• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثقافة الإصغاء .. وقبول النصيحة .
                          • الكاتب : فاطمة العارضي .

ثقافة الإصغاء .. وقبول النصيحة

 إن المجتمع الصالح الذي يعز فيه الحق ويذل فيه الباطل، ولا يطمع فيه العدويتقوم بأمرين: صلاح الحاكم وصلاح المحكوم.
 أما صلاح الحاكم، فبعلمه وأخلاصه ونزاهته وكفاءته للقيام بأعباء الحكم،وأما صلاح المحكوم فيتقوم بالنصح والإخلاص للحاكم الصالح، والتعاون على الخير والنفع العام، فإذا قّصر الحاكم أو تمرد المحكوم، فُقد الأمن وعم القلق والذعر وشُلت الأعمال وتعطلت الحياة.
 وأن حق المحكوم على الحاكم ثابت مطلقاً، سواء قام المحكوم بما عليه من حق الحاكم، أو لم يقم، أما حق الحاكم على المحكوم فمقيد بصلاح الحاكم، وقيامه بما عليه من حق، فان أهمل ذلك فلا تجب على المحكوم طاعة للحاكم.
إن التعاون على الخير والنصيحة حق الله على جميع الناس، وأن من ترك ذلك تهاوناً فقد خان أمانة الله عز وجل، وقد جاء في الحديث: ( من رأى أخاه على أمر يكرهه فلم يردعه عنه فقد خان الله)!!
 إن الإنسان مهما بلغت منزلته من العلم، وعظمت مكانته في الدين يظل مفتقراً إلى النصيحة والإرشاد، حتى من الأشخاص ( العاديين ) إذ ربما كشفوا له عن شئ أو أشياء لم يلتفت إليها، ومن رأى نفسه فوق النقد، وأدعى أنه بلغ الشوط الأخير وأحاط بكل شئ علماً، فذلك هو الغرور المميت الذي يؤدي إلى  ظلمات الهاوية، فهذا علي بن أبي طالب عليه السلام يقول :[رحم الله من أهدى إليّ عيوبي ]! وقال عليه السلام في مناسبة أخرى :[ فإني لست بنفسي فوق أن أخطيء ]....
إن تبادل النصيحة بين الحاكم والمحكوم، إذا لم يكن موجوداً فحقيق على الله تعالى أن يسلط على هذا وذاك الأشرار، فتذل الأبرار وتعز الأشرار وتنفتح أبواب جهنم من جديد على البلاد والعباد.   وأن الذين يزكون أنفسهم، ويستنكفون عن الإصغاء إلى النصيحة والإرشاد، سوف يجرون البلاد إلى كوارث ومصائب لم نعرفها من قبل، وستعاني من آثارها الأجيال القادمة سنوات طويلة ..
ومهما شككنا في شئ فإننا لا نشك في أن من يدعي أنه أفهم الناس في زمانه لا يستطيع أن ينظر إلى شئ بعين الواقع، أو يأتي بخير ما دام معتقداً بأن عمله هو أعظم الأعمال وأجلّها وأنه يجب أن يكون المطلب الأخير للناس جميعا،ومن كانت هذه حاله فمحال أن يقبل النصح والتحول عن رأيه.
فالأنسان الواثق من فكرته وصلابة أدلته لايخاف من المناقشة والحوار ، ولا يتصلب أمام الناصحين وهو يصغي لهم بكل هدوء ، خصوصا إذا كان  مخلصاً لله تعالى ولايريد موقفه إلاّ له عز وجل ، إن الإصغاء وقبول النصيحة وأحترام رأي المقابل ينم عن الشجاعة أيضاً ،وهو تجسيد لأروع مقاصد الحرية كذلك، وهو الطريق الى قلوب الناس وعقولهم ، وهو خير وسيلة لأنهاء الخلافات القاتلة التي أماتت روح الأستقامة لدى الكثيرين من أبناء المجتمع الواحد ...
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=10518
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 10 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19