• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محاسبة المعصوم ! .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

محاسبة المعصوم !

 ممّا يعنيه القبول المعرفي والتسليم العلمي بمفهوم العصمة : إدراك كون قدرة المعصوم فوق القدرة البشرية الطبيعية ، على نحو الموجبة الكلّية ، وأنّ خصائصه العصمتية لانظير لها حتى في التكوين الإنساني الملموس ناهيك عمّا سواه ، وإلّا  فإنّ الأمر لايعدو سوى كونه رحلة جادّة في عالَم الاعتقاد والإيمان ، يتخطّى بها قاصدُ المراتب العليا المرتبةَ تلو الأُخرى حتى يبلغ المراد ويحصد المنال ، وهذا مايمكن لأيٍّ منّا  - إن أراد وسعى - قطفه والحصول عليه .. فلاخصوصيّة إذن للعصمة المعهودة، تلك التي تعني : الاصطفاء والإيحاء والإيعاز والتكليف الإلهي الخاصّ  بادىء ذي بدء ، نعم بادىء ذي بدء ، فالعصمة ليست نتيجة وثمرة الجهود المبذولة في ميادين الاعتقاد وسوح الإيمان ، إنّها محسومة مسبقاً طبق الإرادة الإلهية بلا اختبار و تمحيص وممارسة حياتية لمهامّ الشريعة والدين . 
إذن ، واهمٌ تماماً ومخطىءٌ قطعاً ذاك الذي يرى في غير المعصوم ما للمعصوم من خصائص وصفات وقدرات ؛ إذ ليس من المعقول والإنصاف أن نجد في هذا " الغير " مانعتقده ونسلّم به للمعصوم ؛ فمهما رقى وشرف ونبل فإنّه لايتخطّى ذاك الإطار والشعاع المعهود ، فقد نراه يغضب ويهوى ويعلو وينتقم وينزعج طبق الطبع الإنساني العادي والميل البشري الطبيعي ، بل نجد في الفرد الذي نعشقه ونحبّه ونميل له ونجعله نموذجاً للمصداق الإنساني الرفيع الكبوةَ والإثم والغفلة والنسيان بفعل الضعف الذاتي والقدرة المحدودة ، بل يخيّب الآمال والظنون أحياناً وأحيانا  .. بخلاف المعصوم الذي لايفعل ولايقول ولايقرّر  إلّا  بما تمليه العصمة بمضامينها الثابتة .
وعلى ذلك ، مَن يحاسب المعصوم ياترى ؟ لايحاسبه سوى مَن نصّبه معصوماً ، وهو الله تبارك وتعالى ، لاغير ، وإلّا  فالقضية سالبة بانتفاء الموضوع ، ناهيك عمّا لو كان غير المعصوم محاسباً للمعصوم ، فإنّه أوضح مصاديق الإخلال والاختلال في نظام السماء  والدين والحياة ، ولاسيّما أنّ مفهوم المحاسبة غير مفهوم السؤال كما لايخفى على المحقّق اللبيب .
وقانا الله تبارك وتعالى شرورَ أنفسنا .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=106712
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 10 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28