرمطي أبو سعيد الجانبي (المهدوية) ، و كذلك لا يعترينا الاستغراب عندما يدعي شخص عادي (خريج جامعة أمريكية) أنه إمام الزمان ويضع نفسه في مصاف الإمام الباقر والإمام الصادق (ع)  وهذا هو الواقع الحالي للفرقة النزارية الأغاخانية.

الحمد لله أننا كشيعة إثني عشرية نعرف وننتظر إمام زماننا  المهدي المنتظر الحجة بن الحسن العسكري (ع) المولود في (15 شعبان 255 هـ ) ، ونعرف اسمه وأسماء آبائه الكرام ، ونعرف مواصفاته الجسدية والخلقية وإمكانياته المعنوية والروحية ومكانته الرفيعة عند الله فهو طاووس أهل الجنة حسب الروايات الخاصة لأهل البيت (ع) ، ونعرف علامات ظهوره وعلامات تعيين شخصه ، وفوق ذلك نعرف أدق تفاصيل القضية المهدوية من ولادة وغيبة وظهور كما وضحها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، وقبل كل هذا يؤكد الإثنا عشرية في خطابهم وممارستهم العبادية والحياتية أن الأمر ما هو إلا وعد إلهي للمؤمنين كما ذكر في القرآن الكريم ، وبذلك ننفرد عن باقي الفرق الإسلامية في تحديد شخصية وهوية الإمام المهدي المنتظر (ع) في الوقت الذي تعتقد بقية الفرق الاسلامية انه لم يولد بعد ، فعجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=114811
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29