• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نقطة إلإنطلاق ( الجزء الأول ) .
                          • الكاتب : عامر ناصر .

نقطة إلإنطلاق ( الجزء الأول )

اللهم صل على محمد وآل محمد

لا يوجد شيء ليس له نقطة إنطلاق صحيحة ، سواء كان الموضوع علمي أو إجتماعي أو ديني أو أي شيء آخر.

ماهو تعريف نقطة ألإنطلاق ؟ 

نقطة ألإنطلاق هي النقطة التي إذا بدأت منها أوصلتك الى هدفك بشكل صحيح ، وليست هي نقطة عشوائية أو حسب أهواء المشاركين ، بل هي نقطة معلومة مدروسة .
أما إذا إختلفت نقاط ألإنطلاق فسيكون هناك إرتباك وفوضى ونتائج مختلفة لا تؤدي الى هدف مشترك .
ما يهمنا في هذا البحث هو الجانب الديني ، قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)النحل 
إذاً نقطة ألإنطلاق الصحيحة هي عبادة الله سبحانه إذ إنطلق منها جميع الرسل عليهم السلام ، وحذروا من السير وراء الطواغيت طواغيت الجن والإنس وألأهواء المؤدية الى الضلال والضياع . 
كما قلنا إن ألإنطلاق من النقطة الصحيحة سيؤدي الى الهدف وسيكون المسار صحيحاً واضحاً متسلسلاً تسلسلاً رياضياً ، بينما إذا كانت نقطة ألإنطلاق غير صحيحة سوف لن يكون هناك مسار صحيح وستكون النتائج مختلفة لا تؤدي الى هدف بل الى ضياع . 
في الحوارات الجارية بين السنة والشيعة وخصوصاً على الفيس بوك نرى الجميع يخوضون في مواضيعهم مبتدئين من نقاط مختلفة مندفعين من ردات أفعال يثيرها المقابل سواء بجهل أو بتعمد لإثارة الشبهات وبعثرة جهد المقابل لئلا يصل الى الحقيقة ، فتراهم يضيعون في متاهات العصبية من أجل الدفاع عن معتقداتهم المبنية أساساً على نقاط إنطلاق مختلفة فأنى لهم التوافق ؟ 
فعندما ينطلق المحاور الشيعي من ألإمامة مثلاً نرى المحاور السني ينطلق من موضوع الصحابة وأُمهات المؤمنين فيحدث التصادم غالباً ؟؟؟!!! 
ولو أنهم بدأوا من النقطة الصحيحة لتوصلوا على أقل التقادير الى مشتركات تقربهم الى بعضهم البعض . 
إذاً كيف نبدأ ؟

قضية ألإمامة وقضية الصحابة لا ولن تُفهم إذا أُخذت كل واحدة منها على حدة . قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (أَوَّلُ اَلدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ) فنقطة ألإنطلاق إذاً هي معرفة الله سبحانه حق معرفته ، لإن عدم المعرفة الحقة سوف تؤدي الى الخلل في كل المنظومة الدينية إعتباراً من النبوة الى ألإمامة الى المعاد ولن يبقى شيء على حقيقته ، إستغرب البعض من أهل السنة الذين كنت أُحاورهم في مواضيع مختلفة عندما يسألون أسئلة عن الصحابة أو أُمهات المؤمنين أو العصمة وألإمامة فأجيبهم أن الموضوع بحاجة الى معرفة التوحيد ، يستغربون !!! ما علاقة التوحيد مثلاً بعدالة جميع الصحابة ؟ أو عدم مناقشة حياة أُمهات المؤمنين ؟؟؟!!! ، وحقيقة ألأمر أن كل شيء في الوجود مرتكز على التوحيد ، ولدى الشيعة حديث عن ألإمام الصادق عليه السلام (" اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ظللت عن ديني " ) أُنظر الى التسلسل في المعرفة التي تبدأ من نقطة ألإنطلاق الصحيحة وهي التوحيد ثم النبوة فالنبي ثم ألإمامة فألإمام ....... إلخ ، 
فمعرفة الله سبحانه حق معرفته من التوحيد الذاتي فالصفاتي فالأفعالي ، سيتمكن الدارس من معرفة الخطوة اللاحقة وهي النبوة وهكذا ، إذاً التوحيد هو البداية ، فإن بدأ المحاور من ألإمامة أو الصحابة وأُمهات المؤمنين فلن يصل الى الحقيقة وسيظل يدور في حلقة مفرغة تبعثر جهده ، هذا فيما إذا كان جاداً في طرحه للموضوع أما إن كان غاشاً وهادفاً للتشويش فالنتيجة معروفة مسبقاً . 
من جملة ألأشياء التي يطرحها ألأخوة السنة :
1- كيف أن في صحابة النبي ص منافقون ولماذا رضي الله لنبيه هؤلاء ؟
2- كيف قبل الله سبحانه أن يُدفن ابو بكر وعمر جنب النبي ص إذا كان الله غير راضٍ عنهما ؟ 
3- هل يعلم النبي ص وأئمة أهل البيت ع الغيب ؟
4- لماذا يلقي المعصوم نفسه في التهلكة وهو يعلم ؟
5- لماذا لم يدافع ألإمام علي ع عن حقه بالخلافة ؟
6- لماذا لم يدافع ألإمام علي ع عن زوجته في دارهما عند إقتحامه ؟
7- لماذا لماذا لماذا ..................... ألخ ؟ 
كل هذه المواضيع وألإشكالات إذا أُخذت لوحدها مجردة ستؤدي الى متاهات غير مقنعة بسبب تعدد نقاط ألإنطلاق ، فالذي ينطلق من عدالة الصحابة أجمعين لا يلتقي مع من ينطلق من منظور العصمة للنبي ص وألإئمة ع ، وتبدأ عند ذلك التعصبات وألأهواء في لعب دورها في التباعد وتوسيع فجوة الخلاف ولكن بمجرد الجلوس حول مائدة التوحيد الحقيقي وفهمه جيداً من شأنه أن يزيح الستار عن كل المبهمات المباعدة وتقريب وجهات النظر والسير في الطريق الصحيح الذي بدأ من نقطة ألإنطلاق الصحيحة . والله سبحانه ولي التوفيق . 
كما أسلفنا في المبحث ألأول من موضوع ( نقطة ألإنطلاق ) أن ألسنة يشكلون على الشيعة هذا ألإشكال :
1- (كيف أن في صحابة النبي ص منافقون ولماذا رضي الله لنبيه هؤلاء ؟ )

