• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : البعثات الدراسية العراقية.. بين الواقع والطموح .
                          • الكاتب : د . احمد الاحمر .

البعثات الدراسية العراقية.. بين الواقع والطموح

 تهتم غالبية الدول وفي مقدمها الدول النامية اهتماما بالغا ببرامج البعثات والزمالات الدراسية باعتبارها مقوما اساسيا من مقومات التنمية الاكاديمية والعلمية والثقافية والبشرية والاقتصادية التي تخدم الفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة ويتمثل برنامج الابتعاث بارسال الطلبة للدراسة في الجامعات العالمية الرصينة للحصول غالبا على شهادات عليا كالماجستير والدكتوراه او مايعادلها في تخصصات او خبرات قد تكون غير متوفرة في البلد او قد تكون ذات مستوى اكثر تقدما في بلدان الابتعاث وان جوهر فسلفة برنامج الابتعاث هو الحصول على الشهادات واكتساب المعرفة  و الخبرات العلمية والبحثية والعملية التي تكون غير متوفرة في البلد الام ومن ثم قيام الطلبة المبتعثين بالعودة الى البلد الام بعد التخرج لنقل هذه الخبرة المكتسبة الى ابناء البلد وتطوير عملية التدريس والبحث العلمي والتواصل مع العلماء والجامعات والمراكز البحثية العالمية للنهوض بالواقع التعليمي والبحثي والتطبيقات العملية للخبرات المكتسبة كل في تخصصه ومما يسهم بالتالي في احداث نهضة علمية وفكرية واقتصادية تخدم مؤسسات الدولة و الفرد والمجتمع في جميع مجالات الحياة وتوصل البلد الى مصاف البلدان المتقدمة ومن المكاسب الاضافية هي معايشة الطلبة لبيئة تعليمية وبحثية وابداعية جديدة تساعد على الابتكار والحصول على براءات الاختراع يضاف الى ذلك الاطلاع على ثقافة الجامعة وثقافة ونظام الحياة في البلد وامكانية نقل بعض لامور الايجابية في تلك البلدان كاستخدام تكنلوجيا المعلومات في انجاز المعاملات اليومية والخدمات المصرفية ووسائل النقل المتطورة وماشابه ذلك

ومن خلال تجربتنا الشخصية وتواصلنا مع الزملاء المبتعثين ومراجعة لما كتب على شبكة الانترنت يجب تقسيم مراحل البعثة الدراسية الى ثلاث مراحل للوقوف على اهم المعوقات للبعثات الدراسية العراقية:
1.    مرحلة ماقبل الانضمام الى البعثة: هنا اهم المعوقات التي تواجه الطالب قبل الالتحاق بالدراسة في الخارج هو صعوبة الحصول على القبول الدراسي حيث ان الكثير من الطلبة لايعرف اليات الحصول على قبول دراسي او التواصل مع الجامعة او المشرفين اضافة الى وجود عقبة اللغة حيث ان بعض الخريجيين درسوا المناهج باللغة العربية بينما لغة الدراسة في بلد الابتعاث لغة اخرى كالانكليزية او الفرنسية اوالالمانية او غيرها مما يخلق صعوبات اضافية في التواصل مع الجامعة الاجنبية اضافة الى ان معظم الجامعات تطلب درجات معينة في امتحانات اللغة الانكليزية ك  (TOEFL,IELTS) حتى لغرض الانضمام الى كورس اللغة مما يتطلب من الطالب تطوير قابلياته اللغوية قبل البعثة ومن الصعوبات الاخرى ان الجامعات تطلب من الطالب اعداد مشروع بحث الدراسة وهو مالم يعتد عليه طلبتنا وبعض الجامعات تطلب من الطالب اجتياز امتحانات معيارية مثل (PLAB) في المملكة المتحدة و(GRE,GMAT)في الولايات المتحدة اضافة