• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وقفة مع أم المؤمنين عائشة القسم الثاني .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

وقفة مع أم المؤمنين عائشة القسم الثاني

 من حق سائل ان يسأل وهو سؤال اصبح تقليديا بحكم الاعادة والتكرار : هل نفدت المواضيع جميعا وبقي موضوع ام المؤمنين فقط لتحل به جميع المشكلات العالقة ؟ ولاننا امة متطيفة عموما فان فئة ستنبري لتبني هذا السؤال ، فيما تنبري فئة اخرى للوقوف ضده . وكلا الرأين لا ينطلق من رؤية موضوعية بل من ارث التاريخ وسطوة المقدس التي تناولناها في القسم الاول. وقلة قليلة هم من يرون ان احدا - مهما كان خطره - لا يجب ان يكون بعيدا عن محكمة التاريخ ، خاصة اولئك النفر الذين اثروا في مسار هذا التاريخ فكان لهم انصار ومناوئون يزداد ويقل عددهم حسب تاثير الشخصية في سير الاحداث. ومن كأم المؤمنين السيدة عائشة افترقت عليها الامة ؟ اذن فأمُّنا مازالت مؤثرة في تفاصيل حياتنا وصناعة تاريخنا المعاصر . وكدليل بسيط على هذا التاثير خذ مثلا اسم عائشة فانك لا ترى له اثرا في تسمية المواليد داخل المدن الشيعية على الاطلاق وبالمقابل وفي الجانب الاخر، فان غالبية من اطلق عليهن هذا الاسم كان تيمنا بام المؤمنين واحياء لذكراها . فهي زوج الرسول وبالنتيجة ام المؤمنين وقد عمرت طويلا نسبيا ، وكانت طوال عمرها المديد مؤثرة في التاريخ الاسلامي خاصة في عهود الخلفاء الاربعة رحمهم الله جميعا . فضلا عن ذلك فان السيدة عائشة تعد من رواة الحديث الموثقين لدى العديد من المؤرخين حتى قيل ان "نصف الدين مأخوذ من الحميراء"، ولعل قربها اللصيق للرسول الكريم منحها الكثير من هذه الثقة . في هذا القسم وهو الثاني ساتناول - ومن مصادر من عامة 
المسلمين - جوانب من تعامل السيدة عائشة مع زوجها الرسول "ص" وهو شخص حتى لو نزعنا عنه كرامة النبوة ، فانه واحد من افذاذ التاريخ الانساني الذي دانت لحكمته وحنكته وتدبيره البشرية ولا اظن احدا يماري  في ذلك، الا اللهم من رانت على صدره  الاغراض والامراض نعوذ بالله منها. بدءا استطيع ان اتفهم مدى حدة الغيرة عند النساء ولا اظنها تخفى على ذي لب وقد تقود هذه الغيرة احيانا الى دسيسة او مؤامرة . لكن ان يكون المستهدف من هذه الدسيسة او المؤامرة شخص الرسول الكريم فهذا ما لا يمكن تصوره . ودونك حديث مؤامرة العسل الذي ينقل عن قول السيدة عائشة مباشرة مع اختلاف طفيف حول من سقى الرسول العسل . الرواية لا اظنها خافية على متتبع لذا لا اريد الخوض فيها تجنبا للاطالة ومن ارادها بالتفصيل فحسبه اي ماكنة بحث على الشبكة العنكبوتية ليكتشف ان الغيرة بلغت حدا ان يتهم رسول الله بالنتانة وكراهة الريح وحاشاه ذلك. اقول من حق المراة ان تشعر بالغيرة خاصة على رجل مثل محمد ، لكن كيف للمؤرخين ان يأخذوا بمئات الاحاديث منها بعد وفاة الرسول وهي التي لم تتورع عن التدبير له في حياته مؤلبة في تنفيذ الخطة اكثر من زوج من ازواج الرسول ؟ وما نزول الاية القرآنية " " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" الا دليل دامغ على عظم تداعيات هذا الحدث . وخذ مثلا خلفيات نزول الاية الكريمة " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا " فان فيها من تفاصيل اغضاب الرسول ما لا يسعه عقل . انا هنا اتحدث عن غضب رجل مجبول من دم ولحم كسائر البشر وبلغ من الحلم والصبر حدا انه كان يعود من آذوه في بيوتهم ان اصابهم مرض فتأخروا عن ممارسة الاذى، فما الذي اوصله الى حد يترك فيه نساءه لاكثر من اربعة اسابيع متواصلة غضبا، فيما ترى روايات اخرى انه اوشك على تطليقهن واستبدالهن بمسلمات قانتات . وتتطرق الرواية ايضا لتدخل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ودخوله على الرسول الغاضب للتاكد من صحة الامر لان ابنته كانت توشك ان تكون واحدة من اولئك . وتفاصيل الرواية تطرقت لها كتب العامة اكثر من الخاصة مع اختلافات بسيطة في الاسماء والكلام المنقول ،لا تؤثر على مجرى الاحداث . لو اردت ان اطلق العنان للاشارة الى جميع الموارد التي تسببت فيها السيدة عائشة الضيق للرسول لخرجت بسفر عظيم ، وهذا يُخرج الموضوع من حجم المقال لكني ساكتفي بالاشارة الى موردين واترك للقارىء الفطن البحث في سائر الامور فهي كما متوفرة لي متوفرة له ايضا . الاولى ان السيدة عائشة ينقل عنها الشعور بالضيق الشديد كلما ذكر محمد "ص" السيدة خديجة "عليها السلام" بخير وفي احدى المرات لم تطق صبرا فقالت : كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة . فرد عليها قائلا: انها كانت وكان لي منها ولد . وفي رواية مماثلة ، منقولة عن عاشة ان : " رسول الله كان لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت : هل كانت إلا عجوزا، قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني النساء " . وفي هكذا ابتلاءات تجد ثمة من ينبري لتبرير اغضاب الرسول الكريم بشتى الطرق وهو اغضاب لله عزوجل كما هو متفق عليه . فمن قائل انها كانت صغيرة السن وآخر يقول : ان مثل هذا يحدث في جميع العوائل وليست لعائلة محمد ميزة على الاخرين" . واخيرا وبلا مقدمات ، اتركك عزيزي القارىء مع هذه الرواية لتحكم انت بنفسك : خرجت عائشة مع رسول الله في حجة الوداع، وخرج معه نساؤه، قالت: وكان متاعي فيه خف، وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية بنت حيي فيه ثقل، وكان على جمل بطئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب. قالت عائشة : فلما رأيت ذلك، قلت : يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله، قالت: فقال صلى الله عليه وسلم : يا أم عبد الله، إن متاعك كان في خف، وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب، فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها، قالت: فقلت: أليس تزعم أنك رسول الله؟ قالت: فتبسم وقال: أو في شك أنت يا أم عبد الله؟، قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ فهلا عدلت، فسمعني أبو بكر وكان فيه عرب أي حدة فأقبل علي ولطم وجهي. فقال صلى الله عليه وسلم : مهلا يا أبا بكر، فقال : يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الغيران لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه ... سيدي القارىء ، لم اعتمد على اي مصدر شيعي في الروايات اعلاه ، وقد تجاوزت ذكر المصادر تجنبا للاطالة المملة . هذا نزر قليل مما توصلت اليه واظن ان فيه جانبا كبيرا من الصدقية فان ظهر لي عكس ذلك فلن اتباطأ في الاقرار ان شاء الله . في القسم الثالث والاخير ساسلط حزمة من ضوء على سيرة ام المؤمنين عائشة في زمن الخلافة والله الهادي  الى سبيل الرشاد



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11373
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28