حدث وحديث يشفي الغليل وفيه كثير من المداليل وهذا نصه لا يحتاج الى، عن أبي عمر زاذان قال : لما وادع الحسن بن علي عليهما السلام معاوية ، صعد معاوية المنبر ، وجمع الناس فخطبهم وقال : إن الحسن ابن علي رآني للخلافة أهلا ، ولم ير نفسه لها أهلا ، وكان الحسن عليه السلام أسفل منه بمرقاة .فلما فرغ من كلامه قام الحسن عليه السلام فحمد الله تعالى بما هو أهله ، ثم ذكر المباهلة ، فقال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله من الانفس بأبي ، ومن الابناء بي وبأخي ومن النساء بامي وكنا أهله ونحن آله ، وهو منا ونحن منه .ولما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله في كساء لام سلمة رضي الله عنها خيبري ثم قال : "اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "فلم يكن أحد في الكساء غيري وأخي وأبي وامي ، ولم يكن أحد تصيبه جنابة في المسجد ويولد فيه إلا النبي صلى الله عليه وآله وأبي تكرمة من الله لنا وتفضيلا منه لنا ، وقد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله صلى الله عليه وآله .
وأمر بسد الابواب فسدها وترك بابنا ، فقيل له في ذلك فقال : أما إني لم أسدها وأفتح بابه ، ولكن الله عزوجل أمرني أن أسدها وأفتح بابه .
وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا ، ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية ، نحن أولى بالناس في كتاب الله عزوجل وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله ولم نزل أهل البيت مظلومين ، منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ، وتوثب على رقابنا ، وحمل الناس علينا ، ومنعنا سهمنا من الفيئ ومنع امنا ما جعل لها رسول الله صلى الله عليه وآله .
واقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله صلى الله عليه وآله لاعطتهم السماء قطرها ، والارض بركتها ، وما طمعت فيها يا معاوية ، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها ، فطمعت فيها الطلقاء ، وأبناء الطلقاء : أنت وأصحابك ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما ولت امة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا ، فقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم واتبعوا السامري ، وقد تركت هذه الامة أبي وبايعوا غيره ، وقد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة "، وقد رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله نصب أبي يوم غدير خم وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب .
وقد هرب رسول الله صلى الله عليه وآله من قومه ، وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى دخل الغار ، ولو وجد أعوانا ما هرب ، وقد كف أبي يده حين ناشدهم ، واستغاث فلم يغث ، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه ، وجعل الله النبي صلى الله عليه وآله في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانا ، وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين
خذلتنا هذه الامة ، وبايعوك يا معاوية ، وإنما هي السنن والامثال ، يتبع بعضها بعضا .
أيها الناس إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري وأخي لم تجدوا ، وإني قد بايعت هذا ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين |