• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مصائب خاتم الأنبياء .
                          • الكاتب : مرتضى المشهدي .

مصائب خاتم الأنبياء

شاءت الحكمة الإلهيّة أنّ تكون الدّنيا دار بلاء وامتحان، وكلّما ارتفع مقام الإنسان اشتدّ بلاؤه، وكلّما قلّ إيمانه خفّ بلاؤه.. روى الشّيخ الكلينيّ بسند صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: ذُكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) البلاءَ وما يخصّ الله (عزّ وجلّ) به المؤمن، فقال: سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن أشدّ النّاس بلاء في الدّنيا؟ فقال: « النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمَن صحّ إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومَن سخف إيمانه وضعف عمله قلّ بلاؤه »[١].
وقد ورد في معناه الأخبار المستفيضة، فإنّ عظم البلاء والامتحان على عظم المنزلة والمقام.

إذا عرفتَ هذا، فاعلم أنّه مما لا شكّ فيه أنّ خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) هو أفضل الخليقة على الإطلاق، فلا مخلوق يضاهيه في الفضل والكمال والقرب من الساحة الرّبوبيّة. بل ضلّت العقول وحارت الألباب وتاهت الأوهام وتصاغرت العظماء عن معرفته حقّ معرفته، وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شؤونه. وأقرّت الخليقة بأسرها بالعجز والقصور عن الإحاطة به. وقد رُوي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال: « إنّما أنا عبدٌ من عبيد محمّد (صلى الله عليه وآله) »[٢].

وهذا يعني: أنّ البلاء الذي نزل على خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله؛ والامتحان الذي قدّمه لا يمكن تصوّر شدّته وصعوبته وكنهه؛ لأنّ شدّة البلاء متناسبة طرديّاً مع عظمة المقام، فإن كان المقام سامياً لدرجة تعجز سائر الخليقة عن دركها ومعرفتها، فلا بُدّ أنّ بلاءه وامتحانه كذلك!، وفي الخبر: « ما أوذي أحدٌ ما أوذيت »[٣]. ووصفه أمير المؤمنين (عليه السّلام): « خاضَ إلى رضوان الله تعالى كلَّ غمرة، وتجرَّع فيه كلَّ غصّة، وقد تلون له الأدنون وتألّب عليه الأقصون، وخلعت إليه العرب أعنتها، وضربت إلى محاربته بطون رواحلها، حتى أنزلت بساحته عداوتها من أبعد الدار وأسحق المزار »[٤].

فهل عرفنا خاتم الأنبياء؟ وهل عرفنا مظلوميّته؟ وهل أدّينا حقوقه؟ 
ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم

___________
[١] الكافي، ج٢، ص٢٥٢. 
[٢] الكافي، ج١، ص٩٠. 
[٣] كنز العمال، ج٣، ص١٣٠.
[٤] نهج البلاغة، الخطبة ١٠٤.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=110102
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 11 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28