الى وجود عدد كبير من المستمسكات التي يجب تصديقها وترجمتها الى لغات بلد الدراسة لتوفير متطلبات دائرة البعثات والجامعة الاجنبية وهذا قد يستغرق وقتا طويلا وكذلك تغيير قائمة الجامعات المعترف بها في العراق بين فترة واخرى وربما كان الافضل ان تكون هنالك معايير موحدة و ثابتة للجامعات التي يعترف بها من غيرها  يضاف الى ذلك معاناة بعض الطلبة اثناء مرحلة الترشيح للبعثة حيث ان الضوابط تختلف من فترة لاخرة فتارة تكون وفق معايير المعدل والعمر والخدمة الوظيفية وتارة تكون حسب احتياج الكليات والجامعات وتارة تكون للتخصصات العلمية دون الانسانية وتارة تكون للتخصصات النادرة فقط وان هذه المعايير قد تكون احيانا نسبية كتحديد الاختصاص النادر من غيره اوتحديد الاحتياج في الكليات اوالجامعات بينما يجب التركيز على التخصصات التي تعاني نقصا فعليا في العراق او التي يمكن ان تسهم في نهضة العراق العلمية والاقتصادية يضاف الى ذلك صعوبة الحصول على الفيزا الدراسية لبعض البلدان او رفض الطلب المقدم للفيزا لسبب او لاخر وتحمل الطالب وعائلته لرسوم الفيزا في كل تقديم و مشاكل مصاحبة الزوجة والاطفال وتاشيراتهم وضماناتهم المالية ومن  العقبات الاضافية  هو اليات الحصول على الاجازة الدراسية حيت تتباين هذه الضوابط من سنة الى اخرى وتخضع احيانا الى  رؤية رئيس القسم او عميد الكلية وليس لاليات موحدة في سنوات معينة اضافة الى التريث الذي حصل في البعثات في اوقات معينة والذي يمكن ان تكون الاسباب المالية العامل الاساسي وراءه هنا لابد من الاشارة الى التجربة المتميزة لبرنامج بعثات اللجنة العليا لتطوير التعليم العالي في العراق(المبادرة التعليمية) حيث تميز البرنامج باعتماد اليات موحدة لقبول الطلبة بالاعتماد على معدل الطالب للشهادات الاخيرة الحاصل عليها مع اضافة بعض الدرجات للطالب اذا كان حاصلا على درجة في امتحانات اللغة الانكليزية العالمية او الامتحانات المعيارية للمفاضلة في القبول  وايضا تميز البرنامج باستخدام تكنلوجيا المعلومات الحديثة وكون عملية التقديم والقبول والمتابعة اثناء البعثة وحتى عودة الطالب تتم الكترونيا باستخدام استمارات الكترونية وبذل كادر اللجنة على قلة عدده  ساعات عمل طويلة وجهودا مضنية لانجاح جميع مراحل الابتعاث ابتداء من عملية الترشيح ومن ثم سفر الطالب للدراسة ومتابعته ومن ثم عودته بعد اكمال الدراسة والحصول على الشهادة وتم تجاوز الكثير من الخطوات الروتينية مما وفر الكثير من العناء والوقت على الطلبة المبتعثين ونعتقد بان هذه التجربة يمكن ان تكون انموذجا تقتدي به برامج الابتعاث الاخرى ويستحق البرنامج وكادره كل دعم ممكن من الدولة

2.     مرحلة الدراسة في بلد الابتعاث: من اهم الصعوبات التي تواجه الطالب في هذه المرحلة هو التاقلم مع النظام التعليمي الجديد ونمط المعيشة في بلد الدراسة وايضا تبرز مشكلة اللغة حيث ان الكثير من الطلبة يعانون من موضوع اللغة وخاصة اللغة الاكاديمية التي تستخدم لكتابة البحوث العلمية والرسائل الجامعية ورغم انضمام الكثير من الطلبة لكورس في اللغة الا ان ذلك قد لايكون كافيا لتطوير المهارات اللغوية وتتطلب جهدا اكبر في قراءة البحوث