وكما قلنا أن التوحيد هو أساس ومرتكز كل المنظومة الدينية عند الموحدين ، فالتوحيد يقوم مقام ألأُم للمنظومة كلها ، فهو كألآيات المحكمات في القرآن المجيد تُعاد إليه كل الآيات غير المحكمات ، حقيقة كنت دائماً أشعر بالإحراج من أسئلة ألأخوة السنة ؟؟؟!!! في كيفية ألإجابة عليها ، فكل سؤال يحتاج الى مقدمة بل مقدمات !!! بينما ألأُخوة لا يملكون من هذه ألمقدمات شيئاً !!! كمثل الشخص ألأُمّي الذي سمع كلمة وندوز أو إندرول أو ألإكسل وطلب منك أن تشرحها له !!! من أين تبدأ معه ؟ هذه المشكلة ألأولى ، والمشكلة الثانية أنهم لا يحبون القراءة وألإطلاع على ما عند الغير ، بل هم يسلكون مسلك ألحَكم والخصم في نفس الوقت ؟؟؟!!! فأي جواب كان لا يثير عندهم أي إنتباه ولا يعيرون له أي قيمة ، وكل ما يريدونه هو ألإجابة ب كلا ونعم ؟؟؟!!! وهذه الطامة الكبرى ، إنهم لا يدرون أن العقائد تحتاج الى الشرح والتفصيل وتقديم ألأدلة ، وأنت إن قمت بذلك بدأ التهريج عليك بأنك تنسخ من كذا وكذا ؟؟؟!!! ولا أدري كيف يتم تقديم الدليل حديثاً كان أو آية إلا بالإستنساخ ؟ وكما قلنا هم لا يريدون إلا كلمة كلا ونعم ، ولا أدري لماذا قدم الله سبحانه أكثر من 6000 آية في كتابه المجيد لأجل إقناع الناس بربوبيته وأُلوهيته وأنبيائه ورسله ؟ ولماذا لم يختزل ألأمر بكلمة أو إثنتين ؟ حيث قال سبحانه (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)فصلت .
لنعد الى ألإشكال ، إن التسائل عن وجود منافقين في صحابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، هذا تساؤل غير صحيح ؟! وذلك بأن القرآن المجيد يصرح بأكثر من ستين آية عن المنافقين ، وإذا أخذنا بنظر الإعتبار التعريف السني للصحبة فجميع من أسلم أو الغالبية العظمى من المسلمين في زمن النبي ص هم صحابة ، وحسب تقادير المؤرخين والمفسرين السنة فإن أكثر من ثلث المسلمين كانوا منافقين ، فالتساؤل هذا يعتبر في غاية الجهل ؟؟؟!!! فالآيات صريحة بوجود المنافقين وألأحاديث متواترة أيضاً ، 
بقي الشطر الثاني من التساؤل وهو كيف رضي الله سبحانه لنبيه ص بوجود منافقين في أصحابه ؟ وهذا التساؤل أيضاً في غاية الجهل ؟! لنعد الى التوحيد لحل هذا ألإشكال ، أولاً أن الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه أي ليُطيعوه وهذا الموضوع يعيدنا الى قضية كون الله سبحانه لا يظلم أحداً (وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)الحج ، وهذه ألآية تكررت 4مرات في الكتاب العزيز ، ثانياً يذكرنا فعل الله سبحانه بأن الدنيا قد خُلقت للبلاء والفتنة وألإمتحان (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)الذاريات ، وقوله سبحانه (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)العنكبوت ، ثالثاً يذكرنا هذا الموقف بأن هناك معاداً ، وإلا كان الأمر عبثاً حاشا لله ، (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)العنكبوت ، أي ليظهر ألإيمان من القوة الى الفعل (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)الاحزاب .
من كل ما تقدم نعلم علم اليقين أن الله سبحانه لو أراد أن يجعل الناس أمة واحدة على ألإيمان لفعل (أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا... )الرعد31 ، (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)القصص
إذاً الله سبحانه أوجد سُنة هي سُنة حرية ألإختيار وعدم الجبر (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)الانسان ، إذاً ألله سبحانه جعل هذه السُنة إمتحاناً لنبيه ص وللمسلمين الذين معه ليرى مدى صبر النبي ص على أذى المنافقين الذين حوله (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)الاحقاف ، (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ(8)ابراهيم
فوجود المنافقين شيء مفروغ منه وهو إمتحان للنبي ص وللمسلمين وللمنافقين أيضاً ، لذلك يظهر مما تقدم أن ألإشكال قد وضعته جهة ليست بساذجة ولكن السذج من الناس تداولوه بكل جهل ، لقد وُضع هذا ألإشكال للتشويش والتغطية على المنافقين لئلا يُعرفوا فتم إختراع عدالة وعصمة جميع الصحابة أجمعين اكتعين أبتعين أبصعين( أيسر التفاسير للجزائري ) ؟؟؟!!! وإنا لله وإنا إليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين . 

ويتبعه الجزء الثاني




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=114048
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29