• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في ذكرى استشهاد الامام الجواد عليه السلام " الطور الجوادي فتح جديد " .
                          • الكاتب : السيد محمد رضا شرف الدين .

في ذكرى استشهاد الامام الجواد عليه السلام " الطور الجوادي فتح جديد "

بسم الله الرحمن الرحيم
 
كان قد تقدم من هذا العبد المفتقر ان للمحمدين (من كان اسمهم محمداً) من المعصومين سمة مشتركة هي انهم (خاتمون لما سبق فاتحون لما استُقبل) وهذه سمة جدهم حبيب الله المصطفى صلى الله عليه وآله.
ومعنى ذلك انهم ينهون طوراً من اطوار الهداية الالهية على الارض ويؤسسون طوراً جديداً منها.
وكنا قد تعرضنا للطور الباقري ومعالمه فيما سبق.
أما الطور الجوادي فإنه يتميز بخصائص متعددة ايضا نعرض الى اهمها باختصار شديد يقتضيه المقام.
 
•المراتب العليا لأصحاب الولاية الكبرى•

كان التركيز في الاطوار السابقة على التوحيد والمعارف التوحيدية، ثم على الآداب والأخلاق والسلوكيات الانسانية، ثم على التشريع والقوانين الاسلامية والإعجاز العلمي والمعرفي.
فلما حدت الظروف بمولانا الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام لأن ينهض بأعباء نبوة جده النبي صلى الله عليه وآله مجددا من جديد؛ نظرا لتكذيبه من قبل بعض من وكلاء أبيه ممن كان من الخواص، وما قام به الطاغية من وضعه في مقام الاحتجاج أمام أكابر أهل الكتاب والديانات الوضعية وأصحاب الفلسفات المستوردة، فواجهها بالدلائل والمعجزات والبراهين والبينات، فتمهد الطريق ليسفر الجواد عليه صلاة رب العباد عن شمس حقيقة أهل هذا البيت على رؤوس الاشهاد، وافتتحها بإمامة كانت معجزة ظاهرة في حد ذاتها أن آتاه الله الحكم صبياً بينما كان آباؤه يحجبون تلك المراتب الا على الخواص من شيعتهم.
فقد روى ثقة الإسلام أبو جعفر الكليني عن أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه عن سدير قال: كنت أنا و أبو بصير و يحيى البزاز و داود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا و هو مغضب فلما أخذ مجلسه قال يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب‏ ما يعلم الغيب إلا الله عز و جل لقد هممت بضرب جاريتي‏ فلانة فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير فلما أن قام من مجلسه و صار في منزله دخلت أنا و أبو بصير و ميسر و قلنا له جعلنا فداك سمعناك و أنت تقول كذا و كذا في أمر جاريتك و نحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا و لا ننسبك إلى علم الغيب قال فقال يا سدير أ لم تقرأ القرآن قلت بلى قال فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز و جل: "قال الذي عنده علم من الكتاب‏ أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك‏" قال قلت جعلت فداك قد قرأته قال فهل عرفت الرجل و هل علمت ما كان عنده من علم الكتاب قال قلت أخبرني به قال قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب- قال قلت جعلت فداك ما أقل هذا فقال يا سدير ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز و جل‏ إلى العلم الذي أخبرك به يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز و جل أيضا: "قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب‏" قال قلت قد قرأته جعلت فداك قال أ فمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه قلت لا بل من عنده علم الكتاب كله قال فأومأ بيده إلى صدره و قال علم الكتاب و الله كله عندنا علم الكتاب و الله كله عندنا. (الكافي الشريف ج1 ص257)
بينما في إثبات الوصية: روي ان عمر بن الفرج الرخجي قال لأبي جعفر عليه السلام: ان شيعتك تدعي انك تعلم كل‏ ما في دجلة؛ و كانا جالسين على دجلة. فقال له أبو جعفر عليه السلام: يقدر الله عز و جل أن يفوض علم ذلك الى‏ بعوضة من خلقه؟ قال: نعم، يقدر. فقال: أنا أكرم على الله من بعوضته. (إثبات الوصية ص226)
ولذلك نرى اختلافا في مضامين النصوص من احاديث وادعية وزيارات بين الطور الجوادي (الجواد والهادي والعسكري) وبين ما سبقه من اطوار.
فقد روي خلال هذا الطور من معارف أهل بيت العصمة عليهم السلام ما روي، وحسبك الزيارة الجامعة الكبيرة التي رويت عن مولانا الإمام الهادي عليه الصلاة والسلام ما كشف عن مقامات المعصومين عليهم الصلاة والسلام وأبان عن جوهر ولايتهم وموضع مودتهم من أركان الشريعة الغراء.
بينما في الأطوار السابقة كان الأئمة عليهم الصلاة والسلام يقتصرون في إلقاء هذه النبذ النورانية والتحف المعرفية إلى خواص خواص أصحابهم عليهم الصلاة والسلام، فقد روى أبو جعفر الكليني شيخ مشايخ الطائفة عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن سليمان عن زياد القندي عن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعمله قال و ما ذاك قلت قول الله عز و جل: "ثم ليقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم‏" قال ليقضوا تفثهم لقاء الإمام و ليوفوا نذورهم تلك المناسك.
قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت جعلت فداك قول الله عز و جل: "ثم ليقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم‏" قال أخذ الشارب و قص الأظفار و ما أشبه ذلك قال قلت جعلت فداك إن ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له- ليقضوا تفثهم‏ لقاء الإمام- و ليوفوا نذورهم‏ تلك المناسك فقال صدق ذريح و صدقت إن للقرآن ظاهرا و باطنا و من يحتمل ما يحتمل‏ ذريح‏.(الكافي الشريف ج4 ص549، وقد رواها الشيخ الصدوق بإسناد آخر لا إشكال فيه ولا إعضال وهذه صورته: عن أبي- رضي الله عنه- عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان‏. انظر: من لا يحضره الفقيه ج2 ص483 وج4 ص431)

•التمهيد الفعلي للطور المهدوي•

لا ريب ان الحقيقة المهدوية بدأ التمهيد لها منذ عهد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله فما بعده، الا ان المتأمل في اخبار ائمة الهدى عليهم السلام يدرك جيداً أن للطور الجوادي شأنا خاصا في تلك الحقيقة والتمهيد لها حتى يكاد يظهر من بعض النصوص ان الجواد عليه السلام هو الموعود.
واظهر تمهيد ملحوظ هو في تقلد الإمامة في الصبا والذي كان له ولأول مرة في تاريخ الامامة ثم كان لولده الهادي عليه السلام من بعده.
ولعله لما تقدم يظهر تأويل كونه اعظم مولود بركة في الاسلام.
كتبه
ليلة شهادة الإمام الجواد محمد بن علي بجوار عمته فاطمة بنت موسى عليهم السلام




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=102135
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 08 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19