• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 5 ) حقيقة الإجتهاد والتقليد .
                          • الكاتب : ابو تراب مولاي .

بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 5 ) حقيقة الإجتهاد والتقليد

في هذه الحلقة نبغي تسليط الضوء على المعنى الحقيقي للإجتهاد والتقليد كي يكون الإنسان على بصيرة في ذلك ، مزيلاً من ذهنه كل ما من شأنه تزييف الحقائق وتضليل الرأي الفردي والجمعي ! 

الإجتهاد
عُرّف الاجتهاد بأنه : استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي !!!
ولكنّ القرآن الكريم يحكم ببطلان هذا المعنى حيث يقول : {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} . ولأجل هذا ثارت ثائرة المحدّثين ( الإخباريين ) ووصفوا الإجتهاد بأنه #بدعة وحرام ..!

إلا إنّ الحقيقة أنّ هذا التعريف هو تعريف أبناء العامة للإجتهاد ، لأن العامة يعتبرون  الظن حجّة شرعاً لانسداد باب العلم بالأحكام عندَهم .

وأما الإمامية - أنار الله برهانهم - فإن معنى الإجتهاد عندهم ليس كما عند العامة ( لأن الظن العام ليس حجة عندهم لعدم انسداد باب العلم والعلمي بفضل أهل البيت ع ) .. 
فقد قال الإمام الخوئي ( قدس ) : 
فالصحيح أن يُعرّف الإجتهاد بتحصيل الحجة على الحكم الشرعي . التنقيح ج١ ص ١٠ . 
وبحسب هذا التعريف يكون الاجتهاد بعيدا كل البُعد عما وصفه مَن لا يرتضيه ، بل هو الطريق الطبيعي والعقلائي للحصول على الحكم الشرعي من الكتاب والسُّنّة . 

فليس الإجتهاد عندنا هو الإفتاء وفق الظن العام .
وليس الإجتهاد عندنا هو الإفتاء وفق القياس والاستحسان الذي كان يعمل به أبو حنيفة .
بل الإجتهاد عندنا هو الإفتاء وفق الحجة المحصّلة من #الكتاب و #السنّة و #العقل_القطعي ( وحكم العقل القطعي كحكمه بأن مقدمة الواجب واجب ، لعدم إمكان تحصيل الواجب إلا بمقدمته فوجبت المقدمة ) .
وهذا المعنى للإجتهاد مما لا شبهة ولا ريب في مشروعيته بل وجوبه العقلي إذ لا يمكن الحصول على الأحكام التكيفية إلا به .
قال الإمام الخوئي (قدس) :
إن الإجتهاد بمعنى تحصيل الظن بالحكم الشرعي كما يراه المحدّثون بدعة وضلال ، إلا أن الأصوليين لا يريدون إثباته وتجويزه ولا يدّعون وجوبه ولا جوازه بوجه ، بناءاً على عدم تمامية مقدمات الإنسداد - كما هو الصحيح - وأما الإجتهاد بمعنى تحصيل الحجة على الحكم الشرعي فهو أمر لا يسع المحدّث إنكاره وهو الذي يرى الأصولي وجوبه ، فما أنكره المحدّثون لا يُثبته الأصوليون كما أن ما يريد الأصولي إثباته لا يُنكره المحدّثون ( وهو تحصيل الحجة على الحكم ) إذن يظهر أن النزاع بين الفريقين لفظي راجع إلى التسمية فإن المحدث لا يرضى بتسمية تحصل الحجة إجتهاداً وأما واقعُهُ فكلتا الطائفتين تعترف به كما مر . التنقيح ج١ ص ١١ . ١٢ . 

