عندما كنت في المرحلة الابتدائية من دراستي كان هناك درس في مادة   القراءة أو (ألقراعه ) كما كان يحلوا  لوالدي (رحمه الله) أن يسميها على لهجته البسيطة  إن هناك رجل فلاح جلس ذات يوم في غرفته وهو يضع فوق رأسه جره مملؤة بالدهن الحر الخالص محدثا نفسه وبيده عصا خيزران يعود نسلها (لشجرة الرمان) : سوف اذهب غدا إلى السوق ومعي الجرة حتى أبيعها واعمل في التجارة وعندما احصل على أرباح سوف ابتاع  قطيع من الخرفان والنعاج لكي تتكاثر و انتفع من شراب بطونها و بعد أن أتزوج ويصبح لدي أولاد حين أرى احد منهم يقصر في عمله اضربه بهذه العصا فرفع يده الى الأعلى وضربت العصا  الجرة فانكسرت فسال الدهن على جسمه وضاعت أحلامه الوردية التي أراد من خلالها أن ينظم حياته ويدخل في عالم التجارة  ليستريح في الفترة المتبقية من عمره والتي قضاها بالشقاء والفقر والعوز ..

 قبل أيام فوجئت (بمسكول)  كما يسميه البغداديين وفي الجنوب والوسط يطلقون عليها (ترميشه) وعندما ضغطت على زر (الاوكي)  ظهر لي  رقم هاتف الوكيل الذي يوزع علينا الحصة التموينية استغربت للموعد الذي (رمش)  فيه لأن راس الشهر لم يحن بعد، و عندها اتصلت به اخبرني ان هناك استمارات وزعت من قبل الحكومة  وعليك اخذ استمارتك وإملاءها في موعد اقصاء يومين لكي لا يضيع حقك  فذهبت  له وسألته عن جدوى توزيع هذه الورقة فزف لي البشرى( راح يطون فلوس)  وأحسست حينها بالنشوة والفرح   فقلت له (شكد راح يطون)  فأجابني يكولون خمسين ألف دينار للفرد الواحد ورد شخص كان واقف إلى جانبي (عمي شكد ماجان بس خل يطون)  فقمت بمليء الاستمارة بالمعلومات والقلم يسبقني فوجدتها مليئة بالأغلاط المطبعية ( أكثر من أخطائي في الكتابة ) وسلمتها للوكيل طبعا لا اخفي عليكم فقد حصلت خلافات بين أفراد عائلتي على طريقة توزيع المبلغ  لان القسم الأكبر منهم  ذهب إلى  أن للذكر مثل حض الأنثيين  أما الزوجة باعتبارها تمثل الكتلة النسويه صرحت بأن  يكون التوزيع بالتساوي لتحصل البنات على حصة من المبلغ أسوة بإخوانهم وبعد المناقشات والمداولات توصلت الكتل على ان يصرف مبلغ المنحة لشراء قطعة أثاث لغرفة الخطار  بعد أيام من الحلم  الذي نعيش فيه اطل علينا مسؤول   ليخبرنا من خلال حديث له في احد الصحف ليفاجئنا بان الاستمارات التي وزعت من قبل الوكلاء هي مجرد معلومات استبيانيه وليس الغرض منها توزيع الأموال كما أشيع طبعا الرجل المسؤول جزاء الله خير أراد منا ان نستفيق من الوهم وتضاربت الأنباء حول الخبر ،  حقيقة  ان الخبر قد سبب إحباطا كبيرا لدى العوائل خصوصا وان عيد الاضحى المبارك قد دنا موعده فهذا الخبر كان العصا التي كسرت الجره ..نتأمل من حكومتنا الفاضلة ان تطلق منحه للعوائل ألعراقيه   مساهمة منها في التخفيف عن كاهل المواطن لتحسين ميزانيته في هذه الأيام المباركة ورسم الابتسامة على شفاه الأطفال ليتسنى لهم الذهاب إلى المتنزهات الترفيهية للخروج من الروتيين الحياتي الممل لأنهم والكل يعلم علم اليقين جهادهم اليومي لكسب لقمة العيش في ظل المخاوف والخروقات الامنيه التي ترافقه