العلمية وحضور المؤتمرات والحلقات النقاشية في الجامعة. ومن المعوقات الجوهرية ايضا في هذه المرحلة هو موضوع رواتب الطلبة المبتعثين ومرافقيهم حيث مرت هذه المرتبات بعدة مراحل تم فيها تغيير فئات الدول او تقليص رواتب الطلبة احيانا ورواتب الزوجة والاطفال احيانا اخرى واحيانا منح الراتب للزوجة فقط دون الاطفال او تاخر وصول الرواتب الى الطلبة في الخارج ورغم ان هذه القرارات قد تكون الموارد المالية وموضوع الموازنة وراءها الا ان ذلك قد اثر لك بشكل كبير على حصول الطلبة على الفيزا كون بعض الدول مثل بريطانيا تطلب ان يكون للطالب دخلا معينا قبل منح الفيزا ومن المعروف ان  دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واوربا الغربية واستراليا واليابان تمتاز بغلاء المعيشة فمثلا ان ايجار شقة صغيرة في الولايات المتحدة او بريطانيا يتطلب بحدود (800-1200) دولار شهريا وتزداد هذه التكلفة في العواصم والمدن الكبرى فمثلا في المدن الكبرى في استراليا يمكن ان يبدا ايجار شقة صغيرة من (2000)دولار يضاف الى ذلك مصاريف النقل المرتفعة والعلاج الصحي الذي قد لايغطيه التامين الصحي عند تقليل التامين الصحي او حجبه عن زوجة الطالب واطفاله  ومصاريف المعيشة للزوجة والمرافقين ومصاريف تذاكر الطيران عند زيارة العراق ومصاريف تجديد الفيزا للطالب ومرافقيه وكذلك بعض الصعوبات عند تمديد الجواز او تجديده في الخارج وان تقليص راتب المبتعث يخلق اعباء اضافية على الطالب ومرافقيه ويقلل من تركيز الطالب على دراسته التي تم ابتعاثه من اجلها وقد يضطر ذلك الطالب الى العمل لتوفير اجور معيشته او تحويل بعثته للدراسة على نفقة الدولة الاجنبية مقابل التعهد بالعمل فيها بعد التخرج ومن المشاكل الاخرى التي يعانيها الطالب هوان مدة الدراسة في الخارج هي اطول من المدة داخل العراق فمثلا تتطلب دراسة الدكتوراه في بريطانيا 4 سنوات وفي الولايات المتحدة 5 سنوات بدلا من 3 سنوات  كما هو معمول به في العراق و ان عقد الطالب المبتعث يشير الى 3 سنوات مما خلق مشكلة اضافية في كيفية احتساب السنة الرابعة وهل هي تمديد ام هي من اصل المدة وهل يتم دفع الاجور الدراسية للطالب وراتبه ام لا وجاءت عدة تعليمات مختلفة للبت في هذه المسالة فتارة يكون التمديد على نفقة الطالب وتارة يكون التمديد لاول 6 اشهر فقط على نفقة الدولة وتارة اخرى يكون التمديد الثاني بنصف راتب يدفع بعد العودة وتارة تم السماح للطلبة بالعودة لاكمال دراستهم في العراق مما خلق اعباء اضافية للطلبة في مسالة التمديد والراتب المتعلق به مما قلل من تركيز الطلبة على دراستهم  ومن الامور الاخرى وجود ملحقية ثقافية واحدة فقط في بلد الدراسة وقد تكون في اماكن بعيدة عن الطلبة الذين يدرسون في مدن اخرى مما يخلق صعوبة في مراجعة الملحقية الثقافية احيانا وربما يكون من الافضل اعتماد المعاملات والمراسلات الالكترونية لتسهيل هذه الصعوبات علما ان الضغوط الكبيرة على طالب البعثة اثناء الدراسة في الخارج وعدم توفير الدعم الكافي بعد العودة قد تدفع الطالب الى التفكير بعدم العودة الى العراق او الدراسة او العمل في الدولة الاجنبية بدلا من عودته للخدمة في العراق والاسهام في نهضة العراق علميا وفكريا واقتصاديا ويسبب خسارة العراق للكفاءات والعقول واسقطابها من قبل الدول الاجنبية

