• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عبد الكريم سروش والخلط المعرفي 1 .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

عبد الكريم سروش والخلط المعرفي 1

    إن عبد الكريم سروش لا يهتم بتأويل النص القرآني وفق منهج التأويل الصحيح، وذلك لأنه لا يعتبره نصاً موحى، ذلك ان ما حصل عليه النبي محمد (ص) ـ وبحسب مدعى سروش ـ هو مضمون الوحي، فصاغه للناس في إطار يتوافق مع مستوى أفهامهم بأدواته الخاصة وبأسلوبه الخاص! كما وان النبوة ـ بحسب اطروحة سروش ـ تزداد كلما ازدادت التجربة والخبرة والسنوات والمعلومات([1])! كما ويقول: بأن البيئة هب التي تحدد مظهر الدين([2]). وبذلك فإن الدين ـ أي دين ـ يعيش حالة محلية بعيدة عن الطرح الإنساني العالمي، وذلك بحسب طرح سروش حول ذلك؟!

إن اطروحات عبد الكريم سروش مجرد (تأويلات) مشوهة أخذت من المسيحية والبوذية والبراهمية والزرادشتية الشيء الكثير، مع صياغات أخذها من هنا وهناك في خلط ما بين (حسي)، وآخر (عقلي)، و ما بين (نزعة مادية) من جانب، ونزوع (عرفاني) من جانب آخر!

إن تلك الأفكار التي طرحها سروش ما هي إلا خليط عجيب، فما ذلك الخليط العجيب الذي صنعه سروش؟ انه بحق (فرانكنشتاين) هجين ومشوه أكثر من (فرانكنشتاين) الحقيقي، بل هي بحق (فرانكنشتاينات سروشية) لا تنتهي سببها العداوة، أو التسقيط، والعناد، الذي نبع عن نقد ولربما حقد لمنظومة اختلف معها سروش لينقلب على كل ما هو مشابه ومشاكل لها!

إن من الدوافع التي دفعت دعاة التماهي مع النظريات الأوربية كأمثال عبد الكريم سروش هو؛ عدم انسجام مضمون (الإنجيل) مع الاكتشافات العلمية الحديثة، كما وان الطرح العلماني انطلق في أوربا بسبب هيمنة الكنيسة على أفعال الناس في أخص خصوصياتهم.

إننا قد ذكرنا جملة من دعوات عبد الكريم سروش التي اطلقها، ففي دعوى (تاريخية الفهم) التي تبناها سروش يتبين لنا أنها دعوى نادى بها (النسبيون) الذين قالوا بتاريخية الفهم، وأنكروا وجود الفهم المستقل وغير التاريخي، ولهذا نالت جميع القراءات عندهم مرتبة الرسمية، وأنكروا إمكان المقايسة بين الأفهام والقضايا في الحقل المعرفي الواحد، وترجيح بعضها على الآخر، فلا يوجد لديهم شيء اسمه (صدق) أو (حق) أو (معتبر) أو (باطل)([3]).

إما دعوى سروش بمنح جميع الأطراف المشكوكة درجة التساوي مضافاً إلى دعوى قبول كل الأفهام المتعددة؛ فهي ممتنعة وذلك بحسب القاعدة العقلية المنطقية (النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان)، فلا يمكن ان يكون الشيء موجوداً وهو في نفس الوقت ليس بموجود، ولا يمكن ان تكون الورقة بيضاء وسوداء في نفس الوقت.

([1]) ظ: بسط التجربة النبوية، عبد الكريم سروش، ص15.

([2]) ظ: بسط التجربة النبوية، عبد الكريم سروش، ص147.

([3]) ظ: قراءة في تعدد القراءات، الكربابادي، ص113.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=110329
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 11 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19