• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وقفة مع أم المؤمنين عائشة القسم الاول .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

وقفة مع أم المؤمنين عائشة القسم الاول

قبل الدخول في صلب الموضوع اود التاكيد على جملة من الامور من بينها ان يعلم قارىء هذه السطور باني ما الفتنة اردت ولا تاليب المواجع قصدت ، غاية همي ان ازيح الغشاوة عن العيون ليسفر الصبح لذي عينين ويبين الحق لطلابه وان قلوا، واعني بذلك من يريد فعلا الوصول الى الحقيقة ، الحقيقة وحدها بعيدا عن التقديس والنظرة الطهرانية المسبقة للاشخاص والاشياء. ايضا ولكي لا يشرّق فريق ويغرّب آخر، فاني ممن يؤمن بان العصمة لله الواحد الاحد فحسب ، وانفي ميزة العصمة عن اي مخلوق جُبِلَ من دم ولحم ، نبيا كان ام انسانا عاميا ، لسبب بسيط ان العصمة - بمعناها السائد - ستنفي استحقاق الثواب عن المعصومين. غاية ما اؤمن به ان الله عزوجل خلق الانسان حرا وهداه النجدين . واعطاه الحرية المطلقة في الفعل - بما فيه القتل - وحصره بين موعد للولادة وآخر للمنية لا يملك ادنى ارادة في تغييرهما تقديما او تاخيرا مهما اجتهد في ذلك . لكنني اؤمن ايضا ان عبادا لله اولياء بحق موجودون في كل زمان ومكان ترفعوا عن الصغائر بَلـْهَ الكبائر بدرجات ومقامات متفاوتة ،لا لحصانة الهية هبطت عليهم من السماء انما وجدوا في الصغائر والكبائر قبحا عقليا فاجتنبوها متدرعين بما اوتوا من مكارم الاخلاق وحصانة النفس .ويقف في مقدم هؤلاء - في نظري المتواضع طبعا - الرسول الكريم محمد وتلميذه البار الامام علي عليهما السلام . واحمد الله انني توصلت الى هذه القناعة بنفسي من خلال قراءات متنوعة ومتواصلة لم تحصر في جانب فكري محدد . وكان الملهم الاول في التوصل الى هذه النتيجة هو القران الكريم كلام الله الخالد الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. اقول عندما تحررت منذ بضع سنوات من كابوس التقديس الذي انحدر- مع شديد الاسف - الى نماذج بشرية لا تستحق حتى الحياة الكريمة، لكن وجود عمامة على الراس او عباءة خز على الكتفين او مداس اصفر في الرجل ، يعطيها صك امان دائم وهالة من القداسة حجبت عن ورعين اتقياء ذنبهم انهم لا يرتدون لباس التقديس ولا ينحدرون من أسر ينطبق عليهم قول الشاعر "نعم الجدود ولكن بئس من خلفوا" ، عندما تحررت من كابوس التقديس هذا ، شعرت بمساحة اوسع في التفكيرالحر ومندوحة لمناقشة الامور التي مازال الكثير منها غامضا عليّ حتى الان ، رغم اني فتحت عينيّ على مجلس من عمائم ملونة بعضها كان من حقها ان تحمد الله على وجودك قريبا منها والبعض الاخر ينطبق عليها قول شوقي "تعوذ بها من الارض السماءُ" . اتذكر ان اول قنبلة فجّرتُها - لعل الكثيرين يعتبرونها شيئا تافها - قبل عدة سنوات كانت عندما سالت واحدا من ارحامي وهو استاذ بحث خارج منذ اكثر من ربع قرن عن بدعة اضافة عبارة اشهد ان عليا ولي الله للاذان والاقامة عند الشيعة . حينها كنت في مدينة النجف ومن حسن حظي انني كنت مستفردا بذلك الشيخ الجليل الذي طلب مني ان اخفض من صوتي لان مجلسه يمتلىء ويفرغ بالطلاب والمريدين بلحظات ناصحا بان هكذا مجلس ليس بالمكان المناسب لهكذا سؤال هامسا في اذني بان كلمة بدعة كبيرة جدا على هذا الموضوع. واقر بانه كان رؤوفا بي جدا في اجابته المختصرة التي زادتني شكا على شكي . وطلب الي - مشكورا - ان اكتفي بالبحث عن الاجابة من خلال المطالعة والمتابعة وتجنب اثارة السؤال شفاهيا تحاشيا للفتنة وتصيد الوهابية  المتربصة لنا في كل مكان !!!!