3.    مرحلة مابعد اكمال الدراسة: هنا اهم الصعوبات التي تواجه الطالب هو اكمال الحصول على الوثائق والستمسكات المصدقة والمطلوبة لاكمال معادلة الشهادة في دائرة البعثات في العراق والتي قد تستغرق احيانا مدة طويلة وتمر عبر عدد من المراحل والاجراءات التي قد يكون بعضها روتينيا ربما يكون من الضروري اختصار مدة معادلة الشهادة كون الطالب التحق بالجامعة الاجنبية بقبول تمت الموافقة عليه من دائرة البعثات وتم فتح ملف دراسي لمتابعة الطالب وان الطالب جلب معه جميع الوثائق والمستمسكات المصدقة من بلد الدراسة وان صحة صدور الشهادة يمكن ان تتم عبر المراسلات الالكترونية وقد لاتستغرق اكثر من اسبوع واحد وكذلك يمكن اختصار الوقت للخطوات الاخرى لتسهيل معادلة الشهادة وحصول طالب البعثة على حقوقه المترتبة عن الحصول على الشهادة ومن الامور الاخرى التي تكون الشاغل الاول للطلبة العائدين من البعثة هو موضوع تعيين غير الموظفين حيث ان الهدف الاساسي من الابتعاث هو للاستفادة من المبتعث وشهادته وخبرته التي اكتسبها في الخارج لخدمة المجتمع في تخصصه وبدون تعيين المبتعث فانه قد يظطر اما الى العمل في دولة اخرى او العمل في مجال بعيد عن تخصصه وفي كلا الحالتين لايتحقق الهدف المنشود من الابتعاث ومن الصعوبات الاساسية التي يعاني منها الطالب المبتعث بعد عودته هو وجود الكفالة العقارية او كفالة الموظفين والتي لايمكنه رفعها الا بعد خدمته لضعف مدة الدراسة وبذلك يبقى العقار المرهون او الموظفين الكفلاء في انتظار مدد طويلة من اجل رفع الكفالة عنهم وهم متفضلين اصلا في موضوع الكفالة وان بعض الكفلاء يضغط على الطلبة المكفولين بشان الكفالة لرغبتهم في كفالة اشخاص اخرين ومن المعوقات الاخرى هو عدم الجدية لدى بعض المؤسسات في الاستفادة القصوى من الطلبة المبتعثين العائدين والاستفادة من خبراتهم المكتسبة وافكارهم الجديدة لتطوير المؤسسة وانتاجيتها وخدمة المجتمع حيث ان البعض لايزال متخوفا من اي خبرات او افكار جديدة يطرحها الطلبة المبتعثون العائدون للوطن وقد تتضارب احيانا مع بعض المصالح او قد يكون هنالك نوع من التحسس لدى بعض خريجي الداخل من خريجي الخارج بدلا من ان يستفيدوا من شهاداتهم وخبراتهم المكتسبة وهو الهدف الاساسي من الابتعاث
ان جميع هذه الصعوبات والمعوقات تتطلب تعاون جميع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها دائرة البعثات والملحقيات الثقافية في الخارج لتذليل جميع العقبات وتوفير الدعم المالي والمعنوي للطلبة المبتعثين ليركز الطلبة على دراستهم واختصار جميع الاجراءات الروتينية التي تخص الطلبة المبتعثين وعوائلهم ابتداء من مرحلة الترشيح ومن ثم مرحلة الدراسة في الخارج والى مرحلة الحصول على الشهادة والعودة لخدمة الوطن والمساهمة في نهضة العراق العلمية والبشرية والاقتصادية والحد من ظاهرة تسرب الطلبة المبتعثين وعملهم في الدول الاجنبية
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=101186
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19