فلو قيل : إن الفقهاء فسروا الاجتهاد في رسائلهم العملية بأنه مَلَكَةٌ يُقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي . وهذا التعريف غير ما ذكرتموه لنا .
قلنا : إن التعريف الذي ذكروه في الرسائل العملية هو الإجتهاد النظري ، فإذا وصل العالم إلى هذه المرحلة يكون مجتهداً من الناحية النظرية والعلمية ، أما اذا أعمَلَ هذه النظرية في الخارج وبدأ بالبحث عن الأحكام في مظانِّها وأفتى وفق الحجج المحصلة لديه فسيكون مجتهداً من الناحية التطبيقية والفعلية وهو الإجتهاد العملي الفعلي ( وهو تحصيل الحجة على الحكم الشرعي ) وإليه يستند التقليد .
والإجتهاد النظري مقدمة للإجتهاد التطبيقي الفعلي إذ لا يمكن للفقيه أن يفتي إلا إذا حصلت له تلك الملكة .

الإجتهاد_متى ؟
ومما تقدّم يُعلم أن الاجتهاد بمعنى تحصيل الحجة على الحكم الشرعي لم يكن وليدَ العصور المتأخِّرة بل هو معاصر لزمن النص الشرعي وذلك لأن أصحاب الأئمة (ع) وثقاتهم كانوا يُفتون الناس بما يحتاجونه ، مستندين في ذلك إلى الكتاب والسُنّة ولم يكونوا رواةً فحسب ، لأن الراوي وظيفته نقل الأحاديث فقط من دون أن ينظر فيها ، بينما كان أصحاب الأئمة (ع) يُفتون وينظرون في الأدلة ( والنظر - على الأقل - هو الفحص في الأدلة الشرعية والمقارنة بين عامّها وخاصها وما شاكل ليستنتج حكماً شرعياً ) كما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة عن الامام الصادق (ع) ... قال : ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا و "نظر" في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً  .
فهذه الرواية تشترط النظر ولا تكتفي بأن يكون الإنسان راوية . 
وقد أمر الإمام الباقر (ع) أبان بن تغلب بالإفتاء لا بالرواية كما في رواية النجاشي ( وقال له أبو جعفر ع : اجلس في المسجد وافتِ الناس ، فإني أحب أن يُرى في شيعتي مثلك ) .
نعم ....
كلمّا ابتعدنا عن عصر النص زاد الجهد واحتجنا إلى بذل المزيد منه لأجل أن نفهم كلام المعصوم ، فمثلا إن أبان بن تغلب لا يحتاج الى دراسة فنون اللغة وأمثالها لأن لسانه كان مستقيماً خلافاً لحال طلبة اليوم الذي اختلطت فيه الألسن .. وهكذا لا يحتاج الى دراسة علم الرجال لأن النص يتلقّاه بلا واسطة أو بواسطة قريبة ، بينما علماء اليوم يبذلون الجهد الجهيد 

من أجل معرفة أحوال رجال الرواية كي يأخذوا من الثقة ويتجنبوا الوُضّاع وهكذا .. وأما جوهر الاستناد في الفتوى على المعصوم فهو واحد ، فكل ٌ- سواءٌ أبان بن تغلب أم المرجع الخوئي - يعتمد على النص الشرعي .

التقليد
وبناءً على ماتقدّم يكون معنى التقليد الحقيقي هو رجوع الجاهل ( الجاهل بالحجة الشرعية على الحكم الشرعي) إلى العالم والعارف بها . 
وهذا المعنى للتقليد يقرّه العقلاء ولا يختلف عليه اثنان بعد عدم إمكان تحصيل الحجة على الأحكام من قِبَلِ العامي كما بينّا ذلك مفصّلاً في الحلقة الثانية فراجع .

وقد تسأل : إنه قد تبيّن لنا أن الإجتهاد عند الإمامية لا مشكلة فيه ويتوافق مع منهج أهل البيت ع . ولكن يبقى في النفس شيء من اعتماد الفقهاء على علم الأصول الذي شنّع عليه الإخباريون ونسبوه إلى غير مدرسة أهل البيت ع ! فهل لكم أن تُطلعونا على حقيقة الأمر فيه ؟

الجواب : إن علم الأصول لا يفرق عن علم الفقه فكلاهما عن أهل البيت ع . وذلك يحتاج إلى تفصيل يأتي بإذن الله تعالى في الحلقة السادسة .

لمتابعة بقية الحلقات أضغط هنا 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=100054
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 08 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18