وخرجت من مجلسه بخفي حنين وغنيمة الاياب. واقسم انني التزمت بنصيحته حتى وانا مغادر العراق، فانعم الله عليني بنعمة الانترنت وتوصلت الى اشياء كثيرة "ولكن غابت عني اشياء " . في كل سنوات البحث والتنقيب والنقاش مع الخلص من الاصدقاء كنت انطلق من مقولة اعتبرُها الاروعَ مما طرق اذني من بدائع الحِكَم واظنها لسيد الفصاحة الرسول الكريم وهي " المغبون من تساوى يوماه" او ما يشبه ذلك. وهذه الحكمة عندي لا تفنى عجائبها ابدا ،وهي متجددة في كل يوم، ليست لانها لسيد الخلائق اجمعين فالذي اوحي اليه القرآن ليس ببعيد عنه ان يتحفنا بمثل هذه الحكمة الغراء ، بل لانها تحفز طالب العلم والحقيقة الى المزيد وتحثه على عدم الاقتناع بما لديه خاصة المتوارث. فلله در قائلها . عودا على بدء اقول انما "احاول شرخا" في فكر كل من يؤمن حقا بان المغبون من تساوى يوماه . اما مَن يرى في صحيح الامام البخاري او بحار الامام المجلسي او اضرابهما من المؤلفات نصوصا مقدسة او انها تحظى بادنى قدسية ، فان مقالي هذا لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد . ذكرت الامامين الجليلين البخاري والمجلسي كنموذجين للتقديس وليس للحصر. فالاول يعد الكثير من ابناء العامة "صحيحه" دون كلام الخالق بدرجة، من حيث التقديس ، وان ورد فيه مالا ينسجم مع العقل فان خيال المحبين سيجّنح لاختلاق التفسيرات المتعسفة التي ما نزّل الله بها من سلطان . اما الامام المجلسي فيكفي ان مكتبة اي طالب شيعي في الحوزة العلمية وصولا الى المراجع الكبار ،تعتبر ناقصة مالم يثقل كاهل رفوفها اكثر من مئة مجلد من موسوعته الشهيرة بحار الانوار. اكرر بان ذكري هذين الامامين الجليلين وكتابيهما لا يعني انهما الوحيدان اللذان عنيت في هذا المقال ولعلهما اهون بكثير من الغث الوافر الذي يملأ رفوف المكتبات العامة والخاصة والانترنت، ولا اشك لحظة في ان الامامين طلبا الحق ما استطاعا اليه سبيلا ، وليس من طلب الحق فاخطاه كمن طلب الباطل فاصابه. فلدى اهل العامة من المؤلفات والمؤلفين ،ما يدفع المؤمن الى الخروج من الملة ، وفي الجانب الاخر فان لدى الشيعة ما ينفّرُ المؤمن حتى من دينه وليس من مذهبه فقط والشواهد على ذلك اكثر من ان تحصى وكل حزب بما لديهم فرحون. في الحلقتين القادمتين ساتناول بما اؤتيت من قدرة الاختصار جوانب من سيرة ام المؤمنين عائشة بنت ابي بكرغفر الله لهما ما تقدم من ذنبيها وما تاخر . واني اذ اطرق هذا الموضوع سأنأى بنفسي عن ما انغمس فيه آخرون عن عمد او سواه في القول البذىء والتجريح المعيب والسب المقذع والشتم الرخيص لاني اربأ بنفسي ان انحدرهذا المنحدر الاخلاقي الوبيل ، كما انني على يقين بان التعرض الشخصي للسيدة عائشة سينتهي بالتعرض لاشرف الخلق الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم. وهذا ما لا يرتضيه كل من اؤتي شيئا من الحصافة والذائقة السليمة مسلما كان او غير مسلم. وساكون ممنونا لو انبرى كائن من يكون لدحض معلومة وردت او فكرة تبنيتُها في المقال شريطة الالتزام بتقديم الدليل القاطع والبرهان المانع، وبالمهنية التامة في ممارسة الكتابة ، وحفظ حرمة القلم الذي اقسم رب العزة به ، وتجنب الخوض في المسائل الشخصية الجانبية التي جرت علينا ما جرت من الويلات ، ووعدا مني باني اتمتع بالجرأة الكافية لتبني اي راي اتوصل اليه عن  قناعة تامة وليس عن طريق التوارث البليد للافكار والرؤى- الى لقاء في القسم الثاني ان شاء الله تعالى

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11333
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19